السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل وجدت الثمرة؟

وقفات لابد منها لكل عبد مسلم يخاف على نفسه من عذاب الله عز وجل

هل وجدت الثمرة؟
جمال فتح الله
الأربعاء ٠٦ أبريل ٢٠١٦ - ١١:٠٤ ص
964

هل وجدت الثمرة؟


كتبه/ جمال فتح الله 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
من رحمة الله عز وجل بالمسلمين، ومن عظمة هذا الدين القيم، أن فرض الله عز وجل فرائض على كل مسلم يؤديها كما أداها النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعل لكل فريضة ثمرة مرجوة منها، لكي يتربى المسلم تربية ربانية سنية، ويشعر بلذة هذه الفريضة، ويتغير إلى الأفضل والأحسن، فإذا لم يشعر بلذة الفريضة، ولم يتغير، فلابد أن يراجع نفسه ويحاسبها، هل أداها بإخلاص، وعلى سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- لأن كل فريضة تحتاج إلى ركنين عظيمين بعد الإيمان، الإخلاص والمتابعة. وأهل السنة المطبقون لهذه الأركان ينعمون بالفرائض ويزدادون إيماناً يوماً بعد يوم، بخلاف أهل البدع، الذين يتخبطون في جهلهم، كما نشاهد أهل البدع في أمة الإسلام؛ وأنهم أفسد الناس عقولاً وأرذلهم أخلاقاً، وأحطهم نفوساً، كما نشاهد أيضاً أكثر المسلمين لما عدلوا عن شرع الله إلى ما شرع الناس من تلك القوانين التي هي من وضع البشر، كيف تفرقت كلمتهم، وحقر شأنهم وذلوا وهانوا، واسمع إلى القرآن الكريم كيف ندد بكل شرع غير شرع الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة رضى الله عنها: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وقوله: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، ومعنى رد مردود على صاحبه لا يقبل منه ولا يثاب عليه، وعلى ذلك: إن العمل الذي لم يشرعه الله تعالى لا يؤثر في النفس بالتزكية والتطهير، لِخلوه من مادة التطهير والتزكية التي يوجدها الله تعالى في الأعمال التي يشرعها ويأذن بفعلها.
وانظر إلى مادة التغذية، كيف أوجدها الله تعالى في الحبوب والثمار واللحوم؟ فكان فى أكل هذه الأنواع غذاء للجسم ينمو عليها ويحتفظ بقواه، وانظر إلى التراب، ونشارة الخشب، والعظام، لما أخلاها من مادة التغذية كانت غير مغذية، وبهذا يظهر لك أن العمل بالبدعة كالتغذية بالتراب والحطب والخشب، فالعامل بالبدعة لا تطهر روحه ولا تزكو نفسه،
فهل وجدوا الثمرة؟ لا بالطبع، فالصلاة مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}. فإذا أُديت الصلاة كما أداها النبي –صلى الله عليه وسلم- واستسلمنا لأمر الله، جنينا الثمرة، وهي الانتهاء عن الفحشاء والمنكر، لكن للأسف نرى كثيراً من المسلمين يصلون ومع ذلك هم مصرون على الفواحش والمنكرات، فهذا النوع من الناس لم يجد ثمرة العبادة، بل يؤديها حركات رياضية، والله أعلم بالقبول .
قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}. في هذه الآية الكريمة أمر من الله عز وجل للنبي –صلى الله عليه وسلم- بأخذ الزكاة من الأغنياء وإعطائها للمستحقين، وهذا من أفضل التكافل الاجتماعي في العالم، وفية ثمرة عظيمة وهي تطهير النفس وتزكيتها من الشح والبخل، وتطهير للمال ونماء من حيث لا يشعر الناس، وفى الزكاة إحسان إلى الخلق، وعبودية للرب سبحانه.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تتقون}. الصيام أحد فرائض الإسلام وأركانه، تهذيبا للنفس البشرية وتقويما لها، الصيام في تقدير الإسلام رياضة روحية، وطريق لإعداد النفس لتقوى الله عزّ وجلّ في السّر والعلن، ومدرسة للصبر والجهاد وتحمل المشاقِّ، بالفعل مدرسة تربوية عظيمة.
الصيام فيه تزكية للنفس وتطهيرٌ وتنقية لها من الأخلاق الرديئة، والأخلاق الرذيلة، وفيه تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة، والصيام مطهرة للنفس، ومرضاة للرّب، وليس فيه مشقة شديدة أو شيئ لا يحتمل، وإنما هو أيام معدودات قلائل، في العام شهر واحد: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. أي: ليعدكم به للتقوى التي هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، لما في الصيام من مراقبة الله تعالى.
فهل يا ترى كل من صام لله وجد هذه الثمرة وبالفعل يراقب الله عز وجل في أعماله وأقواله؟ وأصبح ممن يأتمر بأوامر الله وينفذ مُطمئناً راضياً. أم يفعل كما يفعل حركات رياضية دون تلذذ بالعبادات، وقفات لابد منها لكل عبد مسلم يخاف على نفسه من عذاب الله عز وجل. 
نسأل الله الهدى والتقى والعفاف والغنى. والحمد لله رب العالمين...

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

ربما يهمك أيضاً

نطهر صيامنا (2)
71 ١٢ مارس ٢٠٢٤
نطهر صيامنا (1)
66 ٠٤ مارس ٢٠٢٤
إنما الحلم بالتحلم (1)
47 ٣١ يناير ٢٠٢٤
لا تحمل همًّا!
98 ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣
محطات تطهير!
96 ١٩ يونيو ٢٠٢٣