الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وأعوذ بك من علم لا ينفع

كل من تعلم -ولو مسالة- يراجع نفسه هل انتفعت بها أو لا؟

وأعوذ بك من علم لا ينفع
محمد شكري
الأربعاء ١٠ أغسطس ٢٠١٦ - ١٢:٠٥ م
1679

وأعوذ بك من علم لا ينفع

كتبه/ محمد شكري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أخبر الله سبحانه عن قوم أوتوا علمًا ولم ينفعهم علمهم، فهذا علم نافع في نفسه لكن صاحبه لم ينتفع به. قال تعالى: {مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلوا التَوراةَ ثُمَّ لَم يَحمِلوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ أَسفارا}. وقال: {وَاِتلُ عَلَيهِم نَبَأَ الَّذي آتَيناهُ آياتِنا فَاِنسَلَخَ مِنها فَأَتبَعَهُ الشَيطانُ فَكانَ مِنَ الغاوينَ وَلَو شِئنا لَرَفَعناهُ بِها وَلَكِنَّهُ أَخلَدَ إِلى الأَرضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ}. وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعدَهُم خَلفَ وَرِثوا الكِتابَ يَأخُذونَ عَرَضَ هذا الأَدنى وَيَقولونَ سَيُغفَرُ لَنا وَإِن يَأتِهِم عَرَضٌ مِثلُهُ يَأخُذوهُ أَلَم يُؤخَذ عَلَيهِم ميثاقُ الكِتابِ أَلّا يَقولوا عَلى اللَهِ إِلّا الحَقَّ وَدَرَسوا ما فيهِ وَالدارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلَّذينَ يَتَّقون ..}، الآية. وقال: {وَأَضَلَّهُ اللَهُ عَلى عِلمٍ}؛ على تأويل من تأول الآية: على علم عند من أضله الله.

ولو حصرنا الأمر في اليهود وفقط لم ننتفع، ولذلك جاء عن النبي الاستعاذة من العلم الذي لا ينفع وسؤال العلم النافع، ففي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أن النبي ﷺ كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".

ويكون العلم غير نافع إذا:

*قل الإخلاص

فقد أخبر النبي ﷺ عن أناس يوم القيامة هذا وصفهم: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه ... ورجل تعلم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار..).رواه مسلم 

*قل العمل به أو انعدم ولم يورث خشية الله

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ...}.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. قَالَ: "الْعُلَمَاءُ بِاللهِ الَّذِينَ يَخَافُونَهُ".

روى البخاري بسنده عن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه".

وقال إبراهيم الخواص: "ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العالم من اتبع العلم واستعمله، واقتدى بالسنن، وإن كان قليل العلم".

وَقَالَ مَالِكٌ: "قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ إلا لِنَفْسِي مَا تَعَلَّمْتُهُ لِيَحْتَاجَ إلَيَّ النَّاسُ".

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "زِينَةُ الْعِلْمِ الْوَرَعُ وَالْحِلْمُ". وَقَالَ أَيْضًا: "لا يَجْمُلُ الْعِلْمُ وَلا يَحْسُنُ إلا بِثَلاثِ خِلالٍ: تَقْوَى اللَّهِ، وَإِصَابَةِ السُّنَّةِ، وَالْخَشْيَةِ. وَقَالَ أَيْضًا: "لَيْسَ الْعِلْمُ مَا حُفِظَ، الْعِلْمُ مَا نَفَعَ".

*صد عن قبول الحق

أن يورث صاحبه كبرا يصده عن قبول الحق وتعلمه ففي الحديث: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر". رواه مسلم.

*استخدم في غير محله

كمن يماري أو يباهي قال ﷺ: "من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم).

*سآء به الأدب

فالكثير من الناس يتأدب من ضعف، فإذا اشتد عوده لم ينشغل إلا بالجرح والتجريح في فلان وعلان.

والسؤال الآن:

ما نيتك ولماذا؟ وما الفائدة من ذلك؟

أين الوفاء لأهل العلم؟

وإن كان الواجب عليه أن يعرف لشيخه حقه، ولا ينسى له فضله. قال رجل لابنه: (يا بني لئن تتعلم بابًا من الأدب أحب إلى من تعلم سبعين بابًا من العلم).

*لم يخرج زكاته

زكاة العلم: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله به، وتعليم الجاهل لا سيما فروض الأعيان والفروض الكفائية التي تعينت. قال تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.

فكل من تعلم -ولو مسالة- يراجع نفسه هل انتفعت بها أو لا؟ قبل أن لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة