السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أماراتٌ.. هل تتوفر الآن؟

الاستعداد للموت قبل الموت يتطلب أن يضع المسلم الموت بين عينيه دائما ويستعد له على الدوام

أماراتٌ.. هل تتوفر الآن؟
علي حاتم
الثلاثاء ٢٨ يونيو ٢٠١٦ - ٢٢:٣٥ م
1062

أماراتٌ.. هل تتوفر الآن؟

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

في مسند عبد الرزاق وعند ابن جرير وابن أبي حاتم بطرق مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا كما ذكر ابن كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}، قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال: "نور يقذف فيه، فينشرح له وينفسح". قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: "الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت".

هذا والمتأمل في أحوال الأمة في الوقت الحاضر له أن يتساءل: هل هذه الأمارات متوفرة؟ وكم نسبة الذين تتوفر فيهم هذه الأمارات؟

إن (الإنابة إلى دار الخلود) معناها الرجوع إليها والتعلق بها والسعي إلى أن يكون العبد من أهلها مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، والالتزام قدر الوسع في الدنيا بكل ما يوصل إليها بسلام، وهذا يستلزم شدة المحبة لله عز وجل وطاعته في كل ما أمر والانتهاء عن كل ما نهى، كما يستلزم محبة نبيه صلى الله عليه وسلم وطاعته والسير على هديه ومتابعته.

أما (التجافي عن دار الغرور) فمعناه التنحي عن هذه الدار مع أن العبد يعيش فيها، لكن المطلوب هو عدم الاستغراق الكامل فيها وفي متعها وزينتها والتزود فيها بكل ما ينفعه في دار الخلود.

وعلى العبد أن يسعى فيها ألا يُسكِنها قلبَه فتأخذه شهواتها وملذاتها وتبتعد به عمّا ينفعه أمام خالقه يوم لقائه، فيصبح كل همه أن يتمتع بها أشد التمتع بغض النظر عن الحلال فيها والحرام.

والمتأمل في أحوال أمة النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الحاضر يجد أن هذه الأمارة -التجافي عن دار الغرور- ندر توفرها إلا ممن رحم الله.

فكل فرد عليه أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في التزود بطاعة الله عز وجل حتى ينجو أمام الجبار يوم القيامة.

ولقد أصبح أكل الحرام –مع شديد الأسف- والتنافس غير الشريف بين المسلم وأخيه المسلم وإطلاق العنان للنفس لتستمتع بكل ما هو رخيص وغير شريف، والابتعاد عن طاعة الله، أصبح كل ذلك هو السمة المميزة للمسلم في وقتنا الحاضر.

وما نراه الآن من فساد وإفساد في الأرض بكل طرقه ما هو إلا محصلة لانعدام هذه الأمارة بين أفراد الأمة إلا من رحم الله.

وأما الأمارة الثالثة وهي: (الاستعداد للموت قبل الموت) فإن أصحابها قليلون وهم الذين يفكرون في الموت ويستعدون له.

الاستعداد للموت هو محصلة لتطبيق معنى الأمارتين السابقتين -الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور-.

والمرء يتساءل: هل الذين ينهبون المال في كل مؤسسات الدولة تقريبا مستعدون للموت ويتجهزون للوقوف بين يدي الحق تبارك وتعالى؟

وهل الذين يجلسون في رمضان ليلا ونهارا أمام أجهزة الفساد يرجون رحمة الله ويخافون عذابه؟

وهل إذا أصاب المرء مصيبة المرض هل يصبر ويحتسب كما بيَّن المعصوم صلى الله عليه وسلم؟

وهل يسبق المرض قيام العبد بالتوبة الصادقة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي؟ ومعنى التوبة الصادقة توفير شروطها، ومن بينها رد المظالم إلى أهلها وذلك في الذنوب التي تتعلق بحقوق العباد.

كم هي نسبة المرضى على فراش الموت والذين في أعناقهم حقوق للآخرين يقومون بردها إلى أصحابها قبل لقاء الله عز وجل؟

مع الأسف نجد الكثيرين وهم على فراش الموت يفتقدون إلى من يذكرهم من ذويهم بهذه المسألة أصلا. وطبعا لأن معظمهم من المورثة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إن الاستعداد للموت قبل الموت يتطلب أن يضع المسلم الموت بين عينيه دائما ويستعد له على الدوام، فهذا هو الذي يجعله يراجع نفسه دائما ويرد بنفسه الحقوق لأصحابها قبل فوات الأوان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة