الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

إنما الأعمال بالخواتيم

احذر من رفقة السوء فإنهم سيتخلون عنك، ولن ينفعوك بعد مماتك

إنما الأعمال بالخواتيم
أحمد حمدي
الخميس ١٩ مايو ٢٠١٦ - ١٣:٣٤ م
2896

إنما الأعمال بالخواتيم

كتبه/ أحمد حمدي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

استيقظت في الصباح على رنة الموبايل فإذا بخبر لم أصدقه من هول الصدمة، خبر أفزعنى وأصابنى بدهشة، كاد عقلي أن يطيش مات محمد صديق عمرى وصاحبى، لقد كنا بالأمس معا نسهر على الكافتيريا ونضحك ونلعب فى الرحلات ونتبادل أطراف الحديث ونسمر، مات فى حادث مفاجىء وتذكرت شريط حياتى معه وأمانيه التى كان يرجوها من التخرج، من الدراسة والعمل، والوظيفة والزواج والولد والسفر للخارج ....كل ذلك ضاع فى لحظة، ويا ويلى هل صلى الصبح فى اليوم الذى مات فيه قبل أن يخرج من بيته؟ هل مات فى يده السيجارة؟ هل مات وهو يسمع الغناء والموسيقى كما كان معتاد؟!

أسئلة كثيرة دارت فى ذهنى يا ترى على أى شىء مات؟؟ وبأى شىء ختمت صحائف أعماله؟

بكيت بكاء شديدا، واجتمعنا عند أصحابنا، وذهبنا إلى المستشفى لرؤية جثته الهامدة التى لا تتحرك، بعد أن كانت تدب فيها الحياة، ورأينا أباه وأمه يجهشان فى البكاء لما رأونا. كم كانوا يستضيفونا فى البيت!

لقد مات محمد وحضرنا الجنازة فى موقف مهيب، والشباب يبكون ويحملون نعشه، ثم رأينا منظر القبر المفزع الموحش الضيق الذى سنضعه فيه بعد قليل، ثم نذهب ونتركه. فمنذ لحظات كان يمشى فوق الأرض وينام على السرير ويأكل ويشرب ويضحك ويجالسنا، والآن هو تحت التراب وحيدا فى ظلمة ووحشة، لا أنيس له، يجالس الهوام والحشرات والديدان.

ورجعنا من الجنازة لا نصدق أنفسنا الكل صامت مصدوم، هل هذا هو المصير الذى ينتظرنا؟ فسمعنا موعظة فى المقابر وفى المسجد فتأثرنا بها، وبدأ بعضنا يصلى فى المسجد بعد ما كان لا يصلى، ثم بعد ساعات وأيام قليله نسينا ذلك وأصابتنا الغفلة، ورجعنا نضحك ونلهو كما كنا، ولم نستفد من الدرس ولم نعتبر، قال تعالى ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ . وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ .الله الذى ذهب بأقوام وأتى بنا سيذهب بنا ويأتى بغيرنا، وينسانا من يبقى بعدنا كما نسينا نحن من مات قبلنا، ولا يبقى إلا العمل الصالح من الصلاة والقرآن والذكر والطاعة. 
هذه القصة نسمعها ربما كل يوم من شاب مات فى الجامعة أو المدرسة، أو فى حادث على الطريق فى كل قرية وبلد ومدينة وحى، لقد كثر موت الفجأة وموت الشباب فماذا ننتظر؟

قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾. فكم جاءنا من النذر، فالحذر من سوء الخاتمة قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ" فمن عاش على شىء مات عليه، ومن مات على شىء بعث عليه، فمن الناس من يبعث صائما أو ساجدا أو راكعا أو ذاكرا أو معتمرا، ومنهم من يبعث -والعياذ بالله- فى وضع الفاحشة أو فى يده المخدرات أو السيجارة أو لا يصلى، فينبغى أن نستعد للقاء الله دائما فالموت أقرب لأحدكم من شراك نعله (يعنى أقرب إليك من الحذاء الذى تلبسه) والجنة والنار كذلك، قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾

كــم مــــن فـتـى أمـســـى وأصبـح ضاحـــكـــا = وقـــد نســجـت أكـفــانــه وهـــــو لا يـــــدري
وكـم مــــن عــــــروس زينــــوها لزوجـــــهـــا=  وقـــد أدخــلت أرواحـــهما ظلمة القبـــــر

فربما تخرج فى الصباح إلى العمل أو الجامعة فلا تغرب شمس اليوم إلا وأنت تحت التراب، وربما تنام بالليل وتقبض روحك وأنت نائم فلا يطلع عليك الصباح إلا وأنت من أهل القبور. قال ابن عمر رضى الله عنه: "إذا أمسيـْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المساءَ".

فبادر بالتوبة ولا تؤخرها وتقل: سوف أتوب. قبل أن يأتى الموت بغتة فيقطع الآمال والطموحات، قال تعالى: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾.
واظب على الصلاة فى المساجد؛ قال صلى الله عليه وسلم: "أَوَّل ما يُحَاسَبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاة، فإنْ صَلحَتْ صَلحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وإِنْ فسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ". 
واحضر دروس العلم والقرآن فى المساجد، واحرص على صحبة الصالحين. قال تعالى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تصاحب إلا مؤمنًا". "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ".

واحذر من رفقة السوء فإنهم سيتخلون عنك، ولن ينفعوك بعد مماتك، ويضرونك فى حياتك، أصدقاء السوء الذين يزينون لك المعاصى والمخدرات والغناء وفعل الحرام.
أخى الحبيب لا تتجرأ على معصية الله، فلا صغيرة مع الإصرار، ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. اعلم أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى المعصية، ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك.

إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ: خَلَوْتَ. ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ 
ولاَ تحْسَــــــبَنَّ اللهَ يغفِــــلُ ساعــة ولا أنَ مَا يخــفَى عَلَيْهِ يغيب

قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾. ﴿أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾.

أسأل الله عز وجل أن يهدينا ويهدى شباب المسلمين ويردنا إلى دينه ردا جميلا، وأن يثبتنا على طاعته، وأن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
621 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
781 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
612 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
930 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
621 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
677 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠