بهذا انتصرنا
كتبه/
محمد سرحان
الحمد لله ، والصلاة
والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فمن أهداف بعثة
النبي صلى الله عليه وسلم تزكية النفوس وتحليتها بالأخلاق الفاضلة ، قال تعالى : {هُوَ
الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ
لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]، وقال صلى الله عليه وسلم :« إِنَّمَا بُعِثْتُ
لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ »، وفي رواية :" مكارم الأخلاق ".
وقال الشاعر :
إِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ *** فَإِنْ
هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
وعاش المسلمون خلال
تاريخهم الطويل – إلا القليل – بأخلاق الإسلام وآدابه ، بل ودخل في الإسلام أناس
ودول وشعوب بأخلاق المسلمين ، بلا سيف أو جهاد أو جيوش .
فلما سأل هرقل أبا
سفيان – وكان في هذا الوقت على الكفر – عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه
وأخلاق أصحابه ، فذكر له أبو سفيان مما يدعو إليه وأخلاقه وأخلاق أصحابه ، قال
هرقل :" فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ
"، كما جاء في صحيح البخاري – كتاب بدء الوحي .
وفي فتح مصر ، لما
أسر المسلمون "أورمانوسة" ابنة المقوقس زعيم مصر وحاكمها ، أقبلت
الجواري إليها فزعين ، يحذرن مما سيصيبهن على أيدي المسلمين ، ظنًّا منهن أن
المسلمين كالروم إذا فازوا بمثل هذا ، فطمأنتهن أورمانوسة بما كانت تعلمه من أبيها عن هؤلاء المسلمين –
وكان المقوقس قسيسًا – ومما قالته لهن : إن إحدانا تخاف على عفتها من أبيها ، ولا
تخاف على عفتها من هؤلاء القوم .
ولما قضى قاضي
المسلمين في سمرقند بأن يخرج جند المسلمين منها - وذلك بعد شكاية أهلها إلى أمير
المؤمنين عمر بن عبد العزيز - ثم يخيروا أهلها بين ثلاث : الإسلام أو الجزية أو
القتال ، ثم يمهلونهم ثلاثة أيام ، وكان ذلك بعد فتح سمرقند بأعوام وموت القائد
المسلم الفذ قتيبة بن مسلم فاتح هذه البلاد ، لم يتصور أهل سمرقند أن يخرج الجيش
المنتصر الحاكم المستولي على البلاد ، فلما رأوا الجنود يخرجون أسلم كثير منهم ،
ورضوا جميعًا بحكم المسلمين .
وكم من بلاد في آسيا
إفريقيا وغيرهما من قارات العالم القديم والحديث دخلها الإسلام بما رأى أهلها من
صفات المسلمين وأخلاقهم وآدابهم ، مما لم
يروا مثله في بني جلدتهم ، بل ما عرفوا ذلك إلا في الأساطير والروايات
المثالية التي فيها الأحلام بهذه الأخلاق .
بمثل هذه الأخلاق
انتصر المسلمون ، فهل ما يحدث بيننا اليوم من تبديع وتفسيق وتخوين وتكفير وسب وشتم
وقذف وخوض في الأعراض واتهام للنيات وغيرها من مساوئ الأخلاق سيكون سببًا في النصر
وتحكيم الشريعة ، أم سببًا في تأخر النصر
، بل الهزيمة ؟
موقع
أنا السلفي
www.anasalafy.com