الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

خمس سنوات مضت

كل مسألة استُفِيدَتْ عن الإنسان فما فوقها حَصَلَ بها نفعٌ لمتعلمها وغيرِه فإنه معروفٌ وحسناتٌ تجري لصاحبها

خمس سنوات مضت
أحمد يحيى الشيخ
الجمعة ١٩ فبراير ٢٠١٦ - ١٨:٥٩ م
1779

خمس سنوات مضت

كتبه/ أحمد يحيى الشيخ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

خمس سنوات مرّت على الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 م، تغيرت فيها أحوال، وتبدلت فيها أمور، وظهر فيها ما كان خفيًا في كتاب القدر.

خمس سنوات مرت من عمر جيل من الشباب لم يتعود حياة الثورات، ولم يتأهل لمعرفة خير الخيرين وشر الشرين، فاندفعت فيها نفوس خلف أهوائها تطلب ما تتمنى، ولو كان ضربًا من المستحيل.

خمس سنوات تغيرت فيها قناعات وآراء، وربما صاحب ذلك نوع من الندم على ما كان عليه المرء في الماضي من آراء خلاف ذلك.

للأسف تمر الدنيا سريعًا ولا يحسب أكثر الناس لها حسابًا، بل تُسرق منهم الأعمار وهم على نفس الحال التي كانوا عليها.

ولئن كانت السنوات الخمس لا تساوي شيئًا في أعمار الأمم، فإنها نصيب وافر من عمر فرد تتسرب أيامه سريعًا يوم يخلفه يوم.

خمس سنوات فيها 1825 يوم، لو فكر الإنسان ماذا يصنع فيها لفعل العجب.

والإنسان في عصر "الفيس بوك والواتس والتوك شو" والأخبار السريعة، لو جعل لنفسه ساعة من هذه الساعات يطلب فيها العلم ويكثر فيها من التفقه في دين الله وتزكية نفسه لرأى العجب.

خمس سنوات فيها أكثر من 1800 يوم، لو قرأ في كل يوم ساعة بمعدل قراءة الشخص العادي أي 30 صفحة فقط، لكانت حصيلة قراءته في السنوات الخمس 55000 ورقة تقريبًا، أي أكثر من 100 مجلد كبير.

فكيف يكون حال من قرأ 100 مجلد في علوم الشريعة في خمس سنوات؟

فهل بعد هذا من عبرة لمن يضيع وقته في حوارات لا نفع فيها يضيع فيها عمره وهو لا يشعر؟

وهل هناك أفضل من تحصين النفس بالعلم النافع أمام تيار الشبهات الذي يعصف بكثير من الثوابت في زمن كثرت فيه الفتن وكثر الداعون لها؟

وهل هناك أفضل في إنفاق العمر من شيء أمر الله نبيه بالاستزادة منه؟

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في الفتاوى السعدية:

وينبغي للمتعلم أن يحسنَ الأدبَ مع معلّمه، ويحمَدَ الله إذ يَسَّرَ له من يُعَلّمه مِن جهلِه، ويحييه مِن موتِه، ويوقظه من سِنَتِه، وينتهزَ الفرصة كلَّ وقت في الأخذ عنه، ويكثرَ من الدعاء له حاضرًا وغائبًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى ترَوا أنكم قد كافأتموه».

وأي معروف أعظمُ من معروف العلم؟

وكل معروف ينقطع إلا معروف العلم والنصح والإرشاد.

فكل مسألة استُفِيدَتْ عن الإنسان فما فوقها حَصَلَ بها نفعٌ لمتعلمها وغيرِه فإنه معروفٌ وحسناتٌ تجري لصاحبها.

وقد أخبرني صاحبٌ لي كان قد أفتى في مسألة في الفرائض، وكان شيخُه قد تُوفي، أنه رآه في المنام يقرأ في قبره، فقال: المسألة الفلانية التي أفتيتَ فيها وَصَلَني أجرُها.

وهذا أمر معروف في الشرع، "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة". اه

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com