الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

يا ليتني ..!!

اعملوا فى الدنيا لتجنب الندم والأمنيات في الأخرة

يا ليتني ..!!
خالد آل رحيم
الخميس ١٩ مايو ٢٠١٦ - ١٣:٣٣ م
3328

يا ليتني ..!!

كتبه/ خالد آل رحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

كلمة تمنٍ وندم ذكرت في القرآن بصيغ عديدة، منها يا ليتني، ويا ليتنا، ويا ليتها، ويا ليت، وجلها تفيد الندم على أمور تجاهلها الإنسان في الدنيا، ويتمنى العودة إليها مرة أخرى لفعل ما هو خير مما قد فُعل، فوردت بصيغة الجمع (يا ليتنا) مرتين:
الأولى قوله تعالى:
﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وهذه الكلمات قيلت لما وقفوا على النار وعاينوا الحقيقة التى تُليت عليهم في القرآن الكريم مرارا، ولم يستمعوا لها بل في مرات كثيرة كانوا يستغشون الثياب ويولون الأدبار لعدم السماع، ولذلك كانت أمنيتهم هى العودة للتقرب إلى الله تعالى وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ﴾.

قال البقاعي رحمه الله: «يقولون وهم في محل الجزاء وقد فات المحل القابل للعمل متمنين ما لا يدركون تلافيه لأنهم لا يجدون ما يقدرون على أن يبرد غلتهم من ولى ولا نصير ولا غيرهما إلا هذا التمني» اهـ.
ولذلك بينوا السبب في عدم طاعتهم للرسل أنهم أطاعوا السادة والكبراء فقالوا:
﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ فكان هذا مصيرهم ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيل﴾. 
ووردت كذلك بصيغة الإفراد في مواضع عدة منها :
أنه يتمنى العودة لاتباع الرسول واتخاذ سبيله الذى طالما نادى به ودعا إليه فقال:
﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾ ولما علم الحقيقة ورآها رأي العين، وعلم حينها أن الذين كانوا بجواره ويمنعونه عن دعوة الحق لم يكونوا أخلاء أوفياء لأنهم منعوه الخير ومنعوه من مصادقة الرسول الذي كان يدعوه للنجاة قال:
﴿لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً﴾.
قال البقاعي رحمه الله: «لما تأسف على مجانبة الرسول تندم على مصادقة غيره». اهـ
وأشد الندم الندم على متابعة الشيطان وتنفيذ أوامره فقال: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾.
قال البقاعي رحمه الله: قالها تندما وتحسرا لا انتفاع له به لفوات محله وهو دار العمل، ثم لما تأكد من مصيره بعد أخذ كتابه بشماله قال: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ﴾. معلنا تفريطه وعدم العمل لحياته الأخروية، ولذلك عبر بقوله: ﴿قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾، ولم يقل: «فى حياتي».

لما ذهبت هذا الأمنيات أدراج الرياح وعلم أن مصيره المحتوم هو النار؛ تمنى شيئين، لم يكن يوما من الأيام يحبهما أو يقبلهما فتمنى الموت بقوله :
﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ﴾.
والثانى: تمنى لو أنه كان ترابا، وهو المتغطرس المتكبر الذي كان يتباهى بقوته وملكه وما له فتأتي عليه لحظة يقول فيها: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾.
فأي حياة تجعل الإنسان يندم كل هذا الندم من أجلها؛ فيتبرأ من أصحابه، ويتبرأ من قرينه، ويتمنى لو أنه يعود للحياة ليطيع الله تعالى، وليتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه الندم حتى أنه يتمنى الموت، وأن يكون ترابا وهو الذى لا يساوي ثمنا فلا يباع ولا يشترى وهكذا من حاد عن الجادة واتبع طريق الشيطان ورسالتنا :
اعملوا فى الدنيا لتجنب الندم والأمنيات في الأخرة ,,

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة