الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

احذروا مفسدات الأخوة

خطر كبير يهدد العمل الدعوى ويؤدى إلى فشله وتأخره

احذروا مفسدات الأخوة
أحمد حمدي
الثلاثاء ٢٢ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٦:٢٠ م
5121

احذروا مفسدات الأخوة

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الانقسام والفرقة والنزاع والشقاق والخلاف الذي يدب أحيانًا بين أبناء الصف الواحد والتيار الإسلامي وانشغال بعضهم ببعض بدلًا من انشغالهم بالدعوة للآخرين؛ خطر كبير يهدد العمل الدعوى ويؤدى إلى فشله وتأخره، وقد يتوارث هذا المرض العضال إلى الأجيال التى بعدنا، قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ} وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة»، وقال: «هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» وقال أيضًا: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم»، وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله ثلاث دعوات، فاستُجيب له اثنين ولم يستجِب له الثالثة وهى: «ألا يفرق أمته شيعًا فلم يستجب له» بل من نعيم أهل الجنة قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} بل من أهمية إصلاح ذات البين رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب للإصلاح بين المتخاصمين وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ومن أسباب دخول الجنة كما ورد فى قصة عبد الله بن عمرو: سلامة الصدر للمسلمين؛ فلا يبيت وفى صدره شيء لإخوانه وقال تعالى: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ"، ولقد كان الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رغم انشغاله بالحديث والعلم ومحافظته على وقته إذا علم بخلاف دب بين أخوين فى بلده ما تكبد عناء السفر لساعات وربما أيامًا سعيًا للإصلاح بينهم لأن التأخر فى حل المشاكل يؤدى إلى البُعد والجفاء وتفاقم المشكلة وإيغار الصدور.

وإليك فى هذه السطور بعض أسباب الخلاف ومفسدات الأخوة؛ لعلنا نتجنبها ونحذر منها:

1- الكبر والفخر والبغى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ".

2- الازدراء والاحتقار والسخرية والاستهزاء منه أو تسفيه رأيه قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

3- إساءة الظن؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ).

4- تصديق ما ينقل عنه من كلام من غير تبين أو تثبت قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).

5- النميمة ونقل الكلام وإفشاء الأسرار والمجالس مما يؤدى إلى الإفساد والإيقاع بين الإخوة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمَّام".

6- الغيبة؛ قال تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا) والغيبة: ذكرك أخاك بما يكره في غيبته.

7- الجدال والمعارضة دائمًا لرأيه والحدة والانفعال عليه فى الحوار ورفع الصوت عليه.

8- الغل والحقد والتدابر والتقاطع والمكر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه".

9- الحرص على الدنيا والوجاهة والمكانة وحب الصدارة والشهرة والرياء.

10- التنقص من الآخرين لإظهار مزايا نفسك والغيرة المذمومة التى تأكل قلوب البعض ونار الحسد؛ بسبب أنه رأى غيره أكثر فهمًا وعلمًا أو همة أو حركة أو التفاف الناس حول غيره.

11- استخدام الالفاظ الحادة أو اللمز أو التنابز قال تعالى: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)، وقال تعالى: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾، وقال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا).

12- النصيحة على الملأ فضيحة.

13- تلمس عثراته وعدم الستر عليه أو التجاوز عن زلاته.

14- الذنوب والمعاصي والتقصير في حق الله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تواد اثنان في الله وفي الإسلام فيفسد بينهما إلا من ذنب يحدثه أحدهما".

15- عدم الإنصاف والعدل معه والمطالبة بحقوقك عليه ونسيان واجبك نحوه.

16- البدع والانحراف فى المنهج والجهل واتباع الهوى والعناد.

17- البهتان والافتراء والكذب عليه.

18- المبالغة فى المزاح مما قد يجرح المشاعر أو يسبب الإحراج.

وهناك أسباب كثيرة أخرى يطول المقام بذكرها، ولكن ينبغى علينا أن نبادر ونسارع بحل مشاكلنا سريعًا؛ حتى لا تتفاقم، وكذلك أن نفتش فى أنفسنا بدلًا من التفتيش فى نيات الآخرين، وأن نطهر قلوبنا وأنفسنا تجاه إخواننا، وندعو لهم بظهر الغيب، وأن نهاديهم؛ لقول النبى صلى الله عليه وسلم: "تهادوا؛ فإن الهدية تُذهِب وحر الصدر"، "تهادوا تحابوا، تهادوا فإنها تذهب بالضغائن".

اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، وانزع الغل والحقد من صدورنا، واهدنا سبل السلام .. اللهم آمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
631 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
788 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
620 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
947 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
626 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
683 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠