الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل نعيش عصر ملوك الطوائف؟

لماذا لا نعي الدرس ولا نتعلم من الماضي؟

هل نعيش عصر ملوك الطوائف؟
خالد آل رحيم
الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١٦ - ٠٣:٠٠ ص
768

هل نعيش عصر ملوك الطوائف؟

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

 دخل عبد الرحمن بن معاوية -عبدالرحمن الداخل أو "صقر قريش" كما أطلق عليه وهو حفيد هشام بن عبد الملك- الأندلس سنة 136هجرية الموافق 753 ميلادية وقضى على الثورات فيها واستتب له الأمر وأمر بالإنشاء والتعمير وإنشاء القناطر، وربط أول الأندلس بآخرها، وتشييد الحصون والقلاع، بالإضافة إلى إنشاء جيش قوي لتأمين حدود الدولة الجديدة، ولذلك قال المؤرخون: لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام في الأندلس بالكلية، وقد عاش تسعا وخمسين سنة منها أربع وثلاثون في حكم الأندلس، وتوفي بقرطبة ودفن بها في جمادى الأولى سنة 172هجرية الموافق شهر اكتوبر عام 788ميلادية، وقد كان عصره ومن بعده من أقوى عصور الأندلس بداية من عام 138  حتى عام 238هجري, أي ما يقارب قرن من الزمان, ثم بدأت الدولة الأندلسية تتأرجح بين القوة والضعف حتى وصلت إلى مرحلة السقوط المدوي بداية من نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر، والذي تفتت فيه الأندلس إلى أكثر من اثنتين وعشرين دولة أو مملكة صغيرة، في تشرذم لم يعهد من قبل في بلاد الإسلام، وهذا ما سمي في التاريخ بعهد ملوك الطوائف,

ومن أشهر تلك الممالك أشبيلية بقيادة بنو عباد, وقرطبة بقيادة بنو جهور, وبطليوس بقيادة بنو الأفطس, وطليطلة بقيادة بنو ذي النون, وسرقسطة بقيادة بنو هود, وبنو حمور الأدارسة بملقة والجزيرة, وأخيرا غرناطة بقياده بنو زيرى  وهي آخر ما سقط من الأندلس,

وهكذا أضحت الأندلس مسرحا للصراعات بين المتخاصمين والمتنابذين من تلك الطوائف, والتي ظلت ما يقارب قرن من الزمان, فنشأ الصراع بين صاحب أشبيلية وصاحب غرناطة وبين صاحب اشبيلية وصاحب قرطبة, وبين صاحب طليطلة وصاحب سرقسطة, مما أدى إلى سقوط بعض الممالك في أيدي النصارى المتربصين والذين استعان بهم بعض ملوك الطوائف, وكانت هذه بداية السقوط الكبرى والتي انتهت بسقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين سنة  898 هجرية الموافق 1492 ميلادية وقد تسلمها ملك النصارى آنذاك فرديناند من حاكمها أبو عبدلله بن أبي الحسن الذي وقف بعيدا  يودع ملكه ويبكي فقالت له أمه "عائشة الحرة": ما بك تبكى مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال!

وهكذا قضي على دولة الإسلام في الأندلس بعدما تجاوز عمرها سبعة قرون هجرية.

وهنا أردت هذا الأستدعاء التاريخي لقصة الأندلس جوهرة المسلمين المفقودة لنسقط ذلك على واقعنا، وهل نحن مقبلون على ذلك؟؛ لأن الأسباب التى أدت  لسقوط الأندلس هي نفس الأسباب تقريبا التي نعيشها الآن,

ومنها: الإغراق فى الشهوات والملذات, والمعاصي, والدعة والسكون, وترك الجهاد, وموالاة النصارى والمشركين، والجهل المطبق بالدين, وتوسيد الأمر لغير أهله, والتشاحن والتنافر والتدابر بين الدول الإسلامية بعضها البعض, وتدبير المؤامرات، والسعي من كل منهم لإسقاط الأخرى, وهذه تحديدا العوامل التي أدت إلى سقوط الأندلس.

فلماذا لا نعي الدرس ولا نتعلم من الماضي؟ ولماذا لانحاول أن نصحح المسيرة طبقا لشريعة الله تعالى؟

أم أننا ادمنّا البكاء كما تبكى النساء على ملك في طريقه للضياع لم نحافظ عليه كما الرجال.

أفيقوا قبل أن نصبح فنجد أنفسنا بلا ملك ولا دولة ولا أرض, وحينها لا ينفع الندم.

وإن كان ابن عباد صاحب اشبيلية قد قال: لأن أرعى الغنم فى الصحراء خير لي من أرعى الخنازير فى الكنائس، نقول:   ربما لن  نجد حتى الخنازير لنرعاها.

جمع الله شمل هذه الأمة على خير  وعلى تطبيق شرع الله تعالى وقيض لها من ينصرها ويُعيد لها مجدها وعزها وريادتها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة