السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

بهذا انتصرنا

هل ما يحدث بيننا اليوم من تبديع وتفسيق وتخوين... وغيرها من مساوئ الأخلاق سيكون سببًا في النصر وتحكيم الشريعة ، أم سببًا في تأخر النصر ، بل الهزيمة ؟

بهذا انتصرنا
محمد سرحان
الأربعاء ١٦ سبتمبر ٢٠١٥ - ١٢:٠١ م
1083

بهذا انتصرنا

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :

فمن أهداف بعثة النبي صلى الله عليه وسلم تزكية النفوس وتحليتها بالأخلاق الفاضلة ، قال تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]، وقال صلى الله عليه وسلم :« إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ »، وفي رواية :" مكارم الأخلاق ".

وقال الشاعر :

إِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ *** فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا

وعاش المسلمون خلال تاريخهم الطويل – إلا القليل – بأخلاق الإسلام وآدابه ، بل ودخل في الإسلام أناس ودول وشعوب بأخلاق المسلمين ، بلا سيف أو جهاد أو جيوش .

فلما سأل هرقل أبا سفيان – وكان في هذا الوقت على الكفر – عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأخلاق أصحابه ، فذكر له أبو سفيان مما يدعو إليه وأخلاقه وأخلاق أصحابه ، قال هرقل :" فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ "، كما جاء في صحيح البخاري – كتاب بدء الوحي .

وفي فتح مصر ، لما أسر المسلمون "أورمانوسة" ابنة المقوقس زعيم مصر وحاكمها ، أقبلت الجواري إليها فزعين ، يحذرن مما سيصيبهن على أيدي المسلمين ، ظنًّا منهن أن المسلمين كالروم إذا فازوا بمثل هذا ، فطمأنتهن أورمانوسة  بما كانت تعلمه من أبيها عن هؤلاء المسلمين – وكان المقوقس قسيسًا – ومما قالته لهن : إن إحدانا تخاف على عفتها من أبيها ، ولا تخاف على عفتها من هؤلاء القوم .

ولما قضى قاضي المسلمين في سمرقند بأن يخرج جند المسلمين منها - وذلك بعد شكاية أهلها إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - ثم يخيروا أهلها بين ثلاث : الإسلام أو الجزية أو القتال ، ثم يمهلونهم ثلاثة أيام ، وكان ذلك بعد فتح سمرقند بأعوام وموت القائد المسلم الفذ قتيبة بن مسلم فاتح هذه البلاد ، لم يتصور أهل سمرقند أن يخرج الجيش المنتصر الحاكم المستولي على البلاد ، فلما رأوا الجنود يخرجون أسلم كثير منهم ، ورضوا جميعًا بحكم المسلمين .

وكم من بلاد في آسيا إفريقيا وغيرهما من قارات العالم القديم والحديث دخلها الإسلام بما رأى أهلها من صفات المسلمين وأخلاقهم وآدابهم ، مما لم  يروا مثله في بني جلدتهم ، بل ما عرفوا ذلك إلا في الأساطير والروايات المثالية التي فيها الأحلام بهذه الأخلاق .

بمثل هذه الأخلاق انتصر المسلمون ، فهل ما يحدث بيننا اليوم من تبديع وتفسيق وتخوين وتكفير وسب وشتم وقذف وخوض في الأعراض واتهام للنيات وغيرها من مساوئ الأخلاق سيكون سببًا في النصر وتحكيم الشريعة ، أم سببًا في  تأخر النصر ، بل الهزيمة ؟ 

 موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً