الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دعوة للتفاؤل

في هذا الحديث جمع لنا النبي ﷺ بين أمرين لا بد لنا من فهمهم في هذا الظرف

دعوة للتفاؤل
وليد محمد عبد الجواد
الجمعة ١٢ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٤:٥٩ ص
1337

دعوة للتفاؤل

كتبه/ وليد محمد عبد الجواد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

في وقت بالغ الخطورة والتعقيد، وفي ظرف شديد الحساسية وتحت ظروف اقتصادية صعبة تمر بها بلدنا الحبيبة مصر، يسيطر على قطاع عريض من أبناء المجتمع مشاعر الإحباط واليأس والتجهم والتشاؤم، وفي بعض الأحيان الخوف على المستقبل أو الهلع والاضطراب، ولا تكاد ترى في وجوه الناس إلا التكشير وعلامات سوء المزاج. ومما زاد الأمر سوءًا تأثر قطاع عريض من أبناء الدعوة بهذه المشاعر، بل قد يردد بعض الأخوة بعض ما يقوله الناس وهو لا يدري ففي كثير من الأحيان يسيطر على أجواء الحوارات والمناقشات عند كل طوائف المجتمع الكلام حول تردي أوضاع الاقتصاد المصري وهبوط الأسهم وارتفاع الدولار، وهذا كله وغيره يلقي بمشاعر الإحباط واليأس والهزيمة النفسية.

لا شك أن الدعاة والعاملين في حقل الدعوة هم من أهم مصادر ثبات المجتمع وعدم انزلاقه إلى هوة الهزيمة النفسية، لذلك لا بد من هبة واستفاقة وعدم الانجرار إلى تلك الهوة السحيقة، والتي يراد السقوط فيها خصوصا لأبناء الدعوة، فبدلا من متابعه العمل ومضاعفة الجهود في هذه الأوقات الصعبة قد يؤدى ذلك إلى الكسل والخمول. نعم ما من شك أن هناك ظروف صعبة تمر بها البلد، ولا يكون ذلك أبدًا سببًا إلى وضع الرأس في الرمال كما تفعل النعام عند رؤيتها ما تخاف فإنها تسارع بوضع رأسها تحت الرمال حتى لا ترى ما يدور حولها، فيؤدي ذلك إلى موتها. فقد يفقد الأخ اتصاله بالناس فيتقوقع على نفسه بحجة الظروف الراهنة، وتكون النتيجة الحتمية ما يريد القوم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وهذا ليس دفاعا عن أحد ضد أحد، ولا فريق ضد فريق ولكن حفظا للوطن وتحقيقا للسنن. فإن الانشغال بالعمل بالدعوة وعدم الالتفات والاكتراث بهذه الدعوات هو من أولى الأشياء في هذه الأثناء. النبي ﷺ كان دائما وأبدا في أحلك المواقف وأصعبها يبشر ويدعو إلى التفاؤل، فعن خباب بن الأرت رضى الله عنه قال: "شكونا إلى رسول الله ﷺ وهو متوسد برده في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون".

ففي هذا الحديث جمع لنا النبي ﷺ بين أمرين لا بد لنا من فهمهم في هذا الظرف 1- بين معرفة طبيعة الطريق وسنن الله في أوليائه وأنهم مبتلون.

2- بين التبشير والتذكير بضرورة بقاء الدين وانتصاره.

وهذا ما نحتاجه في هذه الظروف الصعبة.

وعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة". نعم هذا ما نحتاجه أيضا في هذه الظروف الصعبة الكلمة الطيبة لا التجهم وانتظار سقوط البلد كما يدعو القوم.

ولا ننسى أيضا في هذه الأوقات قوله ﷺ: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".

فاللهم ما أجعل صبرنا على هذه المحن في ميزان الأعمال، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من آتى الله بقلبٍ سليم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة