الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

من أخطاء الناس في رمضان

من تلك المنكرات كذلك اعتبار هذا الاجتماع سنة تقام في مثل هذا اليوم، أو هذه الليلة في كل عام

من أخطاء الناس في رمضان
شحاتة صقر
الأربعاء ٢٩ يونيو ٢٠١٦ - ٢٢:٢٨ م
1155

من أخطاء الناس في رمضان

كتبه/ شحاتة صقر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن شهر رمضان موسم طاعات وقربات وعبادات متنوعة من: صيام، وقيام، واعتكاف، وتلاوة قرآن، وصدقة، وإحسان، وذكر، ودعاء، واستغفار؛ ولكن هناك من المسلمين من يقع في بعض الأخطاء في هذا الشهر، ومن هنا كان هذا التنبيه على بعض تلك الأخطاء التي حذر منها أهل العلم.

أولًا من الأخطاء المتعلقة بشهر رمضان:

1- التعبُّد بتقديم وقت الإمساك عن وقته الأصلي وهو "الفجر الصادق":قال الله –تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } [البقرة: 187]، فالله - عز وجل- جعل غايةً لجواز الأكل والشرب، وهذه الغاية تنتهي بتبيُّن طلوع الفجر الصادق.

2- التلفظ بنية الإمساك (الصوم): فالنية محلها القلب، والتلفظ بها في جميع العبادات بدعة محدثة، والصوم من هذه العبادات.

3- تأخير أذان المغرب بدعوى تمكين الوقت: وهذا الخطأ يؤدي إلى خطأٍ آخر وهو: تأخير الفطور؛ والذي في تعجيله عنوان بقاء الخيرية في الأمة الإسلامية، وعلامة ظهور الملة المحمدية؛ حيث إن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» . (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

4- تعجيل السحور: وهذا خلاف ما كان معهودًا زمن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه؛ إذ أن السّنة تأخير السحور.

5- التعبد بترك السحور: وفي هذا مخالفة صريحة لهدي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

6- صوم الحائض اعتقادًا للفضل، وتجويع الحائض نفسها وإفطارها على القليل التماسًا للفضل: فبعض النساء يصُمْن في أيام حيضهن محافظةً منهن على صوم رمضان على زعمهن، ومنهن من تفطر في أيام الحيض، لكنهن يجوّعن أنفسهن فيه فتفطر إحداهن على التمرة ونحوها، ويزعمن أن لهن في ذلك الثواب، وهذا بدعة، وهي آثمة في التديُّن بذلك.

7- رفع الأيدي عند رؤية الهلال والدعاء:

قال الشيخ علي بن محفوظ -رحمه الله- عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف سابقًا: «... فمن بدع الصوم ما تفعله العامة من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين: (هلَّ هلالك، جلَّ جلالك، شهرٌ مبارك)، ونحو ذلك مما لم يُعرَف عن الشرع» (الإبداع في مضار الابتداع ص303).

ثانيًا: من الأخطاء المتعلقة بصلاة القيام "صلاة التراويح":

1- المناداة لصلاة القيام "التراويح" بقولهم: "الصلاة جامعة"، أو "صلاة التراويح قيامًا من شهر رمضان يرحمكم الله"، ونحو ذلك مما لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

2- تخفيف القيام تخفيفًا مُخلًا: بحيث لا يستغرق ربع ساعة، أو ثلث ساعة مع العشاء، مع ما يتخللها من الدعاء، وقد يخففونها إلى هيئة يقعون بسببها في الإخلال بأركان الصلاة وسننها، كترْك الطمأنينة في الركوع والسجود، وكسَرْد القراءة، وإدماج حروف التلاوة بعضها ببعض.

3-  التزام المصلين أذكارًا وأورادًا ليس لها أصل بعد كل ركعتين، وبصوت جماعي على وتيرة واحدة: فمما أحدثه الناس في شهر رمضان: الذكر بعد كل ركعتين من صلاة التراويح، ورفْع المصلين أصواتَهم بذلك، وفعل ذلك بصوت واحد، وذلك كله من البدع، والإحداث في الدين ممنوع، والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع.

قال الشيخ علي محفوظ: «ومن هنا يُعلَم كراهة ما أحدث في صلاة التراويح من قولهم عقب الركعتين الأوليين منها: (الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله) ونحو ذلك قبل الأخريَين، وبعضهم يترضى عن الصحابة، فَعِقَبَ الأولى عن أبي بكر والثانية عن عمر، والثالثة عن عثمان، والرابعة عن علي، وكل ذلك شَرْعٌ لما لم يشرعه الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم» (الإبداع في مضار الابتداع ص285).

4- دعاء ختم القرآن داخل الصلاة ليس من السنة:

لم يثبت في مطلق الدعاءِ عند ختم القرآن الكريم شيء مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، لكنه صح من فعل أنس بن مالك، وهذا في غير الصلاة، وتبعه عليه جماعة من التابعين. أما ما اشتهر بين الناس من "دعاء ختم القرآن المنسوب إلى ابن تيمية" لم تثبت نسبته إليه، ولا يُعرف من الذي نسبه إليه.

ولم يَرِدْ دليل عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولا عن أحد من صحابته -رضي الله عنهم- على مشروعية دعاء "ختم القرآن" في الصلاة، من إمام أو منفرد قبل الركوع أو بعده في "التراويح" أو غيرها. وبعض الناس يتزاحمون على حضور "الختم" ما لا يفعلون مثله ولا نصيفه في السنن المؤكدات ولا في الواجبات. 

5- الاستعاضة في القنوت عن "آمين"، بعبارات لم تثبت، مثل: "حقًا" أو "صدقت" أو "صدقًا وعدلًا" أو "أشهد" أو "حق"، ونحو ذلك، وهذه كلها لا أصل لها.

6-  تكلف السجْع في الدعاء والإكثار منه، والاعتداء في الدعاء.

7-  خروج بعض المصلين قبل أن يوتر الإمام بزعم إتمام قيام الليل في البيوت:
قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ». (رواه أبو داود، وصحّحه الألباني). فينبغي لمصلي التراويح مع إمام المسجد إتمام الاقتداء به في صلاته إلى آخرها، وعدم الانفراد عنه.

8- يلاحَظ على بعض الأئمة التطويل في الدعاء بطريقة مملة، ونشأ من هذا التطويل غفلة كثير من الداعين عن معاني الدعاء وربما حصل نوع من السآمة بسبب الإعياء من طول القيام ورفع الأيدي، وهو مما قد يضعف الإجابة وينافي المقصود.

9- تخصيص ليلة العيد بقيام:

ويروى فيه حديث لا يصح: «من قام ليلة العيدين محتسبًا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب».

ثالثًا: الاحتفال بذكرى غزوة بدر:

ومما أحدث في هذا الشهر المبارك الاحتفال بذكرى غزوة بدر، وذلك أنه إذا كانت ليلة السابع عشر من شهر رمضان، اجتمع الناس في المساجد، فيبدؤون احتفالهم بقراءة آيات من الكتاب الحكيم، ثم ذكر قصة بدر وما يتعلق بها من الحوادث، وذكر بطولات الصحابة رضوان الله عليهم، وإنشاء بعض القصائد المتعلقة بهذه المناسبة.

وفي بعض البلدان الإسلامية تحتفل الدولة رسميًا بهذه المناسبة فيحضر الاحتفال أحد المسؤولين فيها، ولا يخفى ما يصاحب هذه الاحتفالات من الأمور المنكرات كالاجتماع في المساجد لغير ما عبادة شرعية، أو ذكر مشروع، وما يصاحب هذه الاجتماعات من اللغط والتشويش ونحو ذلك من الأمور التي تصان بيوت الله عنها.

ومن تلك المنكرات كذلك اعتبار هذا الاجتماع سنة تقام في مثل هذا اليوم، أو هذه الليلة في كل عام. فتخصيص هذه الليلة –ليلة السابع عشر من رمضان– بالاجتماع والذكر، وإلقاء القصائد، وجعلها موسمًا شرعيًا ليس له مستند من الكتاب ولا من السنة، ولم يؤثر عن الصحابة رضوان الله عليهم، أو التابعين أو السلف الصالح رحمهم الله أنهم احتفلوا بهذه المناسبة في هذه الليلة أو غيرها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وللنبي  -صلى الله عليه وآله وسلم- خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة: مثل يوم بدر، وحنين، والخندق،.. وخطب متعددة يذكر فيها قواعد الدين، ثم لم يُوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا، وإنما يفعل مثل هذا النصارى، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا، أو اليهود، وإنما العيد شريعة، فما شرعه الله اتُّبع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه». [اقتضاء الصراط المستقيم (2/614-615)].

من مراجع المقال:

* الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ - رحمه الله - عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وفيه تأصيل شرعي لمسألة البدع، وقد كان مقررًا لقسم الوعظ والخطابة بالأزهر الشريف.

* جزء في مرويات دعاء ختم القران وحكمه داخل الصلاة وخارجها، للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد- رحمه الله -.

* عودوا إلى خَيرِ الهَدْي، للدكتور محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدَّم.

* البدع الحولية، للدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن أحمد التويجري.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com