الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

عصبية للقبيلة أم للدين

أظن أنه يجب على كل مسلم أن يفكر في هذه الكلمات وينتبه لهذه التحذيرات الربانية والنبوية إن أراد النجاة في الدنيا والآخرة

عصبية للقبيلة أم للدين
خالد آل رحيم
الخميس ١٠ سبتمبر ٢٠١٥ - ١١:٤٠ ص
1443

عصبية للقبيلة أم للدين

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا شك أن العصبية القبلية المجردة هي مرض خطير ينتشر ويزدهر في أوساط كثيرة مِن المجتمعات القبلية، دون النظر للروابط الأخرى كالرابط المنهجي أو الشرعي، وقد حذَّر صلى الله عليه وسلم ونبَّه على خطورة هذا المرض، وإن كان يُحاصر في بعض الأوقات بالمصلحين الذين يحذرون منه، والعصبية القبلية تكون في كثير من الأحيان كإعصار تسونامي؛ يأخذ كل مَن أمامه بلا اعتبار ولا مقياس إلا اعتبار ومقياس واحد وهو القبلية، وهذه طامة كبرى، وبهذه الكلمات  ننبه على خطورة هذا الأمر؛ فالقبلية المقيتة أدَّت بأبي جهل إلى الدرك الأسفل مِن النار لما دُعي إلى الإسلام فرفض ذلك عصبية وقبلية قائلاً: «تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا (أو تحاذينا) على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: مِنَّا نبي يأتيه الوحي مِن السماء، فمتى ندرك هذا؟ والله لا نؤمن به أبدًا و لا نصدقه», فقد كان مِن العار عندهم ألا ينصر القريب قريبه، ولو خالفه في المعتقد، ومِن هنا وقف أبو طالب مِن ابن أخيه صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكر تعالى مراتب الخلق لديه فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من ذلك تحذيرًا شديدًا، لمَّا قال للمهاجرين والأنصار: «دعوها فإنها منتنة»  لمَّا تناصر بعضهم لبعض، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس مِنَّا مَن دعا إلى عصبية، وليس مِنَّا مَن قاتل على عصبية، وليس مِنَّا مَن مات على عصبية».

وقال صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم أو ليكونن أحقر عند الله مِن الجعلان»، وروى الإمام  أحمد رحمه الله عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: «انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، فمن أنت لا أم لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فمن أنت لا أم لك؟ قال: أنا فلان بن فلان بن الإسلام، قال: فأوحى الله إلى  موسى عليه السلام أن هذين المنتسبين، أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة».

وقد دخل زيد بن علي على هشام بن عبد الملك، فقال هشام: بلغني أنك تحدث نفسك بالخلافة وأنت لا تصلح لها؛ لأنك ابن أَمَة -عبدة-، فقال زيد بن علي: «أما قولك: إني أحدِّث نفسي بالخلافة، فلا يعلم الغيب إلا الله، وأما قولك: إنني ابن أمة، فإسماعيل عليه السلام ابن أمة، أخرج الله مِن صلبه خير البشر محمدًا صلى الله عليه وسلم، وإسحاق ابن حُرَّة أخرج الله مِن صلبه يعقوب ومِن يعقوب أخرج الله بني إسرائيل الذين مُسِخوا قردة وخنازير».

وغير ذلك الكثير مِن التحذير مِن هذه الآفة الخطيرة، وانظر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ترغيبًا في تركها، يقول  صلى الله عليه وسلم: «إن مِن عباد الله أناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على قُرْبهم ومكانتهم مِن الله، قال صحابة رسول الله: تخبرنا مَن هم يا رسول الله؟ قال: هم أناس تحابوا بروح الله على غير أرحام فيما بينهم، ولا أموال يتعاطونها فيما بينهم، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يفزعون إذا فزع الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، وفيهم يقول سبحانه وتعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾». (رواه أبو داود).

وقال رجل لداود الطائي: أوصني، قال: «اصحب أهل التقوى؛ فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مئونة, وأكثرهم لك معونة».

فمِن أخطر السلبيات تقديم الولاء والتناصر القائم على أساس القبيلة على الولاء القائم على الدين،

أظن أنه يجب على كل مسلم أن يفكر في هذه الكلمات وينتبه لهذه التحذيرات الربانية والنبوية إن أراد النجاة في الدنيا والآخرة.

والله مِن وراء القصد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة