الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مِن فضائل الاستغفار

هلَّا جعلنا لأنفسنا وردًا يوميًّا مِن الاستغفار صباحًا ومساءً؛ كي ننال هذه الفضائل العظيمة وغيرها؟

مِن فضائل الاستغفار
عبد القادر عمر
الثلاثاء ٠١ سبتمبر ٢٠١٥ - ١٤:٠٤ م
1739

مِن فضائل الاستغفار

كتبه/ عبد القادر عمر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالاستغفار هو طلب المغفرة مِن الله، والمغفرة هي ستر الذنب وعدم المعاقبة عليه، والاستغفار مِن أفضل الطاعات والقُربات عند الله؛ ولهذا أمر الله به في آياتٍ كثيرة مِن كتابه الكريم؛ فقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وقال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وقال تعالى: ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾، وغيرها مِن الآيات كثير؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر ربه كثيرًا جدًّا حتى يقول ابن عمر رضي الله عنهما: «إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة (ربِّ اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم)». (أبو داوود والحاكم وصححه الألباني).

وقال صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان على قلبي, وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة». (رواه مسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله عليه وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) يتأول القرآن -صلى الله عليه وسلم-». (متفق عليه). ومعنى يتأول القرآن؛ أي: يفعل ما أُمِرَ به في قوله عز وجل: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾.

فإذا كان هذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه, فما بالك بنا نحن المذنبون ليلًا ونهارًا؟! فلا شك أننا نحتاج إلى أن نُكثِر مِن الاستغفار، بل نلزم الاستغفار ولا نغفل عنه أبدًا، وقد رتب الله على الاستغفار فضائل وثمرات عظيمة نجد أثرها في الدنيا والآخرة، نذكر طرفًا منها بتوفيق الله تعالى:

1- الاستغفار وقاية مِن عذاب الله ونقمته: قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان في هذه الأمة أمانان؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستغفار, فذهب أمان -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-، وبقي أمان -يعني الاستغفار-». (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 1491).

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالفزع إلى الاستغفار عند الخوف.

2- الاستغفار سبب لجلب رحمة الله: قال تعالى: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، قال في المختصر في التفسير: «هلَّا تطلبون المغفرة مِن الله لذنوبكم رجاء أن يرحمكم».

3- الاستغفار سبب لتفريغ الهموم والكُربات: فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن لزم الاستغفار؛ جعل الله له مِن كل ضيق مخرجًا, ومِن كل همٍّ فرجًا, ورزقه مِن حيث لا يحتسب». (صحح إسناده العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند 2234).

4- الاستغفار سبب لحصول القوة وسعة الرزق: قال هود عليه السلام لقومه: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾.

5- الاستغفار علاج للقحط والعقم والفقر: قال تعالى حكايةً عن نوح عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله مُعلِّقًا على الآيات: «أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه؛كثر الرزق عليكم, وأسقاكم مِن بركات السماء, وأنبت لكم مِن بركات الأرض, وأنبت لكم الزرع, وأدركم الضرع, وأمدكم بأموال وبنين؛ أي: أعطاكم الأموال والأولاد, وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار, وخللها الأنهار الجارية بينها».

ولهذا المعنى فطِن الحسن البصري عندما شكا رجلٌ إليه الجدب، فقال: «استغفر الله», وشكا إليه الآخر الفقر، فقال: «استغفر الله», وشكا إليه آخر عدم الولد، فقال: «استغفر الله»، ثم تلا الآية. (انظر فتح الباري 14/281).

كل هذه الفوائد والثمرات للاستغفار فضلًا عمَّا يناله المستغفرون يوم القيامة من الثواب الجزيل والأجر العظيم والرحمة والمغفرة والعتق مِن النار.

فهلَّا جعلنا لأنفسنا وردًا يوميًّا مِن الاستغفار صباحًا ومساءً؛ كي ننال هذه الفضائل العظيمة وغيرها؟

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً