السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وزير الثقافة العلماني يرسم خطة الهجوم على المؤسسة الدينية الرسمية

خلاصة كلام الوزير: نعم للهجوم على الأزهر ولكن بدون أن تطلق النيران

وزير الثقافة العلماني يرسم خطة الهجوم على المؤسسة الدينية الرسمية
عبد المنعم الشحات
السبت ٠٦ فبراير ٢٠١٦ - ١٦:٠٦ م
2086

وزير الثقافة العلماني يرسم خطة الهجوم على المؤسسة الدينية الرسمية

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أطلب من كل قارئ أن يتخلى من كل الاتجاهات ويتحلى بالإنصاف ويتخيّل معي ماذا لو كتب شيخا أزهريا فضلا عن أن يكون شيخ الأزهر نفسه مقالا بعنوان "خطر الهجوم العنيف على وزراة الثقافة" ماذا كان سيكون موقف العالمانيين في مصر وعلى أي محمل كانت ستحمل كلمة "العنيف" وهل كانت ستُحمل على حسن النية بأن الكاتب يستنكر الهجوم كله لا سيما العنيف (أى أنها بلغة الأصول لا مفهوم لها) أم ستُحمل على أن لها ألف مفهوم وأن الكاتب يدعو للهجوم ولكن غير العنيف من باب "التقية" ومن باب الحلف الأزهري الداعشى السلفى الوهابى. (على طريقة السلطات الفكرية ووضع كل من يدعو إلى الدين في سلة واحدة ورميهم بالداعشية)

 

ثم ماذا لو أن تلك المقالة (المفترضة) قد ختمت بتلك العبارة (وزارة الثقافة تُنتقد وتوجه إليها الملاحظات، إما أن نحولها إلى شاخص لإطلاق النيران، فهذا خطأ وخطر).

 

فأظن أن وجود تلك العبارة سيكون كفيلا بالتنادي بالويل والثبور وعظائم الأمور "و الإرهاب المؤجل" في فكر الأزهر وكان سيخرج علينا "فلان" بتساءل "هل سننتظر حتى تطلق النيران" ثم يخرج علينا "علّان" ليستنكر العودة إلى العصور الوسطى ومحاكم التفتيش.

 

بينما سيخرج الثالث ليقسم بأننا نعيش في دولة دينية وربما تبجح الآخر وقال أننا نعيش فى دولة دينية.

 

وبالطبع كل ما مضى وإن كان خيالا إلا أنه خيال من وحى الواقع بل الواقع أشد منه وطئاً.

والآن أترك العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقى...

 

المقالة الحقيقة بعنوان " خطر الهجوم العنيف على الأزهر"  نشرتها المصرى اليوم بتاريخ 2-2-2016

 

والعبارة التى ختمت بها تقول (الأزهر يُنتقد وتُوجه إليه الملاحظات، إما أن نحوله إلى شاخص لإطلاق النيران، فهذا خطأ وخطر.)

 

الكاتب: هو الكاتب الصحفي حلمي النمنم

 

الفكر: عالماني (و هو يرى أن هو وكل الشعب المصري هكذا وبالفطرة ولا أدرى من أين للعامانية أن تعرف الفطرة وهى من الغيبيات ولكن هذه هي العالمانية فى مصر)

 

وظيفته : وزير الثقافة فى جمهورية مصر العربية (ملاحظة: يعنى أقسم على احترام الدستور الذى ينص على أن الاسلام دين الدولة وعلى أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وينص أيضا على مرجعية الأزهر)

 

فماذا يسمى هذا وللمرة العاشرة نقول للوزير لو أردت أن تعيش دور المفكر العالمانى فاترك كرسي وزارة الثقافة في الدولة الدينية (التى لا تعجبك كما تصرح دائما) ولو كنت متمسك بثوب.

 

وبالطبع لا نرى العصمة لا للأزهر كمؤسسة ولا لأفراده (وإنما العصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولإجماع الأمة من بعده) ولكن الذى أستهجنه أن يكتب أحد روشته للهجوم غير العنيف على الأزهر ولأسباب تتعلق برفض الأزهر الاستجابة للإرهاب (الفكرى) العالمانى الذى بلغ فى الفترة الأخيرة حدّاً جعل الوزير حلمى النمنم يطالبهم بالاستمرار في الهجوم ولكن "بهدوء" وهذا ما يتضح في بقية المقالة وإليك أهم ما جاء فيها:

 

الوزير لا يتحدث إلا إلى زمرته

حيث يقول:

(أعرف أن العشم فى الأزهر كبير، والتطلع نحوه ضخم، لذا فإن بيننا من يتصور ولعله يتمنى أن يتدخل الأزهر لينهى مشكلة داعش والقاعدة، ويحل أزمات قانون ازدراء الأديان وغيرها، وأن يتم ذلك فى التوِّ واللحظة، فإن لم يفعل باء بالهجوم، ولن يمكنه أن يفعل كل ذلك وحده.)

 

ولاحظ كلمة "بيننا" وحاول تضع من المقصود ب "نا" وستعرف أن الوزير منغلق على زمرته العالمانية إلى أقصى درجة.

 

وبالطبع الأزهر يقوم بدوره في مقاومة داعش والقاعدة ولكن الغلوّ العالماني ومن وزير في الدولة هو الذى يغذّى ذلك التطرف لا الأزهر.

 

وأما قانون ازدراء الأديان فلا أدرى هل يطالب الوزير بالسماح بازدراء الأديان أم يرى أن القضاء بدرجاته قد لا يحسن معرفة ما إذا كان السخرية من شعيرةٍ موجودة فى القرآن "فصل لربك وانحر" يمثل ازدراء للأديان أم لا وعموما فإن الخطأ فى تطبيق القانون (على فرض وجود ذلك) يعنى المطالبة باللوائح التفسيرية وتفعيل الدستور في أن تستطلع المحكمة رأى الأزهر إذا استشكل عليها التهم الموجهة إلى شخص هل تدخل  فى الاجتهاد السائغ أم فى ازدراء الأديان من باب أن الدستور نص على أن الأزهر هو المرجع في الشئون الدينية والعلوم الإسلامية.

 

الوزير وزمرة العالمنيون غاضبون من الأزهر لأنه لم يدافع عن البحيري وعن ناعوت

حيث يقول (وهناك من يتطلعون إلى أن يتدخل الأزهر ليدافع عن فاطمة ناعوت وإسلام البحيرى، وهذا أيضاً تبسيط للأمور، من يتصور أن الأزهر سوف يتحول إلى مؤسسة لرعاية الفكر الليبرالى، هو واهم، ومن يتخيل أن الأزهر يمكن أن يتحول عن دوره وعن تاريخه وعن تكوينه وبنائه المؤسسى لحظة، هو كذلك واهم!!)

 

طبعا الكاتب الصحفى حلمى النمنم بصفته عالمانى عاقل يريد من سفهاء العالمانيين ألا يفرطوا فى التفاؤل بأن يتحول الأزهر إلى الفكر الليبرالي وأن يدافع عن البحيري وهذا بقدر ما يكشف عن هدوء الوزير بقدر ما يكشف عن التطرف العالمانى الذى وصل الى حد السفه.

 

الوزير هو الآخر يطمع بأن يدور الأزهر (دورة كاملة) ولكن ليس في غمضة عين كما يرى المتعجلون

حيث قال:

"أكرر القول أن الأزهر كمؤسسة طابعها محافظ، شأن كثير من المؤسسات المصرية، ويصعب أن نطالب هذه المؤسسات أن تتغير جذرياً أو أن تدور دورة كاملة فى غمضة عين، وفى هذا الصدد يكفى أن أصدر الأزهر بياناً يعلن فيه أن قضايا الفكر تحل بالفكر والرأى بالرأى، تلك خطوة متقدمة يجب أن نثنى عليها وأن نبنى عليها مع جهات التشريع."

 

الوزير ينسب إلى الأزهر ما يعلم يقينا أن الأزهر رفضه

 حيث يقول فى فقرة طويلة من الثناء على الأزهر (رغم السلبيات العديدة على حد قوله)

(بعد ثورة 25 يناير 2011 فتح الإمام الأكبر مكتبه لنا كمثقفين وأصدرنا ما بات يعرف باسم وثائق الأزهر، منها وثيقة تحدثت عن الدولة المدنية الوطنية الدستورية، وعلق الرئيس اللبنانى الأسبق أمين الجميل على تلك الوثيقة بأن أمان المسيحيين العرب فى صدور هذه الوثيقة عن الأزهر.)

 

ولن أعلق على تعليق أمين الجميل لأن بالفعل أمان أهل الكتاب فى العالم الاسلامى يأتى من تحكيم الشريعة الاسلامية وما جاء في وثيقة الأزهر في هذه المسألة هو فرع على هذا.

 

ولكن المشاهد أن الوزير دسّ تعبير "الدولة المدنية" الذى قاتل هو والعالمانيون (أو المثقفون كما يحلو لهم أن يحتكروا هذا الوصف وكأن معهم به صك من صكوك العصور الوسطى) لكى يقرّه الأزهر فعدل الأزهر عن هذا إلى تعبير (الدولة الديموقراطية الحديثة) وهو من أفضل المخارج التى أتت بها وثيقة الأزهر وبالتالي فدسّ كلمة "مدنية" لا يمكن حمله على حسن الظن حيث يعلم الوزير أن الأزهر أصرّ على رفض هذا اللفظ وفى لجنة الدستور أيضا إعترض الأزهر فتم كتابة عبارة "حكومتها مدنية" وهى العبارة التي طالما ندد العالمنيون بها.

 

الوزير وتطوير الهجوم على "رشيد رضا" 

فى مرحلة ما قبل الهجوم العنيف وما قبل اطلاق النيران كان الكاتب وزمرته يدعون الجمعيات الدعوية الاسلامية إلى أن يقتدوا بمحمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا ولكن الوزير قال في سياق نهى زمرته عن الهجوم العنيف على الأزهر أن الأزهر حينما ضعف سابقا ظهر رشيد رضا وحسن البنا والذى يعنينا هنا هو موقفه من رشيد رضا وموقف الأزهر من رشيد رضا وهل يرى الأزهر في رشيد رضا ما يراه الوزير.

 

نعم إنها سياسة تطوير الهجوم إذن.

 

الآن مرحلة الهجوم على السلفية والتراث وكل الرموز والمؤسسات المحافظة ولكن بدرجات فالوزير يفتح النار على رشيد رضا وينهى زمرته عن فتح النار على الأزهر إلى حين.

 

خلاصة كلام الوزير: نعم للهجوم على الأزهر ولكن بدون أن تطلق النيران

ثم ختم الوزير مقالته بهذه العبارة:

 

(الهجوم على الأزهر يمنح الجماعات الهامشية والمرفوضة أن تتسيد المشهد وتمسك بخاتم الدين، إضعاف الإسلام المؤسسى والمنظم هو لصالح الجماعات المتشددة والإرهابية التى تستهدف الأزهر والمثقفين معاً.

 

الأزهر ينتقد وتوجه إليه الملاحظات، إما أن نحوله إلى شاخص لإطلاق النيران، فهذا خطأ وخطر.)

 

مرة أخرى: رابعا: الجمعيات الخيرية الدعوية والأزهر

وحتى لا يزايد أحد على موقفنا من الأزهر أعيد هنا فقرة كاملة من مقالتي: «دعاة العلمانية والتنوير والتجديد لماذا يكرهون الأزهر؟» التى نشرتها مع بداية ظاهرة اتخاذ الأزهر شاخصا لإطلاق النيران التي تحدث عنها الوزير وختمتها بفقرة بهذا العنوان كان نصها كالتالي:

 

النظم الديموقراطية فى تطوير تجاربها وجدت أن مجرد الفصل بين سلطات الدولة لا يحقق الغرض المطلوب والاستقرار المطلوب بل لابد من تشجيع دور المجتمع المدنى ليشارك المؤسسات الرسمية فى كل مناحى اهتمامات الأفراد والمجتمع.

 

والدعوة إلى الله آكد المجالات التى ينبغى أن تطبق فيها هذه النظرية بحكم كونها أصلا فى الشريعة وظيفة مجتمعية حيث قال صلى الله عليه وسلم "بَلِّغُوا عَنِّى وَلوْ آيَة" وبحكم حاجة هذا الباب إلى الكثير من الجهود.

 

وفى هذا الإطار ترى الدعوة السلفية ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الأزهر "المؤسسة الدينية الرسمية" وبين أي جماعة دعوية تلتزم بنبذ العنف والتكفير ولا تخالف ثوابت الدين.

 

ولكن العجيب ممن يخالفون ثوابت الدين ويرون أن هذا حق لهم يحاولون بشتى الطرق الحيلولة دون وجود هذا التعاون بين الأزهر المؤسسة الرسمية وبين المؤسسات الدعوية الأهلية الملتزمة برفض العنف والتكفير.

 

ويحاول هؤلاء أن يثيروا قضايا خلافية بين أهل الحديث والأشاعرة مكانها الكتب والأبحاث وليس صفحات الجرائد ليفخخوا العلاقة بين الأزهر وبين من يناصره من التيارات الدعوية مع أنهم إذا خالف كلام الأزهر أهواءهم شنّوا عليه من أنواع الهجوم ما شنّوا ومع أن الفقه السنِّى الذى يرجع إليه كل من أصحاب الحديث والأشاعرة يقلل عمليا من الفجوة الموجود في تأصيل بعض القضايا وسنضرب لذلك مثالا بالموقف من داعش

 

الموقف من داعش عند الأشاعرة – اهل الحديث – العالمانيين

خلاصة موقف الازهر من داعش

1-    انهم مسلمون لانهم ينطقون الشهادتين

 

2-    انهم أهل بدعة مذمومة

 

3-    انهم يستحقون العقوبات الشرعية المقررة على ما يفعلون من جرائم

 

موقف السلفيين من داعش

موقف السلفيين من داعش مطابق لموقف الأزهر إلا أنهم يرون أنهم يهذا يمكن أن يقال عنهم "مؤمنين ناقصي الإيمان" ويمكن أن يوصفوا بالشرك الأصغر فى حين أنه وفق المنهج الأشعرى فالإيمان إما أن يثبت وإما أن ينفى وبالتالي فداعش عنهم مؤمنون وكفى ولكن لا نظن أن أحداً من علماء الأشاعرة يحب فى هذا الموطن أن يركز على هذا الأمر بقدر حاجته أن يركز على وهو القدر المتفق عليه بين الأشاعرة وأهل الحديث.

 

وفى المقابل نجد الذين يطالبون يفتح الباب على مصراعيه لتحريف الدين ومن يشتكون ليل نهار من تيار التكفير يطالبون الأزهر والسلفيين على حد سواء أن يرتدوا ثياب التكفيريين فيما يخص داعش فقط وظل هؤلاء في غيّهم في حين وجد الأزهر والسلفيون مجالا لكى يتعاونا فى الرد على شبهات داعش.

نسأل الله أن يوفق الأزهر وشيخه ومشيخته وعلماءه وأن يوفقنا معهم إلى ما يحب ويرضى اللهم آمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com