الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الأذى حاصل

كم يحتاج الداعية إلى كبح جماح نفسه وقوة احتمال وسعة صدر ودقة فهم

الأذى حاصل
رجب أبو بسيسة
الاثنين ٠٩ نوفمبر ٢٠١٥ - ١١:١٣ ص
1280

الأذى حاصل

كتبه/ رجب أبو بسيسة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لما كان الأذى حاصل وواقع لا محالة، أُمِر الداعية باحتماله وعدم الالتفات إليه، وربما يكون دليلًا على صحة سيره إذا كان ملتزمًا بالمنهج والقواعد الشرعية، قال تعالى على لسان لقمان: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان: 17)، وقيل للشافعي: أيُمَكَّن المرء أم يبتلى؟ فقال: لا يُمَكَّن حتى يبتلى، واستدل بقوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)، وعلى قدر صبره وحلمه وسعة علمه يحدث التغيير والحفاظ على المكتسبات، والمهم عنده ليس السير والحركة فقط، ولكن المهم السير في الاتجاه الصحيح وفق أوامر شريعته.

العمل العام شاق وبالغ الحساسية والخطورة، وكلما كان الانحراف في المجتمع كبيرًا كان العمل أشق، ومع طول الزمان على الفساد يتحوَّل إلى أسلوب حياة وطريقة عيش ونمط تفكير وانتكاسة في المفاهيم، فكم يحتاج الداعية إلى كبح جماح نفسه وقوة احتمال وسعة صدر ودقة فهم، ومع هذه التحديات التي يواجهها ويحياها يجب أن يتحلى بالرفق واللين والشفقة، وهنا تدرك لماذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة؟ صدور الدعاة تحمل هموم وآلام لا يعلمها إلا الله، فأمروا أن يفزعوا إلى العبادة لكي يخفف عنهم ما يجدوا مِن مشقة وعنت .. تأمل: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ).

ويهوِّن على الداعية علمه أن الله يرى ويسمع؛ يقول ابن القيم: "هان سهر الحراس لما علموا أن أصواتهم بسمع الملك"، وأشد ما يحتاج المصلح بعد توفيق الله إلى أعوان يشاطروه همومه ويشاركوه في العمل والحركة (هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ...)، وقال صلى الله عليه وسلم لنعيم بن مسعود: "خذل عنا ما استطعت". اللهم أفرغ علينا صبرًا وثبِّت أقدامنا ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً