الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

خواطر وعبر وعظات

قطار العمر قارب على الانتهاء فلنبادر ونسارع بالأعمال الصالحة حتى يحسن الله ختامنا ويوفقنا إلى عمل صالح يقبضنا عليه

خواطر وعبر وعظات
أحمد حمدي
الأربعاء ١١ مايو ٢٠١٦ - ١٢:٤٥ م
1359

خواطر وعبر وعظات 

كتبه/ أحمد حمدي 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال تعالى ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً﴾ تأمل هذه الآية عندما ترى إنسانا يتحول من بعد القوة والوعي إلى الهرم والشيخوخة والكبر والضعف؛ في الإدراك والانتباه والذاكرة ونسيان ما كان يحفظه من الأذكار والأدعية، وربما عدد ركعات الصلاة والوقت، وعدم القدرة على الحركة، ويصير طريح الفراش ويعود كالطفل الصغير حينئذ يتذكر الإنسان كم ضيع الفرص أيام صحته؟ ونسي أنه سيأتي اليوم الذي لا يستطيع فيه القيام؟ وربما لا يستطيع الصلاة وسائر العبادات ويتمنى لو عاد به الزمن لتعويض ما فاته .
وكذلك علام يتجبر الإنسان بقوته ويغتر وحتما سيكون هذا مصيره غالبا. قال تعالى ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾.

وقد استعاذ النبى صلى الله عليه وسلم من أن يرد إلى أرذل العمر، ويشعر الإنسان أنه ثقيل على الناس لا يتحملون خدمته ويتمنون وفاته حتى يستريحوا هم لا ليستريح هو حسب ما يخدعون أنفسهم وربما طالت هذه الفترة .
ويتذكر الإنسان تقصيره في حق والديه خصوصا بعد كبرهما قال الله عز وجل ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيما﴾ وقوله صلى الله عليه وسلم: "خاب وخسر من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ولم يدخل الجنة". 
وكذلك يتذكر الإنسان يوم يكون أعظم أمنية له أن يستطيع أن يمشى على قدميه لدخول الخلاء أو أن يصلى الفريضة وليس السنة .
أرأيت إنسانا فى غيبوبته وغياب عقله عند كبر سنه يأتى على لسانه ما كان يشغل باله فى حياته فينتبه فجأة قبل الفجر وينادى بالصلاة فى وقت كان يستيقظ فيه، أو يتلفظ بألفاظ الدعاء وأن يرزقه الله اليقين، أو أن يجعله من المتقين، أو من أهل الجنة وهكذا؟

من عاش على شىء وشغل قلبه طوال حياته هو ما يظهر على فلتات لسانه فى أحلك الظروف.
تخيل إنسانا فى مرضه يتمنى الصلاة فما بالك الآن بمن كان فى كامل صحته ويتكاسل عن الصلاة والعبادة فتتذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسا قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ".

أرأيت إنسانا فى لحظات الاحتضار تخرج روحه والناس من حوله عاجزون، لا يملكون له شيئا وفجأة يتحول الجسد الذى كانت تدب فيه الروح والحياة إلى جثة هامدة لا حراك لها؟ آية من آيات الله.

لو كانت التى تحتضر أمك يتذكر الإنسان شريط حياته وما كانت تبذله من أجله ومدى تقصيره وتفريطه فى حقها ويتمنى لو عاد الزمان لبرها .
فى الأيام القليلة الماضية ودعنا عددا من الأفاضل الذين نحسبهم من أهل الدين والصلاح العاملين لنصرة دين الله المتمسكين بالسنة أخانا الفاضل الشيخ: محمد البرماوى رحمه الله عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية بمحافظة الغربية، ووالدة الشيخ: ناصر محمد والشيخ: مصطفى محمد، وكذلك والدنا الشيخ: محمد غنيم رحمه الله عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية بكفر الدوار بعد مرض دام سنوات، ولقد مات بداء البطن نحسبه شهيدا ولا نزكى على الله أحدا، ولقد كان رحمه الله شعلة من النشاط والحركة والهمة والبذل طيلة أكثر من ثلاثين عاما فى العمل الاجتماعى، والسعى على الأرامل والفقراء والأيتام وبناء المساجد والحضانات ودور تحفيظ القران وتجهيز ساحات وصلاة العيد، وإحضار الهدايا لإدخال السرور على الفقراء والأيتام وأطفال المسلمين وحضور دروس العلم وإحضار العلماء والدعاة لإعطاء المحاضرات والندوات وشراء الكتب وتوزيعها على طلاب العلم والمعاهد والدورات العلمية يجوب البلاد طولا وعرضا بسيارته فى سبيل الدعوة إلى الله وكان يتسم بصفات المروءة والشهامة والنخوة والوقوف بجوار إخوانه فى أزماتهم وغير ذلك من الأعمال الصالحة التى نرجو من الله أن يجعلها من الصدقات الجارية التى تمتد بعد وفاته.

فإذا مات الإنسان يبقى الثناء الحسن وآثار أعماله الصالحه التى تشهد له عند الله وتذكر الناس بالدعاء له، ولقد كانت جنازته مهيبة حضر فيها عدد من علماء ومشايخ الدعوة وطلبة العلم من كفر الدوار وغيرهم من محافظة البحيرة، والكل يشهد له بالخير والفضل ولعلها من علامات حسن الخاتمه وكان على رأس هؤلاء د. يونس مخيون رئيس حزب النور والشيخ: مصطفى دياب مسئول طلائع الدعوة السلفية، وأعضاء مجلس الشعب الشيخ: أحمد الشريف و م. محمود هيبة و د. محمود رشاد، والشيخ: إبراهيم غلاب مسئول الدعوة بدمنهور والشيخ عبدالحكيم زين العابدين مسئول الدعوة بأبو حمص جزاهم الله خيرا، تحملوا عناء السفر لحضور جنازة أخيهم الشيخ: محمد غنيم رحمه الله وفاء له منهم.

أما د. ياسر برهامى بعد قدومه من السفر حضر إلى المقابر وصلى الجنازة على القبر وفاء منه للشيخ محمد رحمه الله.

فيجب على الإخوة أن لا تنسى شيخنا وجميع مشايخنا الذين توفاهم الله من الدعاء والسؤال عن أولادهم وأهلهم. وتبقى العظه والدروس لنا بأن قطار العمر قارب على الانتهاء فلنبادر ونسارع بالأعمال الصالحة حتى يحسن الله ختامنا ويوفقنا إلى عمل صالح يقبضنا عليه، فمن عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه.

نسأل الله عز وجل أن يرحم موتانا ويغفر لهم وينور لهم قبورهم وأن يجمعنا بهم فى الجنة فى الفردوس الأعلى مع النبى صلى الله عليه وسلم وأن يحسن خاتمتنا ويثبتنا على طاعته، اللهم أمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
631 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
788 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
620 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
947 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
626 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
683 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠