الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

النصير

اسم جليل نحتاج إليه في واقعنا على جميع المستويات

النصير
خالد آل رحيم
الثلاثاء ٠٢ أغسطس ٢٠١٦ - ١٣:٠١ م
953

النصير

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فى وقت تكالبت قوى الشر والفساد والاستبداد من كل حدب وصوب على هذه الأمة بأسرها، فقسَّمت دولا وقتلت شعوبا وسجنت شبابا وشردت شيوخا ويتمت أطفالا ورملت نساءً، ثم صارت هذه القوى تعمل في الداخل فحاربت دعواتٍ وعاندت مناهجَ، وقدمت الرويبضة لتصل لمبتغاها ألا وهو تفتيت هذه الأمة والعمل على تذويبها وسلخها من دينها ومنهجها القويم، وقد نجحت بنسب وإن كانت متفاوتة، وفي خضم هذه الحروب والمكائد وظلمات الفتن وفتن الشهوات والشبهات نجد هذه الأمة قد غفلت عن خالقها وخالق الكون بأسره فصارت تتمسك بأسباب دنيوية، والغفلة عن مسببها والذي لا يكون في ملكه إلا ما أراد كيفما شاء.

يقول العثيمين رحمه الله: ينقصنا الصدق مع الله، نعتمد على الأمور المادية الحسية ولا ننظر إلى كلمة الله عز وجل.

ومن هنا رأيت أن أعظم ما نسطره في هذا المقال هوالحديث عن أسم عظيم من أسماء الله الحسنى وهو (النّصير)

وقد ورد أسم الله تعالى "النصير" في أربعة مواضع في القرآن الكريم

قوله تعالى: (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)

قوله تعالى: (وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً)

قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)

قوله تعالى: (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)

والنصير معناه كما قال العباد: الذي تولى نصر عباده وتكفل بتأييد أوليائه والدفاع عنهم، والنصر لا يكون إلا منهُ، ولا يتحقق إلا بمنّة، فالمنصور من نصره الله، إذ لا ناصر للعباد سواه ولا حافظ لهم إلا هو.

قال الله تعالى: (إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)، وقال تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)، وقال تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).

وهكذا كان أنبياء الله تعالى لا يطلبون النصر إلا منه -جل وعلا-:

فهذا نوح عليه السلام يقول: ( رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ)، قال ابن عاشور: والنصر تغليب المعتدى عليه على المعتدي، فقد سأل نوح نصراً مجملاً فأخبره الله تعالى أنه لا رجاء في إيمان قومه إلا من آمن كما في سورة هود، (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، فسأله نوح نصراً خاصاً وهو استئصال الذين لم يؤمنوا كما جاء في سورة نوح، (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً).

ولوط عليه السلام قال: (رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)، قال البقاعي: أجابهم لوط عليه السلام معرضاً عنهم، مقبلاً بكليته على المحسن إليه: (رَبِّ)أي أيها المحسن إلي (انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ) أي الذين فيهم من القوة ما لا طاقة لي بهم معه.

ومحمد صلى الله عليه وسلم قال: (أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، قال البقاعي: (فَانصُرْنَا) باللسان والسنان، وأشار إلى قوة المخالفين حثاً على تصحيح الالتجاء والصدق في الرغبة.

وكما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح أبي دواود وصححه الألباني قال:

"اللهم أنت عضدي ونصيري ..." الحديث.

ولذلك فإن أرادت هذه الأمة بمجتمعاتها وأفرادها النصر فلابد أن تتمسك بأصل عظيم وهو الإيمان، وتحققه قولاً وعملاً في واقعها، بفهم سلفها الصالح، معتقدة أن النصير هو الله تعالى وحده لا غيره.

يقول شيخ الإسلام: وحيث ظهر الكفار فإنما ذلك لذنوب المسلمين التي أوجبت نقص إيمانهم، ثم إذا تابوا بتكميل إيمانهم نصرهم الله.

قال تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)

قال ابن القيم رحمه الله: فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى؛ فالمؤمن عزيز عال مؤيد منصور مكفي مدفوع عنه بالذات أين كان ولو اجتمع عليه من بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته ظاهراً وباطناً، فهذا هو الضمان، بإيمانهم وأعمالهم التي هي جند من جنود الله تعالى يحفظهم به ..

فاسم الله تعالى "النصير" اسم جليل نحتاج إليه في واقعنا على جميع المستويات، أفراداً وأُسرَ ومجتمعات ودول، ولكن بشرط تحقيق الإيمان لنكون أهلاً لنُنصر من الله تعالى.

والله من وراء القصد ,,

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة