الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الإنصاف ذلك الخُلُق المفقود

الإنصاف ديننا وسنة نبينا وهدي سلفنا؛ فاستقيموا يرحمكم الله

الإنصاف ذلك الخُلُق المفقود
هشام توفيق
الأربعاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٥ - ١٠:٣٦ ص
1937

الإنصاف ذلك الخُلُق المفقود

كتبه/ هشام توفيق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

هذا هو الجزء الرابع والأخير مِن مقال «الإنصاف» نتحدث فيه عن السلف بعد حديثنا عن الإنصاف في الكتاب والسنة، فلقد ابتليت هذه الأمة في هذا الزمان بعدم الإنصاف وقلة العلم وسوء الأدب -إلا مَن رحم ربي عز وجل-، وتلك وقفات مع هذا الخلق الجميل، نُذَكِّر بها الجاحدين المعاندين، ونُبَشِّر بها السائرين على الدرب القويم السالكين سبيل المنصفين، قال ابن عبد البر: «مِن بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومَن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم»، وقال الإمام مالك بن أنس: «ما في زماننا شيء أقل مِن الإنصاف»، وقال الحافظ ابن عبد البر: «المؤمن وإنْ أبغض في الله لا يحمله بغضه على ظلم مَن أبغضه»، وقال المناويُّ: «الإنصاف والعدل توأمان نتيجتهما علوّ الهمّة وبراءة الذمة باكتساب الفضائل وتجنُّب الرذائل»، وقال الحسن البصري: «المؤمن وقَّاف حتى يتبيَّن»، ويقول الذهبي في ترجمة قتادة: «وكان يرى القدر نسأل الله العفو؛ ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يُسْأَل عما يفعل، ثم إن الكبير مِن أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلـله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة مِن ذلك»، ويقول: «ولو أننا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفورًا له قمنا عليه وبدَّعناه وهجرناه؛ لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله مِن الهوى والفظاظة»؛ فنماذج الإنصاف عند السلف أكثر مِن أن تحصى أو تُعَد؛ لأن الإنصاف كان لهم خُلُق أصيل وطبع حميد، فمنها: أن رجلُا سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «أتحبني؟» قال: «لا والله لا أحبك»، قال: «هل يمنعك بغضك لي مِن أن تعطيني حقي؟» قال: «لا والله»، قال: «إذًا إنما يأسف على الحب النساء»، وسأل رجل عليًّا رضي الله عنه عن مسألة فقال فيها، فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا، فقال علي: أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم. وعن سفيان بن حسين أنه قال: «ذكرت رجلًا بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي وقال: أغزوت الروم؟ قلت: لا، قال: السند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفيسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم؟!» وقال يونس الصدفي: «ما رأيت أعقل مِن الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى؛ ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة»، ولما دخل الصليبيون القدس ذبحوا سبعين ألفًا في ليلتين، فلما فتح صلاح الدين القدس جاءته امرأة مِن أهل القدس فقدت ابنها، فوقف ولم يجلس حتى أعادوا له ابنها .. الإنصاف ديننا وسنة نبينا وهدي سلفنا؛ فاستقيموا يرحمكم الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

تصنيفات المادة