الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حوارات رمضانية

ربك قد اختار لك، وعدوّك قد اختار لك، فهل تترك ما اختاره لك مولاك لما اختاره لك عدوك؟

حوارات رمضانية
محمود أمين
الثلاثاء ١٤ يونيو ٢٠١٦ - ١٢:٥٦ م
1104

حوارات رمضانية

كتبه/ محمود أمين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

رمضان 1437هجرية؛ لماذا لا تعيش كما أراد الله منك؟

أخي الحبيب: هل تسمح لي أن أجلس وأفكر معك فربما كان الأخ عونا لأخيه؟؛

لماذا أنت متردد؟ لا تقلق، إذا أزعجتك فلن تجدني مملا أو متطفلا.

لماذا أنا مُصِرّ؟ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤمن مرآة أخيه" وأنت أخي؛

وبعد، أشكرك علي قبولك طلبي، وسعة صدرك واحتمالك لتدخلي فيما قد يكون من خصوصياتك .

ولكن دعني أسألك بصراحة وبشكل مباشر: لماذا لا تعيش كما أراد الله منك؟

لحظات صمتك أعرفها.

هل تفكر فيما مضى؟ هل فاجأك السؤال؟ هل عالمنا بعيد عن سؤال بهذه المثالية؟

فلنبدأ من البداية ؛

حديث الذكريات؛

-        هل مرت أمام عينيك أيامك وشهورك وأعوامك؟

-        لم أشغل نفسي بهذا السؤال يوما؛ حقا لماذا لم أفكر فيه؟

لم أسمعه في البيت، لم يذكره لي أحد من رفاقي وأصدقائي، لم أسمعه في المدرسة ولا الجامعة.

ولكن هل يمكن أن يعيش إنسان كما أراد الله منه؟ إن هؤلاء هم الأنبياء أو الصحابة الذين نسمع قصصهم على المنابر أو في دروس المساجد، أو هم الصالحون الذين لا وجود لهم في الواقع وإنما يذكرهم الوعاظ عمن سبقونا وكأنه عالم من الخيال أحق كانوا أم خيال ؟

-        قال لي: دعني أصارحك أو أصارح نفسي؛ لم أكن سعيدا فيما مضى، سنوات الدراسة مضت ولا أدري ما قيمة هذا الذي تعلمته، نتعلم شيئا والواقع شيء آخر، وفي البيت لم أكن على وفاق مع والدي؛ كل ما يشغلهم هو تلك الأموال التي أنفقوها علي في دراستي، أو حديثهم الذي لا ينقطع عن السفر إلى الخارج للعمل، وأما فرصتي كشاب في الحياة فلا أدري؛ أمامي طريق لاأعلم أين نهايته ولماذا أسير فيه؟ هل يتحتم علي أن أسير في طريق رسمه لي والدي؟ فرص العمل تستهلك الأوقات؛ فإما أن أعمل نصف اليوم أو أكثر ثم أعود لأنام، أو أقضي وقتي مع أصدقائي في اللهو والمرح والمخدرات والمغامرات؟ هم يعيشون مثلي؛ فلا هدف نعرفه إلا أن نقتل الأوقات، هكذا يقولون لي، وحتى متابعة الأخبار صارت مملة؛ فلا أمل يبدو في الأفق في تغيير شيء من واقعنا؛ اقتصادنا ينهار، وبلاد المسلمين تضيع واحدة تلو الأخرى، وأخبار القتل والدمار هنا وهناك، سئمت كل شيء

-        سمعت كلماتك؛ رق فؤادي لأحزانك، أثرت فيّ حكاياتك..

ولكن، لم تجب عن سؤالي؛ لماذا لا تعيش كما أراد الله منك؟

-        أراك تقول: أنت لا تفهمني، مازلت تطلب مني المثالية؛ وهل هناك من يحيا في عالمنا بهذه المثالية؟

-        دعني أخبرك حبيبي أن هناك من يعرف هدفه في هذه الدنيا ويعيش أهنأ حياة، عمره مثل عمرك، ومجتمعه مثل مجتمعك، وبيته مثل بيتك، وواقعه كواقعك، لكنه أراد أن يكون مؤثرا لا متأثرا، أراد أن يكون هاديا وموجها وناصحا لا محبطا بائسا؛

إنه شاب عرف ربه الذي خلقه عرف صاحب أكبر نعمة عليه في بدايته وأصل نشأته وجوارحه وأعضائه وعقله وقلبه وسمعه وبصره فأراد أن يكون همه وعمله له وحده ولأجل ما أراد

هل تعرف أخي؟ ما أضل الناس مثل إعراضهم عن ربهم؛

ربك أعلم بك حيث خلقك، أعلم بدائك ودوائك، أعلم بما يصلحك.

وأنت أولا تحتاج أن تصلح قلبك الذي تعلق بالدنيا وشهواتها وأُشرِب من شبهاتها فاسودّ وتغيّر..

لقلبك سكن يسكن إليه، وقبلة يتوجه إليها، وصمد يعرج إليه، وملاذ يلوذ به، فلا تعلق قلبك إلا به؛ إنه ربك وإلاهك، الغني الكريم البر الرحيم الشكور الحليم.

والله ما هي بشعارات، لكنها حق يقين وحقيقة قاطعة، نعم، في هذه الدنيا سعداء ..

فلماذا لا تعيش كما أراد الله منك؟

ربك قد اختار لك، وعدوّك قد اختار لك، فهل تترك ما اختاره لك مولاك لما اختاره لك عدوك؟ أيّ مغرور أنت؟

ما أشد حيرتك، وما أسهل الجواب..

أنزَل ربك الكتاب لك، فهل قرأته أم هجرته؟ هل علِمته أم جهِلته؟ هل تدبرته أم غفلت عنه ؟ ثم تسأل أين الطريق وتقول لا أجد الإجابة ..

أما علمت أن فيه الإجابة ؟

لو صدَقت في السؤال لبحثت عن الجواب، ولو بحثت لوجدته ساطعا أوضح من شمس النهار، وهل تغيب الشمس في وضح النهار؟!

نعم، في الدنيا ابتلاء.. وهل يتميز الناس إلا بالبلاء؟ أيُسوّى بين محسن ومسيء، ومقبِل ومعرِض، ومؤمن وكافر؟ تالله لا يستويان..

سنوات من الهجر والإعراض.. أما آن لها أن تبدل بالقرب والإحسان؟

أما لهذا التهاون من حد؟ أما آن للمسافر أن يعود؟ أما لهذا الليل من نهار؟ أم أن ليلك لا يعقبه نهار؟

قم ونادِ وارفع يديك إلى السماء.. فما أطول زمان البعد .

لا تحتاج لرفع صوت فربك قريب يسمع المناجاة..

-        ما أرق قلب التائب وما أشد دموع النادم المستغفر ..

-        ألم أقل لك لقلبك سكن يسكن إليه

إنها أسعد اللحظات.. وهل في الدنيا ما يساوي تلك اللحظات ؟ ..

والآن وقد صقل القلب؛ فاستمع للتلاوة والذكر؛ فاطمأن الفؤاد وخشعت الجوارح..

-        إن هذه الآيات تخاطبني، إنها تجيب أسئلتي، إنها تنادي فطرتي، بل إنها تهز أعماقي من الداخل ..

كم كنت محروما .. كم كنت محروما ..

اللهم لا تحرمني بعد هذه اللحظة أبدا ..

اللهم اجعلني عبدا لك، مخلصا لك، مسلما لك، منيبا إليك.

-        اللهم اجعل شهر رمضان هداية لقلوبنا، وعودة لشبابنا، وصلاحا لأنفسنا وميلادا لأمتنا .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة