الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- ففائدة الإجماع في المسائل التي فيها نصوص مِن الكتاب والسنة: رفع درجة الدلالة وإزالة الاحتمال، فمثلاً: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (البقرة:43)، أمر ظاهره الوجوب، وهو يحتمل الاستحباب والإباحة وغير ذلك؛ فالإجماع جعل دلالته على الوجوب قطعية مع أنها بدونه ظاهرة، فلو قال قائل باستحباب الصلوات الخمس؛ لكان كافرًا.
وهناك أوامر أجمع العلماء عليها وليست معلومة مِن الدين بالضرورة ويكون المخالِف فيها ضالاً مع أن دلالة النص قد لا تكون قطعية، والإجماع هو الذي جعلها قطعية، ثم نحن لا نسلـِّم بأن كل مسائل الإجماع فيها نص، فالمضاربة ليس فيها نص صحيح والإجماع على جوازها.
2- الادعاء بأن الأمة كانت مجمعة على جواز دعاء المقبورين والاستغاثة بهم باطل، بل لم يزل في الأمة، وفي المذاهب الأربعة وغيرها مَن ينكِر هذه البدع، ويشنـِّع على فاعلها، والتفاصيل بذلك مِن كلام علماء المذاهب مبسوط في مواضعه ثم ما يدعيه المدعي مناقض لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ) (رواه مسلم).
3- حديث: (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ)، صريح صحيح، والآية: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (النساء:115)، ظاهرة الدلالة، والظاهر مِن البينات ولا يقال فيه: ليس هذا شأن مصادر الشريعة، والأدلة الأخرى تقوي هذين الدليلين، وترفع درجتهما إلى القطع بذلك.
وفي النهاية: الخلاف في مسألة حجية الإجماع ليس خلافًا سائغًا، بل المخالِف فيه على بدعة وضلالة، ولا يغرنك كلام "الشوكاني" -أو غيره-؛ فإنها مِن زلاته.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com