الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وجه حقدك

هكذا تعامل السلف مع من امتلأت قلوبهم حقدا

وجه حقدك
محمود قناوي
الخميس ٠٣ مارس ٢٠١٦ - ١١:٥٢ ص
1346

وجه حقدك

كتبه/ محمود قناوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

من الناس من امتلأ قلبه حقدا، فأصبح لا يستطيع أن يعيش بغير سب وقذف وطعن، فإن ذكرته بالله لا يتذكر، وإن خوفته من الآخرة لا يرتدع، وإن حاولت نصيحته لا يسمع؛ فقلبه أصبح "كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه". وهذا الإنسان الحاقد الذي امتلأ قلبه حقدا على عباد الله لا تيأس منه ولكن حاول أن توجه حقده لعدو مشترك بينكم، وأعداء الإسلام كثيرون فإنك إن فعلت ذلك سلمت من شره، وعصمت العلماء من لسانه ووجهت حقده نحو أعداء الله، فكان حقده عليهم مصلحة له لا عليه بل ومنفعة للأمة أجمع.

سمعت يوما أحد الشباب المتعالمين يسب أحد العلماء الأبرار، فقلت له: يا أخي! إن كنت لا بد شاتما فوجه حقدك نحو أعداء الإسلام الذين لا نشك في كفرهم، أما علماء الإسلام فربما يغفر الله لهم ذلتهم إن كانت عندهم ذلة، ويحاسبك على سبك إياهم وحقدك عليهم. فقال: إنهم ليسوا علماء. فقلت: إن زعمت أنهم ليسوا علماء فلا تنس أنهم مسلمون، لهم حق المسلم، فاتق الله في أعراض المسلمين ووجه سهامك نحو صدور أعداء الدين، فمن العيب أن يسلم من لسانك عباد الأوثان ولا يسلم منه أهل القرآن، نسأل الله أن يطهر قلبك ويكف لسانك عن المسلمين.

وكان بعض الشباب على الفيس بوك لا همّ لهم إلا سب العلماء وانتقاصهم، وأنكرت عليهم مرارا فلم يستجيبوا، فلما يئست منهم وجهتهم لموقع يحارب الإسلام فدخلوا الموقع وأصبحوا محاربين للإسلام وسابين لأعداء الاسلام. هكذا ينبغي أن لا نيأس من أحد حتى ممن امتلأت قلوبهم حقدا وغيظا، ولنتعلم من سلفنا الصالح كيف كانوا يواجهون الأمور، ويوظفون طاقات البشر. هذا هو الخليفة القادر بالله الذي ظل في الخلافة 41سنة، وبينما القادر يمشي ذات ليلة في أسواق بغداد إذ سمع شخصا يقول لآخر: قد طالت دولة هذا المشؤوم، وليس لأحد عنده نصيب، فأمر خادما كان معه بالتوكل عليه، وأن يحضره بين يديه، فما شك أنه يبطش به، فسأله عن صنعته فقال: إني كنت من السعاة الذين يستعين بهم أرباب هذا الأمر على معرفة أحوال الناس، فمذ ولي أمير المؤمنين أقصانا، وأظهر الاستغناء عنا، فتعطلت معيشتنا وانكسر جاهنا، فقال له: أتعرف من في بغداد من السعاة مثلك؟ قال: نعم، فأحضر كاتبا، وكتب أسماءهم، وأمر بإحضارهم، ثم أجرى لكل واحد منهم معلوما، ونفاهم إلى الثغور القاصية، ورتبهم هناك عيونا على أعداء الدين، ثم التفت إلى من حوله وقال: اعلموا أن هؤلاء ركّب الله فيهم شرا وملأ صدورهم حقدا على العالم، ولا بد لهم من إفراغ ذلك الشر، فالأولى أن يكون ذلك في أعداء الدين، ولا ننغص بهم المسلمين. [فوات الوفيات - (ج 1 / ص 59)]

هكذا تعامل السلف مع من امتلأت قلوبهم حقدا، نسأل الله تعالي الفقه في الدين.

 موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة