الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

السباق إلى باب الريان

يا أخي المسلم لا تحرم نفسك من الصيام سائر العام وخاصة في زمن الشتاء

السباق إلى باب الريان
محمود عبد المنعم
الاثنين ٠١ فبراير ٢٠١٦ - ١٧:٤٩ م
1269

السباق إلى باب الريان

كتبه/ محمود عبد المنعم

الحمد لله وكفي وصلاة وسلاما علي عباده الذين اصطفي وبعد:

 ففي الصحيحينِ  عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن في الجنة بابا يقال له: الريَّان، يدخل منه الصائمون، لا يدخلُ منه غيرُهُم"، وفي رواية: "فإذا دخلوا أغْلِق"، وفي رواية: "من دخلَ منه شرِبَ، ومن شرِبَ لم يظمأ أبدًا".

فمن هم الصائمون؟ هل هم الذين  يمتنعون عن الطعام والشراب والشهوة فحسب، أو هم الذين يكتفون بصيام رمضان؟

بل الصائمون هم الذين يحفظون صيامهم، فيصومون عن الحرام قبل أن يصوموا عن الحلال، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" ، وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِذا صمت فليصم سَمعك وبصرك وَلِسَانك عَن الْكَذِب والمحارم ودع أَذَى الْخَادِم، وَليكن عَلَيْك وقار وسكينة يَوْم صيامك، وَلَا تجْعَل فطرك وصومك سَوَاء.

والصائمون أيضا هم الذين يصومون في رمضان وغيره اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسرد الصوم،ـ ويسرد الفطر، ويواظب على صيام يومي الاثنين والخميس، ويصوم أكثر شهر شعبان.

خرج الإمام أحمد والنسائي من حديث أسامة بن زيد قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يصوم الأيام يسرد حتى نقول لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد يصوم إلا يومين من الجمعة إن كانا في صيامه وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت: يا رسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر وتفطر حتى لا تكاد تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما؟ قال: "أي يومين؟" قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس. قال: "ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" قلت: ولم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين عزوجل فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". ورغّب في صيام ستة أيام من شوال حيث قال رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ" ، وثلاثة أيام البيض"الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر من كل شهر قمري.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: "صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ". وصيام ثلاثة أيام من أول كل شهر قمري فقد أخرج الترمذي في سننه برقم (742) ، وأبو داود في سننه برقم (2450) وغيرهما وحسّنه الألباني عن عبد الله بن مسعود قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -"يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَلَّمَا كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الجُمُعَةِ"، وصيام تسع ذي الحجة فقد صح عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع صيام تسع ذي الحجة "وخاصة يوم عرفة"  لغير  الحاج، والإكثار من الصيام في شهر الله المحرم وخاصة يوم عاشوراء ووعد بصوم يوم تاسوعاء.

وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ أن رجلا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، غَضَبَهُ، قَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: "لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ" -أَوْ قَالَ- «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: "وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟" قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: "ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام" قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: "وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ". وهذا التكفير يشمل صغائر الذنوب دون كبائرها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ".

فيا أخي المسلم لا تحرم نفسك من الصيام سائر العام وخاصة في زمن الشتاء، فقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: "ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا: بلى، فيقول: "الصيام في الشتاء"، وخذ لنفسك ما تستطيع من هذا الصيام مع حفظك لصيامك، حتى تنال الأجر. فمن ذلك ما أخرجه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"، وحتى تعتاد الصيام فيسهل عليك في رمضان وفي غيره فإن من لم يصم من النوافل سائر العام يشق عليه صيام رمضان، حتى إن الأمر يصل لبعضهم إلى كراهية قدوم شهر رمضان بسبب تلك المشقة، بل وبعضهم يتعمد الفطر في نهار رمضان نعوذ بالله من ذلك نسأل الله أن يعيننا على الصيام، وأن يتقبله منا وأن يبلغنا رمضان .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com