الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

السلفية ومناهج الإصلاح - 19

نحن نختار الجانب السلمي الذي لا يتضمن تنازل عن أصول عقدية

السلفية ومناهج الإصلاح - 19
عبد المنعم الشحات
الاثنين ١٠ أغسطس ٢٠١٥ - ١٠:٣٢ ص
1497

السلفية ومناهج الإصلاح

الشريط التاسع عشر

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

ثم أما بعد ،،،

ما زلنا في الكلام على السلفية ومناهج الإصلاح ، وقد تعرضنا لأبرز ثلاثة اتجاهات موجودة على الساحة بجوار الدعوة السلفية ، تكلمنا على من يسلكون السبيل البرلماني وتكلمنا على من يرون حتمية المواجهة العسكرية ، وتكلمنا على من يفضلون العمل الفردي .

وهذا في حد ذاته إذا كان قد نقضنا هذه الاتجاهات الثلاثة فيمكن أن تخرج استنباطاً من هذا بأن الدعوة ترى أن الإصلاح في البلاد التي اسم الإسلام فيها ظاهراً وغالب أهلها مسلمون ويحكمهم من هم من المنتسبين إلى الإسلام الذين يصرحون بأنهم مسلمون ويحبون الإسلام ويحترمون الإسلام ، حتى وإن كانوا قد نحوا الشريعة أو طبقوا العلمانية وغيرها فإن هذا من ناحية الحكم عليهم توجد شبهات في غالب الأحيان تمنع من تكفير الأعيان ، ومن جهة الإسلوب المثالي في بيئة كهذه وهي بيئة غالب أهلها مسلمون هي الحفاظ على دماء المسلمين وأموالهم وهي البيئة المتاحة لقبول الدعوة نتيجة أن الناس معظمهم على الإسلام بفضل الله تبارك وتعالى ، ومنهم من يحتاج إلى ثقل فهمه بالإسلام ليلتزم به ومنهم من يحتاج إلى أنواع من الدعوة والبيان .

إذن فالخيار ليس هو خيار المواجهة المسلحة لعدة اعتبارات سبق ذكرها ومجملها أن هذا اعتداء على أموال المسلمين من عوام المسلمين بل وممن يترأسون على المسلمين في هذه البلاد ممن لم يثبت في حقه تكفير الأعيان لوجود شبهات ، ولاسيما مع وجود أن غالب هذه المواجهات لا تؤدي إلا إلى حمامات دم بلى وجود دعوة فتتوارى الدعوة وتختفي إلى نوع من عمليات الكر والفر ، ويغيب ما يسمى الدعوة ذاته ، الدعوة هي البيان والإرشاد والتوضيح ، والمظلة الآمنة للدعوة في بلاد المسلمين حتى وإن وجد تضييق فإنها تظل أفضل بكثير في حالة سلوك الدعوة للمسلك السلمي عن سلوكها لمسلك المواجهة .

وسبق التنبيه أننا نقول أننا نختار في بلاد المسلمين أن تكون الدعوة سلمية ولكن البعض أحياناً يبالغ في طلباته من باب أنه يريد أن نعطيه الأمان أو نعطي للعلمانيين الأمان بأن نشطب على مسمى الجهاد من قاموسنا

نقول أن هذا لا نملكه ، أي لا نملك هذا الخيار لأن الجهاد موجود في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولأنه خيار مطروح ومقتضى قياس الأمور الشرعية هو الفتوى التي يفتى بها المسلمين في فلسطين وأفغانستان وفي العراق والشيشان وغيره ، ونحن لا نتكلم كلاماً محلياً ، بل نتكلم عن دين الله تبارك وتعالى ، فنذكر الحكم كحكم ثم نطبقه على الواقع ، فالحكم أن الجهاد موجود له صراطه وسبيله وله شروطه ومقتضى تطبيق هذه الشروط أن نقول أن البلاد التي ذكرناها لما فيها من استعلان الكفر وظهوره ووضوحه وعدم وجود هذا الاختلاط أو اللبس أو الشبهة فنقول أن الجهاد هو السبيل الشرعي في هذه البلاد .

في بلاد المسلمين الأخرى نقول أن السبيل المشروع هو الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .

إذن فنحن نختار الجانب السلمي الذي لا يتضمن تنازل عن أصول عقدية ، لأننا ذكرنا أن الجانب البرلماني إذا دخلته فلابد أن تقر بأن الديمقراطية من الإسلام ولابد أن تداهن في قضية الولاء والبراء وقضية ولاية الكافر وقضية المرأة وقائمة طويلة من التنازلات لابد من تقديمها ، فإذن نحن نختار سبيل الدعوة السلمية بالأساليب التي لا تتضمن مداهنة حتى وإن كانت أقل ظهوراً وأقل وضوحاً لدى الناس كصوت ، ولكن كمنهج ستكون أكثر وضوحاً ونقاءاً وتربية للناس على دين الله تبارك وتعالى .

فإن هي دعوة سلمية بعيداً عن الطرق التي يفرض على من يسلكها الإلتزام أو الإقرار أو الاعتراف بما يخالف شرع الله تبارك وتعالى ، وهي في ذات الوقت دعوة علنية ، ونحن نقول ونؤكد أن الدعوة علنية ، وهذا الاختيار نابع من أن مسمى الدعوة يعني الإعلان ، فلابد أن صاحب الدعوة أن يعلن عن نفسه وأن يصدع { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } فلابد لصاحب الدعوة أن يصدع بها وأن السرية عارض استثنائي إذا ما كانت الدعوة متى ظهرت استئصل الداعي فلا يوجد داعي ولا دعوة .

إذن نحن نقول أن الدعوة سلمية علنية كاختيار لواقع بلاد المسلمين الآن .

أيضاً لا نستطيع أن السرية جريمة نحذفها من تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم ، نقول أن هذا اختيار كان يفتى به السملين في روسيا أبان الحكم الشيوعي وقد يفتى به المسلمون في أي مكان حال كان الداعي ليس فقط عرضة لقدر من الابتلاء أو التضييق وإلا فإنه يجب عليه أن يتحمل هذا الأمر في سبيل أن يصدع بالدعوة ، ولكن قد يكون الأمر أنه غير مسموح مطلقاً في بعض المجتمعات بمجرد القول بأنه مسلم أو غير مسموح أن يحفظ القرآن أو أن يتعلم القرآن .. إلى غير ذلك من الأحوال

نحن دعوة سلمية علنية كنوع من تطبيق الأحكام الشرعية على الواقع الذي نعيشه .

تتجنب الإملاءات التي تملى على الدعاة للتنازل عن شيء من دين الله تبارك وتعالى ، فأي مجال يمكن أن يتصور أنه مجال للدعوة لكن هناك جواز مرور بالتنازل فنقول أن الدين دين الله وهو ناصره .

ذكرنا أن خلاصة النقاش مع بعض الجهات الإسلامية التي تتبنى الحل البرلماني تجد أن هناك نوع من الدور في الكلام

عندما نقول لهم ما دليلكم على دخول الانتخابات البرلمانية ؟ يقولون : مجال من مجالات الدعوة ويأتون بالأدلة العامة في أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوب الدعوة إلى الله . نقول لا بأس ونحن لا نرى أن وسائل الدعوة توقيفية ، بل أي وسيلة مباحة ، فهذا هو القيد ، لأن بعض الاتجاهات السلفية ترى أن وسائل الدعوة توقفية ولكننا نقول أن أي وسيلة مباحة يترتب عليها مصلحة دعوية هي من وسائل الدعوة الشروعة التي يشرع للدعاة أن يأخذوا بها وجوباً أو استحباباً بحسب الأحوال ، ولكن نقول نحن متفقون على وجوب الدعوة إلى الله في الجملة ، ولكن الخلاف في وسيلة ما من وسائلها التي هي الانتخابات البرلمانية ، فنحن نقول أن هذه وسيلة طالما أنه سيشترط علينا قبل أن ندخلها أن نتحالف مع الأحزاب العلمانية ، وسبق أن أشرنا إلى الفرق بين أن تتحالف مع غير المسلم على حق شرعي وبين أن يكون الشيء الذي تتحالف معه بالنسبة لك أنت حقاً شرعياً ولكن بالنسبة له منكراً وأنت تعينه عليه . فهم يقولون نحن نتحالف للحصول على حرية الدعوة وهذا من الحقوق الشرعية ، فهنا يوجد قدر من اللبس ، فعندما يتحالف مع الأحزاب العلمانية من أجل حق شرعي وهو حرية الدعوة ، فأنت تحالفت على  أن تحصل أنت حرية الدعوة للإسلام وأن يحصل هو على حرية الدعوة إلى الشيوعية أو الاشتراكية أو اللبرالية ، فإذن هذا الحلف سينتج منه أنك تدعوا وتدعم وتفرح عندما تحصلا معاً على حق الدعوة والتي من المفترض ان يكون من برنامج الإسلاميين منع الدعوة إلى الاشتراكية والديمقراطية وإلى كل ما يخالف دين الله تبارك وتعالى .

فنقول أن هذه الوسيلة التي يسلكها هؤلاء الإخوة ليست وسيلة مباحة لأنها تتضمن المداهنة في الدين ولأنها تتضمن الإقرار بالباطل والتعاون على المنكر إلى غير ذلك مما سبق ذكره مفصلاً ، فنحن نقول أن الدعوة سلمية علنية كاختيار وفق هذا الواقع ترفض وسائل الدعوة التي تتضمن مداهنة وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية وترى وجوب إقامة ما يمكن إقامته من صور المجتمع المسلم .

وهذا يخالف من يرون العمل الفردي ، بمعنى أن من ضمن الأهداف التي نسعى إليها محاولة إيجاد الصورة التي ندعوا إليها قدر الإمكان فيما نطيق أن  نوجده ، نحاول أن نجعل المسجد أو أي مكان نتواجد فيه أقرب ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً من الصورة الإسلامية التي كان ينبغي أن تكون .

فيكون المسجد تقام فيه الشعائر على السنة ، وهذا يحتاج إلى ترتيب وإعداد .

فهذا لو أنك أخذت بطريقة أنه طالما أننا قد أخذنا من ثنايا ما طرحناه في المناهج الأخرى أنه سيكون الاختيار يسير في هذا الطريق .

فعرض هذا الاختيار قد يختلف ويتفاوت حسب طريقة العرض .

وصار البحث هنا أن المنهج الذي نراه يتضمن تربية الأفراد وإقامة ما يمكن إقامته من صورة المجتمع المسلم إلى أن يمن الله تبارك وتعالى على الأمة بأن يكون المجتمع الكبير الذي نعيش فيه تحكمه شريعة الإسلام في جميع نظمه وأحواله .

إذن هناك أهداف بعضها وسائل متاحة وبعضها وسائل بقدر الله تعالى .

الأهداف ثلاثة أهداف :

على المستوى الفردي إيجاد الفرد المسلم

ثم على المجتمع في هذا الظرف الراهين محاولة إيجاد الطائفة المؤمنية وإيجاد صورة أقرب ما تكون قدر المستطاع إلى صورة المجتمع المسلم الذي تحكمه شريعة الإسلام وتحكمه تصورات الإسلام .

فإذن هذا يكون من الآن والدعوة تسير في طريقها تريد أن يكون المسجد شيء أساسي وصورة مما ينبغي أن يكون عليه المسجد الملتزم بدين الله تبارك وتعالى يسد الثغرات الممكنة داخل المسجد وفق السنة من إقامة الشعائر ومن تعليم دين الله تبارك وتعالى وفض المنازعات بين الناس والقيام على حقوق الفقراء والمساكين وأن تقوم جميع المساجد بهذا الدور الذي تستطيع أن تقوم به ، بالإضافة أن تكون الحياة بصفة عامة محاولة تقليل الشر والفساد في جميع مظاهر الحياة  .

إذن نتكلم على إيجاد الفرد المسلم وإيجاد الطائفة المؤمنية

الأمر الثالث : أن الهدف الذي هو محصلة الهدفين الأولين أن يتحول المجتمع ككل إلى مجتمع يعتمد هذا المنهج ويكون من ضمن أهدافه إخراج أفراده وفق هذه المعايير وان تحكمه الشريعة الإسلامية في جميع مناهجه وتصوراته على الأمر الذي ذكرنا ، والعمل بالهدفين الأولين هما السبيل إلى الوصول إلى الهدف الثالث بلا خطة زمنية ولا اشتراط على الله تبارك وتعالى .

هذا هو العنصر الثالث لأن البعض أحياناً يكون مولع بالكلام على التخطيط والإدارة ، وهذا كلام لا بأس به بل هو من جملة الوسائل ولكن البعض ينقل أمور عن الكفار وهو لا يدري أنها لا تناسب المسلمين ، والبعض ينقل أمور عن الأنشطة التجارية وهو لا يلتفت إلى أنها لا تناسب أمور معتمدة على هداية من الله تبارك وتعالى وعلى تغيير القلوب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد )

فهذه القضية لا يستطيع الدعاة إلى الله بل ولا الأنبياء أنفسهم أن يتوقعوا متى سيحصل قبول عام لدين الله تبارك وتعالى .

هذا الحديث نحن نحتج به أنه لا يمكن للداعي أن يتوقع خطط للاستجابة .

وحتى من يخطط للأمور الدنيوية وارد أن يجد بعض الصعوبات ، ولكن في الجملة هي أمور قابلة للتوقع والحساب لأنها أمور مادية في الجملة .

لكن هنا أنت تتكلم على تغير القلوب واستجابة القلوب التي يمكن أن تحدث بين عشية وضحاها ويمكن ألا تحدث أصلاً كالنبي الذي يبعث وليس معه أحد .

بل أننا بفضل الله تبارك وتعالى معنا وعد من الله تبارك وتعالى من نصرة هذا الدين وهناك بعض الوعود التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لا تنطبق على حالات الفتوحات الإسلامية الأولى مما يؤكد أن زمنها لم يأت بعد ، فإن هذا مما نستبشر به في الجملة ، رغم أن الداعي إلى إلى الله من ضمن الاختيارات الممكنة أنه لا يستجيب له أحد لا يجز له أن يتوقف ولا أن يغير مصار الدعوة لأنه يعامل الله تبارك وتعالى ، فالدين دين الله ، وكل إنسان له نفسه في النهاية ، فهل الدعاة إلى في النهاية ينظرون إلى أنفسهم ؟ نعم ، فأنت تنظر إلى نفسك أنك ستسأل هل بلغت غيرك أم لا ولكنك لا تسأل هل غيرت قلبه أم لا .

فإذن في النهاية كل إنسان سيقف أمام الله وحده ، ولكن ليس بالنظرية التي يقولها البعض أنه يقوم بالعبادات التي تخصه ولا شأن له بالآخين . بل لا شأن لك باستجابة الآخرين ، ولكن الشأن في عملك أنت . ودعوة الآخرين هو عملك ، ودعوة الآخرين خطاب شرعي موجه إليك أنت .

وإلا فمن المسلمات في دين الله تبارك وتعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } ومن المسلمات أن الخطاب الشرعي موجه إلى المكلف في فعله . وهذا ما ندرسه في أصول الفقه أن المحكوم عليه هو المكلف والمحكوم فيه هو فعله .

فإذن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخرج ولا يشذ عن هذه القاعدة التي هي أنك مكلف بأمور تريد أن تقوم بها ولو أنك مخاطب بها على سبيل الاستحباب فهذا داخل في التكليف . إذن هذا مجال لمجال الثواب والعقاب فأنت تريد أن تحصل عليه ولا علاقة مطلقاً لذلك بفعل الآخرين .

هذه الصورة العامة لهذه القضية .

ننظر ماذا يقول لنا البحث :

يقول : وقبل أن نطرح تصورنا في التغيير نقرر أن واقعنا لا يزال أصغر بكثير من منهجنا وأن حالنا أبعد مما نعلم أنه يلزمنا أن نكون عليه لكن الواجب النصيحة والأمر أن يكون الجميع على الطريق المستقيم ولو كان سيره بطيئاً لا خارجاً عنه ، المهم أن يكو الجميع على الطريق المستقيم ، فلو أن الخيارات بين السرعة والبطأ على الطريق المستقيم فنختار السرعة ، ولكن إذا كان تسير في الاتجاه الصحيح ببطء أم تنحرف بسرعة فنختار السير ببطء ، بل لو أن الاختيار بين الوقوف على الصراط المستقيم أم الانحراف ببطء نختار أن نقف على الصراط المستقيم ، وهذا دائماً ما ننصح به ونقول لو أننا افترضنا جدلاً أن داعية ما أو نشاط دعوي ما مخير إما بالتوقف تماماً وإما بالتحريف والتبديل فالتوقف هو الخيار الوحيد الذي لا يقبل التردد ولا الشك .

والأمور تحتمل كثير من البسط ليس هذا مجاله .

يقول : " والأمل في أن يكون الجميع عل الطريق المستقيم ولو كان سيره بطيئاً لا خارجاً عنه وهو الذي يدفعنا إلى هذا  الطرح .

فمنهج الدعوة السلفية يمكن تلخيصه في الآتي :

أولا : الدعوة إلى الإيمان بمعانيه وأركانه كلها في معرفة الله بأسمائه وصفاته والتعبد له بها وتوحيد الربوبية والإلوهية والكفر بالطاغوت ومحاربة الشرك في كل صوره القديمة والحديثة من شرك القبور والخرافات وشرك الحكم والولاء وغير ذلك وكذا الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر وما يتبع ذلك من قضايا الاعتقاد في الصحابة ومسائل الإيمان والكفر وتحقيق الاتباع للسنة ومحاربة البدعة وتقرير مناهج الاستدلال وتحقيق التزكية عبادة وخلقاً ومعاملة ، السير في طريق الدعوة وإقامة الدين وإعلاء كلمة الله في الأرض وكل هذه على وفق منهج أهل السنة والجماعة إجمالاً وتفصيلاً .

إذن نتكلم أولاً في إيجاد الفرد المسلم :

قد يكون هذا الهدف ـ إيجاد الفرد المسلم ـ هدفاً مشتركاً بين جميع الاتجاهات الإسلامية حتى الاتجاهات التي ذكرناها ممن نخالفها ، ولكن يبقى التفاصيل تحت هذا العنوان ، وهي تفاصيل في غاية الأهمية أن ندركها وأن ندرك الفروق الجوهرية في المثال الذي يراد أن يوصل إليه ، وبعض الأمور لها متعلق بالبعض ، فيمكن أن يكون اختيار في قضية ما يؤثر على اختيار في قضية أخرى ، فاختيار طريقة التغيير يؤثر بلا شك أن اختيار منهج التربية الفكرية ، فالذي يختار الحل البرلماني قد يكون الصياغة الفردية عنده هي الشخص القادر على تنفيذ هذا الحل ، وأي اتجاه سوف تجد أنه لا يمكن أن يسوي بين الدعاة وبين المدعويين ، ولكن في النهاية سيظل الهدف الحاكم لاختيار الشخصية وطريقة تربيتها نابع من الاختيار الكلي للاتجاه ، فمثلاً أصحاب الحل البرلماني سيكون عنده طموح عام يطالب به الجمهور وعنده إعداد خاص لمن اقتنع بمنهجه وصار فرد عامل في هذا المنهج يوظف طاقاته من أجل نشر هذا المنهج .

أصحاب الحل البرلماني عندما يحدثون العوام يريدون منهم أن يكونوا ذوي عاطفة إسلامية فيفعلون الفرائض ويتجنبون الكبائر ويؤمنون بالحل الإسلامي في الجملة ، بالتالي ستأتي إلى قضية وهي أن هناك تفاصيل كبيرة جداً في حياة الناس يشق عليهم تركها .

ما هو التصرف الأمثل في هذه القضية ؟

ستجد أن أصحاب الحل البرلماني يرون عدم مصادمة الناس بهذه التفاصيل ومحاولة استخراج أعذار أو رخص أو تتبع رخص العلماء من أجل عدم تعسير الالتزام على الناس .

ونحن نقول أننا نتبع دين الله تبارك وتعالى ودين الله هو اليسر وما زاد عنه في إلزام الناس بما لا يلزم تشدد ، وما نزل عنه تسيب ، فإذن لا يصح هاهنا بحال من الأحوال بأن الدين يسر أو بأن خير الأمور الوسط .

فالذي يأتي ويقول لا داعي للكلام على ستر الوجه والكفين لا وجوباً ولا استحباباً حتى لا تعسر على الناس .

نقول أنه بنفس المنطق يوجد من يقول له ادعو إلى الحشمة إلى أن نصل إلى من يرون أن ملابس البحر أفضل من العراة

فطالما أن القضية ليست قضية لباس البحر من عدمه طالما أن هذا مقيد في مكان يستحم فيه الناس والمبرر واضح ، فليس المبرر إغراء ولا دعوى إلى رذيلة طالما أن المبرر واضح ، ويقول إن كان الغرض هو تعريض الأجسام للشمس والاستمتاع بها وكل في شأنه ...

فكل هؤلاء سيرفع نفس اللافتة ، وبالتالي لا يجوز أن نحول الثوابت إلى أمور نسبة كل يراها من زاويته .

فإذن ستجد أن الذي اختار الحل البرلماني سيكون من ضمن ما يضعه نصب عينيه في هذه المسألة محاولة الترخص حتى لا يظلم الناس ، لأن العلمانيين يستعملون سلاح أن يقولون للعوام لو اخترتم هؤلاء المتطرفين عندما يكونون أقلية يقدمون الخدمات وغيرها ولكن إذا كانوا أغلبية فيستطيعون بهذه الأغلبية أن يفرضون الحجاب وأن يمنعون السنيما وأن يمنعون الموسيقى والأغاني ، فكان البديل لن نمنع شيء من هذا

فيأتي لطائفة معينة ويقول أننا لن نستعمل سلطتنا متى وجدت لمنعها ، وهذا إخلال بواجبات الإمامة الشرعية ، وأنت تقول أنك تريد الولاية الشرعية ثم تعد الناس أنك متى حصلت عليها لن تلزم العصاة بالامتناع ، ويقول على مجموعة كبيرة من التصرفات أنها ليست منكرات أصلاً فليس في النية منعها بأي صورة من الصور ، ثم تجد أنه من باب تقديم حسن النية مبكراً البدء في تطبيقها وهم ما زالوا أقلية ، ولذلك أحيان كثيرة يسدد الإسلاميون فاتورة شيء لم يحصلوا عليه قط ، وهي التنازلات التي تتم في قضية الولاء والبراء وقضية تحكيم الشريعة مع العلمانيين وقضية أن الإسلاميين سوف يرضون بل يرضون بنشر رواية " أولاد حارتنا " ونشر كذا وكذا ، فكل هذه فاتورة تسدد بلا مقابل .

بل حتى العوام الذين منحوك ثقتهم ، فلو قلت لهم أن الأغاني المرتبطة بموسيقى ستكون حرام جزماً لأن الحرمة تأتي من جهة الموسيقى ، وأن الأغاني الغير مرتبطة بجهة الموسيقى ينظر فيها . فلو قلت لهم على الاقل سيبقى من يفعل منهم المنكر وهو متأثم فلما يأتي شهر رمضان يمنع المنكر وعندما يذهب إلى الحج فتتحرك نفسه فيمتنع ، ولكنك قلت له لا بأس بكذا وبكذا فأنت قطعت عليه طريق التوبة ، وهذا الكلام يأتي ممن منحهم ثقته ويعرف أنهم يتحملون في سبيل الدعوة ويبتلون .. إلى آخره مما لا يوجد لديه مجال لأن يناقش هذه الأفكار مع نفسه .

فإذن تجد أن هذا اختيار في التربية الفكرية للشخص البعيد .

فنحن نريد منه أنه طالما مازال بعيداً أن يكون عنده عاطفة إسلامية مجملة .

فلو افترضنا أننا نتكلم في أهداف الدعوة ندعو البعيد إلى المنهج الذي فيه ترخص في الفتوى أما إذا اقترب من العمل يأخذ نوعية أخرى من الفتاوى .

فكان في وقت من الأوقات تجد بعض الاتجاهات الإسلامية تقريباً كل نساءهم منقبات ، والغير منقبة ترتدي ثوب سابع بلون داكن بخمار يضرب من الرأس إلى الجيب إلى غير ذلك مع تغير الفتوى التي تقدم إلى الجمهور البعيد من تحريك الشروط المتعلقة بقضية الحجاب التي بدأت تتحرك حتى داخل أوساط الدائرة القريبة لأن الذي يدخل الدائرة القريبة ما هو إلا شخص سمع لهذه الدعوة أو لغيرها واقتنع وبدأ يطبق ثم اقتنع بأنه لا ينبغي أن يقف عند هذه النقطة وينبغي أن يسعى لنشر هذا المنهج الذي اهتدى إليه وحينئذ لن تجد نقطة فاصلة فتقول عندها تخلص من فتاوى الترخص القديمة وخذ هذه الفتاوى الجديد ، لاسيما والدنيا فتوحة الآن ، ربما كان يسع قديماً لو أردت أن تتكلم في صحيفة فتقول أن هذه تصل إلى عامة الناس وإذا تكلمت داخل المسجد تقول أن هذه تصل إلى الجالسين في المسجد وإذا كتبت كتاب سوف ينشر في مكتبة كذا وسوف يذهب الإخوة المعنيين إلى مكتبة كذا ويشترون الكتاب . أما الآن أن تتكلم في المسجد حتى ولو كنت تتكلم أمام اثنين أو ثلاثة فيسجل الأمر ويوضع على شبكة الإنترنت وكأنك تكلم الدنيا بأسرها .

إذا ما نشرت كتاب فأيضاً تجد أن يتداول ولا يطلع عليه الأتباع فقط ولكن الأتباع والخصوم والمنتقضين إلى غير ذلك من القضية بدرجة لا تسمع باذدواج الخطاب .

اذدواج الخطاب مرفوض لديناً تماماً  ، ولكن بعض الاتجاهات كانت تجد في اذدواج الخطاب مخرج لمواجهة الضغوط ، فخطاب يوجه للأتباع فيه ولاء وبراء وقضية الحاكمية والاهتمام بها ومخاطبة بدرجة التزم قوية ورزينة لأن الأخ العامل لا ينبغي أن يتنازل عن هذه الدرجة ، وخطاب آخر موجه للعامة فيه نوع من أنواع التراجع على كل هذه الأصعدة ، فالكلام في الولاء والبراء يكون مغلف دائماً بالعدواة المادية مع اليهود ومع ترك النصارى لفطنة السامع .

وبالتالي اختار معظم أصحاب هذه الاتجاهات إلى أن يختار أقل الخطابات ويعممها ، وهذا التعميم يصل حتى إلى الأتباع ، وهذه قضية في غاية الخطورة .

نقول أن التربية الفردية عندما نقول لماذا تعد الفرد المسلم ؟ وسواء في الكلام على الفرد البعيد أو الفرد الذي يراد له أن يتنمي بعد ذلك ويعمل .

نقول بصفة عامة لابد أن يحدث قدر من الثقل والتربية الخاصة ولكن سيكون البعيد يأخذ فتاوى ترخص ويقال له طالما وجدت العاطفة الإسلامية فهذا هو غاية المراد مع القيام بالفرائض واجتناب الكبائر ومحاولة استخراج أكبر قدر من الرخص في المقابل أن تربية الفرد العامل سوف تكون على الكفاءة المتعلقة بتحقيق الهدف الأكبر وهو هدف المنازلة في الانتخابات البرلمانية ولها وسائل وطريقة إعداد ، فطالما وضع أن هذا على رأس قائمة الأولويات سيوضع في طريقة إعداد الفرد على راس قائمة الأولويات إتقانه لهذا العمل .

إذا نظرت مثلاً إلى اتجاهات المواجهة العسكرية تجد الأمر في منتهى الفداحة ، لأن التربية الفردية عنده تكون أحياناً يصل بها الأمر إلى أن يكون الأشخاص المستهدفة للاتجاهات التي طرحت مثل المواجهة العسكرية ، فأين تجد بيئة دعوته ؟ تجدها في الأفراد الذين يجيدون المشاجرات واستعمال الأسلحة  ، وهذا دائماً ما يكون نوع من الخلل مرتبط بمنكرات وجرائم وبروح عدوانية بصفة عامة ، وهذه النوعيات من الأفراد تجد لديها نقطة ضعف كبيرة وهي الشعور بأنه منبوذ ، وبالتالي إذا وجد من يحترمه ويدعوه ربما يستجيب استجابه سريعة ولكنها سريعة ظاهرياً أيضاً ، يعني ما زال لا يستطيع أن يتخلى عن السلاح الشخصي في جيبه ـ مطواه أو غيرها ـ ولا يستطيع أن يحل مشكلة بالتفاهم ولا يستطيع أن المشكلة الشخصية يكون رد العدوان بمثله والعفو يكون أفضل .

وبالتالي تجد حدوث مفاسد كبيرة جداً من جراء اعتبار نمط التربية الفردية .

وهذه الاتجاهات نفسها أنّت من هذا المسلك ،ولو كنا نتكلم عن الاتجاه الجهاد حتى قبل مراجعات الدكتور سيد إمام التي لم تحظى حتى الآن  بقبول عام لديهم ، فهم قرروا إيقاف العمليات قبلها لأن الاتجاه كان دائم الإنشطار على نفسه ودائماً السيف هو الحكم في أي خلاف فقهي أو إداري لأن هذه طبيعة الأشخاص .

فالتربية الفردية عنوان يتكلم عليه الجميع كأصل ، ولكن ما هي مقوماته ؟ ، مقوماته تختلف حسب الهدف العام .

إذا ذهبنا إلى الاتجاهات التي ترى العمل الفردي في الدعوة والتربية فسنجد نظرة أكثر تكاملاً لتشخصية الفرد ولكنها في ذات الوقت في جوانبه الفردية لا يحصل الفرد على أي تحفيز أو إضافة أو ثقل خبرات في إدارة الحوار أو في الأنشطة الدعوية المختلفة ، بل حتى في الجوانب الفردية أيضاً وكأن الفردية نزعة أثرت داخل الاختيارات . فبدل أن إعداد النماذج وأفراد صالحين هو غاية المراد صار عند معظم أصحاب هذه الاتجاهات مقومات الفرد المسلم غير مكتملة ، فالبعض يعتني بالعقيدة دون العبادة ، والبعض يعتني بالعبادة دون العقيدة ، والبعض بالأخلاق ، حتى عندما نأتي إلى العلم نجد هذا يتكلم عن الفقه وهذا يتكلم عن المصطلح ، ووجد نماذج غير مكتملة ،

وبالتالي نحن نقول بعد العرض الشامل الذي ذكرناه حول الاختيارات العامة في كل الاتجاه نقول أولى مراحل ما نراه كمنهج للإصلاح إعداد الفرد المسلم وإيجاد الطائفة المؤمنة ، فهذان الأمران يؤديان بإذن الله تبارك وتعالى لأن يكون المجتمع ككل مجتمع تحكمه شريعة الإسلام وتنبع تصورات أفراده مما هو في دين الله تبارك وتعالى بالطريقة التي يقدرها الله تبارك وتعالى للأمة ، وربما يحدث ذلك بين عشية وضاحها وربما يطول إلى ما شاء الله لها أن تطول .

إيجاد الفرد المسلم :

نحن نقول أننا نريد الشخصية المسلمة المتكاملة .

فربما هذا التتطواف مرة أخرى على الاتجاهات رغم أننا أشبعنا الكلام عليها قبل ذلك ولأننا نريد أن ننبه أن هذا هو عصب المنهج ، ليس إيجاد الفرد كنوع من التوظيف السريع في مواجهة عسكرية متلاحقة لا يكاد يوجد فيها وقت للاتقاط الأنفاس ولا هو إنتاج أفراد لملاحقة برلمانية متلاحقة ولكن هو إنتاج الأفراد لكي يمثل هؤلاء الأفراد نواة المجتمع المسلم وبالتالي إنتاج الأفراد هنا مطلوب فيه أن يكون إنتاجاً دقيقاً متقناً متكاملاً .

نكرر مرة أخرى ما سبق أن ذكرناه في ثنايا مناقشة أخرى دائماً ، نريد أن نفرق بين النظرية والتطبيق

بمعنى أن لو كان هناك من مذهبه النظري محذوف منه العقيدة في التربية الفردية أو محذوف منه العبادة الصحيحة والحذر من البدع أو موجود هذا ومحذوف الآخر ، فهو ابتداءً عنده خلل منهجي ، فنحن نقول أن البعض لديه تصور قاصر عن مقومات الشخصية المسلمة  ، لأن القضية أنك تمتلك نموذج تحاول أن تصل إليه عبر وسائل معينة ، فلابد أن يحصل انحراف وهذا الانحراف قد يأتي لقلة عدد المستجيبين أو طبيعة الناس ولكن لابد من  التأكد من مطابقة الأصل النظري للسنة وهل استغرقت وسعك في الأخذ بجميع الوسائل المتاحة المباحة . أما النتائج ليس عليك بها طالما بهذا القيد .

لكن أحياناً كثيرة يكون الانحراف في النتائج يرجع أن النموذج النظري غير منضبط أو تم تراخي كبير في تطبيقه وبالتالي حصل انحراف ، فهذه هي القضية .

فعلى طول الطريق وطول الخط لابد من المحاسبة والمراجعة ، وكل المبادئ التي نقولها على المستوى الفردي مطلوبة على المستوى الجماعي

فكان الإنسان يحاسب نفسه هل صلى الصلوات الخمس أم لم يصلي وهل غض البصر أم لم يغض ، وعلى المستوى الجماعي هل حصل بالفعل تنمية على الأفراد وتطبيق للمنهج أم لم يحصل ، وإذا كان حصل خلل في جانب ما فما هو السبب ، وهل من وسيلة إذا اعتبرنا أن هذا مرض فهل من وسيلة في علاج هذا المرض ؟ ،

ولأن المناقشات قد يحصل فيها جانب من جوانب الانتصار للنفس أو نحو ذلك فتجد البعض عندما تقول له نحن ندعوا الآخرين إلى أن يعيد توصيف صفات الشخصية المسلمة التي يريد تكوينها ، فمثلاً اتجاه مثل اتجاه التبليغ نقول له أنك تذهب إلى إنسان مسلم عاصي يجلس على مقهى وغرضك أن تدخله المسجد فدخل المسجد وانتقل من ترك الصلاة إلى الصلاة وترك بعض المنكرات الظاهرة ، فالخطوة الثانية مباشرة أن يدعوه إلى الخروج معه ليمارس هذا الدور مع غيره . فإذا استجاب كان هذا هو غاية المراد . فهذا الشخص تجاوز كل مراحل التربية وأهدافها لدى جماعة التبليغ ويمكن أن يظل طوال عمره تسأله أين الله يقول في كل مكان ، ويمكن أن يظل طوال عمره لديه أموال يدخرها في بنك ربوي  ، ويمكن ويمكن ويمكن ... إلى آخر ما تتصور . ف

النصيحة الموجهة لهذا الاتجاه أن ما يضعونه كأسس لإنتاج الشخصية المسلمة الصالحة من وجهة نظرهم غير كافية بل أقل من المطلوب بكثير ، سواء على المدعو أو مستوى المدعي العادي ، فالمدعو عندهم ينتهي أمره إذا دخل المسجد ، والفرد العامل يضاف على المدعو أن يوافق على أن يخرج يدعو

فإذا قلنا أنه سيكون عندكم من عنده جهل بالعقيدة ومن عنده خلل في المعاملات قد تصل إلى التعامل بالربا أو كذا أو كذا ، فيكون الإجابة أوليس عندكم من سرق أو من فعل ، فهي أمور داخلة في نطاق المعاصي أو حتى أمور داخلة في نطاق أنه لم يتعلم بعد ، فنقول له أننا لا ندعي أن كل من انتسب إلى هذا المنهج صار معصوماً أو حتى صحت نيته في الحرص على اتباع هذا المنهج ، ولكننا نضع أصل نظري ونحاول جاهدين إيجاده ، فطالما أن عندنا أصل نظري بالاهتمام بالعقدية والعبادة والأخلاق وستجد دروس تغطي هذا الجانب ودروس تغطي الجانب الآخر وهناك متابعة من إمام المسجد والمربي الذي يربي الشباب لهذه الجوانب ، فهناك طرق في الموعظة العامة أو خطبة الجمعة لجانب السلوك والأخلاق ، وأساس نظري ومنهج لتطبيقة وتتفاوت استجابة الأفراد .

وهذا قدر لا يمكن أن يدعيه إنسان أن هذا أمر داخل في قدراته ، وهذا يختلف تماماً على ألا يكون هذا الأمر مدرجاً أصلاً بل يكون هناك ذم على إدراجه  ؛ فبعض إخواننا خرج مع بعض هذه المجموعات ، فكان الأخ المربي لهذه المجموعة يعبر عن منهجه وأنك كنت عاصي فهداك الله فلا تضيع أي لحظة في غير أن تذهب إلى الناس ولو في أقصى بلاد الهند لكي تخرجهم من المقاهي إلى المساجد ، ويمكن هذا بعد أخرى ، ولا شك أن هذه الروح روح عالية جداً ، ولكن لماذا يجعل السفر مقصود لذاته ، فالكفاءة واحدة ومع ذلك ننقل من في الأسكندرية إلى القاهرة ومن في القاهرة إلى الأسكندرية ثم ننقل اثنين إلى الهند . فكان الخطاب على أنك كنت عاصي وعرفت طريق المسجد فلا تضيع أي لحظة في أي شيء ولا في طلب العلم لأن طلب العلم أنك تدرس باب الطهارة وتتقنه ثم تدرس باب الصلاة فتنسى باب الطهارة ثم تدرس باب الزكاة فتنسى الطهارة والصلاة

وأين العلماء وطلبة العلم ؟ وهل كل الناس على هذه الهيئة ؟

قال القائل أنه مر بهذه التجربة ثم تعرض لمسألة للصلاة بعد أن قطع شوطاً في الفقه فاضطر إلى أن يأتي بالكتاب مرة أخرى ويبحث في المسألة حتى وجدها فعرف حكمها ، فقال طالما أن الأمر عبارة عن الرجوع إلى الكتاب فليكن الكتاب من أول الأمر بلا استهلاك للوقت في الدروس وليكن الوقت كله موظف للدعوة .

نقول أن هذا قاس الدنيا كلها بتجربة شخصية ثم أنه أغفل لولا أنه درس الباب وعرف أن هذه المسألة جديرة بالسؤال وعرف أي جزء من الكتاب يفتح وإلى أي مسألة يصل رغم أنه لو كان إمام في الصلاة لم يسعه الأمر أن يجهل سجود السهو ، وفي النهاية كان طلبه للعلم قطع له ثلاثة أرباع المسافة .

فنقول أن في النهاية هناك إطار نظري ووسائل لتطبيق هذا الإطار ثم هناك نتاج عملي وقياس لمدى الانحراف بين النتاج العملي والأساس النظري .

عندما نتكلم مع الآخرين الذين عندهم نموذج نظري غير مكتمل لا ينبغي أن تأتي المقارنة بأن النموذج النظري غير المتكمل يوجد بعض الأفراد المنتمين للدعوة يكون تطبيقهم العملي هو صورة من هذا المجتمع لأنه عندما يطرح هذا النموذج الغير مكتمل يجد كل الأفراد كذلك ، فلابد من تعديل هذا النموذج ، ثم أنه يمكن أن يوجد نموذج مع عدم الأخذ بالاسباب الكافية لتطبيقه ، وهذا أيضاً يحتاج لتصويب .

فلعلنا نعتبر هذه المرة مقدمة عامة في الطريقة التي نظرت بها الأمور فيما ينبغي أن يكون من أهداف الدعوة على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي

نشرع إن شاء الله تبارك وتعالى في المرة القادمة في الكلام على هذه العناصر الثلاثة :

إيجاد الشخصية المسلمة وعناصر تكاملها بإيجاز

إيجاد الطائفة المؤمنة كهدف موجود وقائم وليس مؤجل إلى أن يشاء الله ويحدث في المتجتمع ككل

والهدف الثالث أننا نوقن بأن هذين الهدفين ينتج عنهما بإذن الله وفضله وتوفيقه إيجاد للهدف بأن يكون المجتمع كله تحكمه شريعة الإسلام وتطبق فيه أحكامه ويربى أفراده عبر وسائل التربية العامة في المجتمع وليس وسائل التربية الخاصة لاتجاه أو لجماعة دعوية أو نحو ذلك على الإسلام .

نكتفي بهذا القدر

سبحانك اللهم وبحمدك

أشهد أن لا إله إلا أنت

أستغفرك وأتوب إليك

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

الكلمات الدلالية