الوقت هو الحياة
كتبه/
أحمد حمدي
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الوقت هو رأس مالك
وهو أنفاسك المعدودة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}. وأقسم الله عز
وجل بأوقات عدة لفضلها أو لفتا للانتباه لما فيها من عبودية لله عز وجل قال تعالى:
{وَالْعَصْر. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} والعصر هنا الزمن. وقال تعالى {وَالْفَجْرِ
. وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، {وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}.
وقال صلى الله عليه
وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ
وَالْفَرَاغُ". والغبن: هو الخسارة، لذلك سمي يوم القيامة بيوم التغابن لكثرة
الخاسرين فيه، وكذلك الغبن هو أن يبيع الإنسان السلعة بأقل من ثمنها، أو يشتريها
بأكثر من ثمنها. فكثير من الناس ينخدع في فراغه وصحته ويخسرهما ولا يغتنمهما ولا
يؤدى شكرها، قال صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسًا قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ
قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ
فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ" وقال أيضا "لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ
آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ
عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ
اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ" سؤلان عن
العمر عموما وعن الشباب خصوصا لما فيه من نعم الله من الحيوية والنشاط والفراغ
والقدرة على الحفظ والصحة والقوة لذلك يكون الحساب لله أشد، وللأسف الشديد نرى
شبابنا اليوم خاصة في الصيف يقضون الليل سهرا على "الكافيهات" وصفحات
التواصل الاجتماعي، أو اللعب واللهو، أو المعاصي والحفلات والمراقص، وينامون عن صلاة
الفجر، وربما يستيقظون من غروب الشمس فلا تراه في مصلحة دينية أو دنيوية، يقول: "هيا
بنا نقتل ونضيع الوقت".
ويقلب الليل نهارا
والنهار ليلا، ولا يعرف لله حقا ولا واجبا، فيكون أمره فرطا، كما قال تعالى: {وَلَا
تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ
أَمْرُهُ فُرُطًا}. قال ابن مسعود رضى الله عنه "ما ندمت على شيء ندمي على
يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي". فالشيء الذى إذا زاد نقص هو
العمر، وقال الحسن البصري: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك".
*وللوقت خصائص عظيمة
منها:
1-أنه أغلى ما
يمتلكه الإنسان، فهو أغلى من الذهب.
2-يمر سريعا، فانظر إلى
تقارب الزمان، وهو من علامات القيامة، أن يكون السنة كالشهر، والشهر كالأسبوع، والأسبوع
كاليوم، واليوم كالساعة. فيوم القيامة يقول الناس عن أعمارهم: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}. فالدنيا ساعة فلتجعلها طاعة.
3-ما مضى منه لا
يعود إلى يوم القيامة، قال الحسن البصري رحمه الله: "ما من يوم ينشق فجره إلا
وينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم
القيامة".
*لذلك أنصح إخواني
الشباب أن يستغلوا فترة الإجازة، وأن يستغلوا أعمارهم في طاعة الله عز وجل حتى لا
يندموا على ذلك وهذه بعض النصائح:
1-أداء الفرائض من
الصلوات في جماعة، وخاصة صلاة الفجر، ثم اتباع ذلك بالنوافل والسنن من قيام الليل
والضحى، قال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ
أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ
إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ
الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي
يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي
لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ".
2-ذكر الله تعالى
وأذكار الصباح والمساء خاصة قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ
لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}.
3-قراءة القرآن
وحفظه وتفسيره قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القران وعلمه".
4-طلب العلم سواء
حضور الدروس أو مناهج للقراءة في الكتب النافعة، قال صلى الله عليه وسلم
"طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ".
5-الدعوة إلى الله وهي
من أهم أسباب الثبات على الدين، قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك
رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم".
6-ممارسة الرياضة
النافعة للجسم فإنها تدفع الكسل وتجدد النشاط، قال عمر رضى الله عنه: "علموا
أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل". وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن
القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".
7-صلة الرحم أو البر
بالوالدين أو عيادة المرضى واتباع الجنائز.
8-تعلم مهارة نافعة
مثل اللغات أو قيادة السيارات أو البرمجة أو الفوتوشوب أو أخذ كورسات ICDL.
9-العمل والكسب
لمساعدة الوالد في مصاريف البيت أو على الأقل في مصاريفك أثناء الدراسة.
10-اللهو المباح من
رحلات خلوية أو مسابقات أو دورات رياضية؛ بعيدة عن القمار والميسر وكشف العورات والمنكرات،
قال صلى الله عليه وسلم: "روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلّت
عميت".
11-المشاركة في أي
عمل خدمي أو مجتمعي في شارعك أو مدينتك أو جامعتك قال صلى الله عليه وسلم: "أحب
الناس إلى الله أنفعهم للناس".
فلا بد من حسن إدارة
الوقت وتنظيمه، ووضع برنامج وجدول ليومك، ومحاسبة نفسك حتى لا تضييع أعمارنا، قال
تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ
النَّذِير}.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com
