الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أين الخلل؟

ليس الحل في قرض ربوي من صندوق النقد الدولي أو زيادة العبء على الفقراء

أين الخلل؟
أحمد حمدي
الخميس ٢٥ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٦:٥٠ ص
979

أين الخلل؟

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

يتساءل الكثيرون: ما سِرُّ ما نحن فيه من أزمة اقتصادية خانقة، وغلاء الأسعار، وضنك وبلاء ومرض ومصائب؟ كما سأل الصحابة يوما من الايام عن سبب الهزيمة وقَتلِ سبعين من خيرة الصحابة يوم أُحُد -وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضى الله عنهم- فردَّ الله عليهم: (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ) قال تعالى: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌" أي بسبب معصيتكم ومخالفتكم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

فالذنوب هي سبب البلاء؛ قال تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة، وقال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" وقال تعالى: "فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ".

والبعض يريد أن يصف حلولا و"روشتّة" مادية لعلاج الأزمة الاقتصادية، وينسى قول الله تعالى: "إنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" وقوله تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" وقوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ  ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ"

فجحود النعمة وكفرانها، ومبارزة الله بالذنوب والمعاصي، والإعراض عن ذكر الله، هو سبب الضنك والشقاء في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" وقال أيضا: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ".

والسخط وكثرة الشكوى، وعدم الرضا عن الله وقضائه، وعدم الشكر، هو سبب البلاء؛ قال تعالى: "مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً "، وقال صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ رَضِيَ، فَلَهُ الرِّضَا. وَمَنْ سَخِطَ، فَلَهُ السُّخْطُ" والقناعة كنز لا يفنى؛ قال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النفس"،  وقال أيضا: "مَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى أَعْلَنُوهَا إِلا ابْتُلُوا بِالطَّوَاعِينِ وَالأَوْجَاعِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلا نَقَصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا ابْتُلُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلا خَفَرَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذَ بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ"

إن الإيمان وتقوى الله وتحكيم شرعه، والتوبة والاستغفار، والاصطلاح مع الله والعمل الصالح، سبب للحياة الطيبة، وسبب للسعادة في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى" وقال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" وقال تعالى: "وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ" وقال تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ" وقال سبحانه: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا".

فليس الحل في قرض ربوي من صندوق النقد الدولي أو زيادة العبء على الفقراء؛ ولكن بالعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات، وزيادة الرقابة ومنع الفساد والرشوة والظلم، فان الظلم ظلمات يوم القيامة، قال تعالى: "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
631 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
787 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
620 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
947 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
626 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
683 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠