الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الجهاديون الإفريقيون.. وتنظيم القاعدة -5

تزيد من خطورة الجماعة إمكانية امتداد فكرها إلى باقي إقليم غرب إفريقيا ككل، خاصة في ظل الضعف الأمني هناك

الجهاديون الإفريقيون.. وتنظيم القاعدة -5
علاء بكر
الأربعاء ٢٩ يونيو ٢٠١٦ - ٢٢:٣١ م
1578

الجهاديون الإفريقيون.. وتنظيم القاعدة (5)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

شباب المجاهدين في الصومال:

بعد استيلاء قوات المحاكم الشرعية في الصومال على مقديشيو -عاصمة الصومال- وعلى أغلب أقاليم الصومال في النصف الثاني من عام 2006م، قام مجموعة من الشباب -الذين تلقوا تدريبًا عسكريًا في أفغانستان- بتأسيس جماعة جهادية وصفها البعض بأنها الجناح العسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية، وعرفت بعد ذلك باسم (حركة  شباب المجاهدين)، وبعد الغزو الأثيوبي للصومال وهزيمة قوات المحاكم الشرعية، وانسحاب قيادتها إلى خارج الصومال، وتحالف هذه القيادات مع المعارضة الصومالية في مؤتمر (أسمرا) في سبتمبر 2007 م ، انشقت حركة شباب المجاهدين عن المحاكم الشرعية، متهمة إياها بالتحالف مع العلمانيين والتخلي عن الجهاد.

وتوصف الحركة بأنها تهدف إلى إقامة دولة إسلامية -خلافة- بالقوة العسكرية، ومحاربة النفوذ الأمريكي والغربي، وهي تضم إلى جانب الصوماليين -عناصر جهادية أجنبية (غير صومالية)، من أوروبا وأمريكا وآسيا، ويراها البعض نموذجًا مماثلًا لـ"طالبان" في أفغانستان، ولكن في القرن الإفريقي، وهي جماعة مسلحة ومدربة تدريبًا عاليًا, ولها نظام دقيق وصارم، وتتألف من مجموعة من الخلايا، يغطي كل منها منطقة معينة، لكل منطقة منها قيادة مستقلة، حيث تسمح سياسة الحركة لكل قائد عسكري بأن يتولى إدارة منطقته، وفقًا لرؤيته العسكرية، وهذا يجعل غياب القيادة العليا لا يؤثر تأثيرًا حاسمًا على قوة الحركة وفاعليتها.

وتتبنى الحركة فيما تتبنى أسلوب الهجمات الانتحارية للتخلص من خصومه، حيث قامت بالعديد من التفجيرات في مقديشيو وكمبالا، راح ضحيتها عددًا من الوزراء الصوماليين في الحكومة الانتقالية هناك.

  وتنقسم الحركة إلى فرعين أساسيين: جيش العسرة، الذي يمثل الجناح العسكر، و جيش الحسبة، الذي يمثل الإدارة المسئولة عن فرض النظام والقانون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة.

وقد سيطرت الحركة في بعض الفترات على مناطق واسعة في جنوب وسط الصومال، وبعض أحياء العاصمة مقديشيو.

وقد شهدت الصومال في يناير 2009 م انتخاب رئيسًا لحكومة انتقالية لها، لكنها غير معترف بها من الحركة، بل تحكم عليها بالكفر، و رغم  خروج القوات الأثيوبية من الصومال في ظل بقاء قوات حفظ سلام إفريقية في الصومال؛ فإن الحركة ترفض أيضا وجودها.

"بوكو حرام" في نيجيريا:

نشأت جماعة (بوكو  حرام) عام 2002 م، متأثرة بفكر القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، حيث قام مجموعة من الشباب بقيادة (الشيخ محمد يوسف) تحمل فكرًا جهاديًا  تكفيريًا، عرفت على المستوى الأمني والإعلامي باسم بوكو حرام، امتد تأثيرها إلى معظم ولايات شمال نيجيريا، واستطاعت أن تحشد من سنوات نشأتها الأولى العديد من الأتباع، حيث ترك الكثير من الطلاب جامعاتهم ومدارسهم وانضموا للجماعة، وتبعهم بعض أصحاب المهن، بالانضمام للمساهمة في الجهاد لتخليص الأمة من النفوذ والهيمنة الغربية.

إذ أن الجماعة ترى:

- تحريم التعامل مع مؤسسات الدولة؛ لأنها فاسدة وكافرة.

- تحريم التعليم الغربي؛ لأن فيه انحرافًا عن صحيح الدين الإسلامي يؤدي إلى إضعاف المجتمع الإسلامي.

- قطع الروابط مع مؤسسات الدولة وإداراتها المختلفة، والانعزال عن المجتمع، والسعي إلى تكوين مجتمع مسلم يعيد الخلافة الإسلامية، ويأخذ بأحكام الشريعة.

وتعين الجماعة أميرًا لكل ولاية من ولايات نيجيريا الشمالية، بالإضافة إلى بعض دول الجوار مثل: "تشاد والنيجر"، وكل أمير ولاية منهم، يدين بالطاعة لأمير الجماعة.

وتشير كلمة (بوكو) في لغة الهوسا -الذين يشكلون أكثر من 70% من سكان شمال نيجيريا– إلى النظام التعليمي الرسمي أو الخاص في نيجيريا، كما أنها تشير إلى التعليم الغربي العلماني بكل ما يصاحبه، حيث كان معظم الذين يدعون إلى التعليم الغربي خلال فترة الاستعمار الغربي لنيجيريا من البعثات النصرانية التبشيرية، الذين استخدموا مدارسهم للدعوة إلى النصرانية ومحاولة تحويل الأطفال إلى الديانة النصرانية، مما دفع بعض العلماء من المسلمين الوطنيين إلى اعتبار التعليم الغربي صورة من صور الخداع، حيث أن أصل كلمة (بوكو) يعني الخداع والزيف، أما كلمة(حرام) فهي عربية، وتعني غير جائز أو المحرم شرعًا، وعليه فإن ترجمة اسم الجماعة (بوكو حرام) تعني تحريم التعليم الغربي، أو قد تعني أن التبشير المصاحب للتعليم الغربي هو غير جائز من الناحية الإسلامية، أما الاسم  المفضل عند الجماعة  فهو (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد). 

وقد توارت الجماعة عن الأنظار في فترة حكم الرئيس الأسبق لنيجيريا (أوبا سونجو)، ولكنها عادت لإظهار نشاطها في عام 2006 م .

ثم دخلت الجماعة في تصعيد خطير مع الدولة النيجيرية عقب مقتل زعيمها ومؤسسها (الشيخ محمد يوسف) بطريقة وحشية بعد اعتقاله في مركز للشرطة في 30 يوليو 2009 م.

ووقعت مواجهات عنيفة بين الجماعة وقوات الأمن النيجيرية أدت إلى مقتل المئات من أتباع الدعوة، وقيام الجماعة بعمليات اغتيال لشخصيات حكومية، وهجمات انتحارية، بعضها كان في (أبوجا) العاصمة، وتشير بعض التقديرات أن الجماعة نفذت خلال عام 2014 م هجمات أدت إلى مقتل 1500 شخص.

وفي صورة من صور عداء الجماعة للمجتمع قامت باختطاف الكثير من الأشخاص، ومنها قيام بعض أعضاء الجماعة باختطاف أكثر من مائتي فتاة من تلاميذ المدارس في ولاية (بورنو) الشمالية.

وتزيد من خطورة الجماعة إمكانية امتداد فكرها إلى باقي إقليم غرب إفريقيا ككل، خاصة في ظل الضعف الأمني هناك .

وتعد نيجيريا نموذجًا مصغرًا للواقع الإفريقي من جهة تعدد الأديان والأعراق والثقافات، فتعدادها نحو 177 مليون نصفهم مسلمون، و40%  نصارى، والبقية من ديانات أخرى، وتعاني من تنافس على السلطة أوقعها في انقسام حاد، وظهور حركات احتجاج و تمرد -رفع بعضها السلاح- تطالب بإعادة توزيع الثروة والسلطة في البلاد.

وهناك نحو الثلث من الولايات النيجيرية الشمالية تطبق الشريعة الإسلامية، و يوجد موروث فكري سلفي في شمال نيجيريا له امتداد في بعض دول الجوار في غرب إفريقيا، وهذا الفكر السلفي يتعرض لصدام ومواجهة مع الطرق الصوفية المنتشرة هناك.

وتعاني نيجيريا من فساد المؤسسات وانتشار الفقر والبطالة رغم ثروتها البترولية الهائلة.   

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة