الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

ارحمُوا الشَبابَ يَرحمْكم اللهُ

أيها الشباب عودوا إلى خير الهدي

ارحمُوا الشَبابَ يَرحمْكم اللهُ
جمال فتح الله
الخميس ٠١ سبتمبر ٢٠١٦ - ١٣:٣١ م
2086

ارحمُوا الشَبابَ يَرحمْكم اللهُ

كتبه/ جمال فتح الله

الحمد لله الذي جعل قوة هذه الأمة في إيمانها ،وعزها في إسلامها والتمكين لها في صدق عباداتها،  ثم الصلاة والسلام على نبيها ورسولها محمد بن عبد الله وبعد،

عندما ينظر المسلم العاقل في المجتمع ويتأمل في حال الشباب وتصرفاتهم ، يرحمهم ويتلطف بهم ، ويرفق بهم ، وهذا ليس رضًا بما يفعلون ، لكنَّ المحيط  بهم من حولهم شيء  صعب وعجيب لأن الجو غير صحي ولا نقي ، والتعاون على البرِ والتقوى قليل، والقابض على دينهِ كالقابض على الجمر ، نعم ، لكن بالتأكيد هناك حلول مفيده جدًا وموجودة أمام الجميع ، لا يصلح الزمان ولا المكان إلا بالإسلام ،إذن لا بد من العودة السريعة إلى إسلامِنا ، كتاب وسنة بفهم سلف الأمة ، لأن دور الشباب من أهم الأدوار فى رفعة  وتقدم أمة الإسلام .

إن الحديث مع الشباب وعن الشباب وإلى الشباب حبيب إلى النفس قريب إلى القلب ، إن الشباب في كلِّ زمان ومكان وفي جميع أدوار التاريخ إلى زماننا هذا ،عماد أُمة الإسلام وسِـرُّ نَهضتها، ومَبعث حضارتها، وحاملُ لوائها ورايتها، وقائدُ مَسيرتها إلى المجد والنصر. إن الإسلام لَم ترتفع في الإنسانية رايتُه، ولَم يمتدَّ على الأرض سُلطانه، ولَم تَنتشر في العالمين دعوته ،إلاَّ على يد هذه الطائفة المؤمنة التي تَربَّت في مدرسة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتخرَّجت في جامعته الشاملة.

 تعتبر أيام الشباب من أعز الأيام التي تبقى عالقة بذاكرة الإنسان مهما عاش، لأنه كان فيها طليق الحرية، روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما بعث الله نبيا إلا شابًا، ولا أوتي العلمَ عالم إلا شابًا، ثم تلا هذه الآية:(قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) وقد أخبر الله تعالى به، ثم أوتي يحيى بن زكريا الحكمة  قال تعالى: (وآتيناه الحكـم صـبيًا). وقال تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف)وقال جل شأنه: ( إنهم فتية آمنوا بربهم)

 وأمثلة من الأنبياء:

  الأول: هو أبو الأنبياء إبراهيم -عليه السلام-  فإنه كان يتطلّع إلى الآفاق الواسعة ، ويفتش عن الحقائق الناصعة ، ويملك الشجاعة العالية ، فيتأمل ويفكر في ملكوت السموات والأرض ، حتى أدلة الله تعالى على الحقيقة ، فآمن بالله وتبرأ من الأصنام ومن كل المشركيـن . فقال الله تعالى ( وَكَذلكَ نُري إِبرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَمَاوَاتِ وَالأرضَ وَلِيَكونَ مِنَ المُوقِنِيـنَ ) وبهذا يصبح سيدنا إبراهيم عليه السلام القدوة لكل الفتيان والشباب الموحدين الشجعان الرافضين للوثنية والشرك والانحراف والضلال .قال تعالى: "ما كان ابراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا".

 الثاني : الذي يضربه القرآن الكريم  مثلًا  للفتيان والشباب هو النبي  يوسف - عليه السلام، وهو الذي آتاه الله العلم والحكمة عندما بلغ أشده ، وأصبح الفتـى ، القوي ، الصابر ، الصامد أمام عواصف الشهوة ، والإغراء بالجنس ، والإغراء بالمال والجاه ، وأمام ضغوط الاضطهاد ، والقمع ، والمطاردة ، والتهديد بالسجن ، والنفي ، والفتى الثائر ، المكسر لكل القيود ، وأغلال العبودية ، وأغلال الشهوات ، وكذلك أغلال المجتمع الفاسد . وكذلك تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم -  مع الشباب :

لقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - الشباب الثقة  ومنحهم المسئولية  خلافًا لما يعيشه  كثيرٌ من الناس اليوم. إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد منح زيد بن حارثة  وهو شاب وجعفر بن أبي طالب وهو شاب وعبد الله بن رواحة وهو شاب - منحهم الثقة، وسلمهم قيادة جيش مؤتة وما أدراك ما مؤتة ! أول معركة بين المسلمين والرومان، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى أسامة بن زيد قيادة جيش فيه رجال من كبار الصحابة أمثال أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ، وقد كان عُمُرُ أسامة آنذاك ثماني عشرة سنة. ويرسل معاذًا إلى بلاد بعيدة وفي مهمة عظيمة ومسئولية جسيمة - يرسل معاذًاً إلى اليمن ومعاذ لا يزال بعدُ في ريعان شبابه ويرسله على قومٍ ليسوا على مذهبه وملته وديانته ويقول له: (إنك ستأتي قومًا أهل كتاب ،يعني: "ليسوا مسلمين"، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أجابوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة) إلى آخر توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم -  لـمعاذ ، وهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول فيما رواه الإمام أحمد : (كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شباب ليس لنا نساء) يعني: لم نتزوج بعد، لا نزال فتية، لا نزال في بداية الشباب وفي مستهل حياة الشباب، لذا أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم -  بالشباب فقال - صلى الله عليه وسلم - ( اغتنم خمسا قبل خمس: “شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”

لقد كان للشباب المسلم الدور الأعظم في بناء الأمم والشعوب فعلي أكتافهم قامت الحضارات ، وكان لهم أثر كبير في نهضة الأمة الإسلامية على مر العصور واختلاف المجالات، فحُقِّ لهم أن يكونوا نماذج حسنة وقدوة صالحة لشباب الأمة في كل العصور.

مما لاشك فيه أنّ الشباب يتميزون بخصائص لا توجد في غيرهم من أهمها :

أنّ الشباب هم رجال الغد ، وآباء المستقبل ، وعليهم مهمة تربية الأجيال القادمة ، وإليهم تؤول قيادة الأمة  في جميع مجالاتها .

أنّ في صلاح الشباب صلاح للأمة ، وفي فسادهم فساد لها، إلا ما شاء الله تعالى ،لأنهم هم القوة المتحركة في المجتمع .

 أنّ الشباب لم يكتمل نضجه بعد ، فهو قابل للتشكل والتغير ، فمَنْ كان توجيهه إلى الخير قَبِله ، ونفع الله به ، وإن كان غير ذلك فالدمار مصيره.

أن فترة الشباب هي المرحلة التي يتمتع فيها الإنسان بكامل قواه الجسدية .

لذا كان أكثر حملة الإسلام الأوائل من الشباب في أول زمن البعثة ، فهذاعمر- رضي الله عنه- لم يتجاوز السابعة والعشرين ، وكذلك طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - لم يتجاوز الرابعة عشرة ، والزبير بن العوام - رضي الله عنه - لم يتجاوز السادسة عشرة ، وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لم يتجاوز السابعة عشرة ، وأكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا شبابًا ، قام عليهم الدين وحملوه على أكتافهم حتى أعزهم الله ونصرهم .

وعمل عليه الصّلاة والسّلام على تهذيب أخلاق الشّباب وشحذ هممهم وتوجيه طاقاتهم وإعدادهم لتحمّل المسؤولية في قيادة الأمّة، كما حفّزهم على العمل والعبادة، فقال - صلى الله عليه وسلم - “سبعة يُظلّهُم الله في ظِلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه” وعدَّ منهم: “شاب نشأ في عبادة الله”

وحثّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم -  الشّباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال : "المؤمن القويّ خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير".

ما كان أصحابُ النبي محمد  ***  إلا شبابًا شامخي الأفكارِ

من يجعل الإيمان رائدهُ يَفز  ***   بكرامةِ الدنيا وعقبى الدارِ

لقد علم أعداء الإسلام أهمية  دور الشباب في بناء الأمة؛ فحرصوا حرصاً كبيرًا على إلهائهم، وتسميم أفكارهم، وزرع الميوعة والخلاعة في نفوسهم، وخططوا ودبروا لتبديد هذه الثروة، ثروة الشباب وتعطيلها وإفساد طاقتها، وتخريب قوتها، وصدق الله إذ يقول: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ   الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" .

وذلك عن طريق حرب ناعمة تسري بهدوء، وهي الغزو الفكري، حرب لا صوت لها من طائرات ودبابات ومدافع ، بل مسخ  للهوية الإسلامية ، عن طريق برامج ومخططات ، ومؤتمرات ، هي  فى الحقيقة مؤامرات ،ولقاءات بين الشباب المسلم والكافر ، لتمييع  قضية الولاء والبراء ، وكسر حاجز الهيبة بين الإسلام والكفر ،وتمرير نظرية زمالة الأديان المزعومة الكاذبة ،المحرمة ،وعلى سبيل المثال "مؤتمر كان"  في شهر يوليو 2008 في مادريد عن الأديان ومكافحة العنف والفقر، وآخر فى 16/11/2008 في نيويورك بأمريكا، لقاء بين الأديان ،وكان من الحضور شيخ الأزهر/ سيد طنطاوى ، والمفتي /علي جمعة ، وملك السعودية الملك/عبد الله ، والله لا أعرف ماذا يقول المسلم فى مثل هذه اللقاءات، لأن كل الرسل والأنبياء كانوا على الإسلام ،قال تعالى:" قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ".

              وقال تعالى : "إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" .

 وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الأنبياء إخوة لعلَّات دينهم واحد وأمهاتهم شتى".

والإخوة لعلات : هم الذين  يكونون إخوة من أب واحد وإنما اختلفت أمهاتهم.

وقد شبه النبي الأنبياء بالإخوة لعلات لأن دينهم واحد وهو الإسلام "وأمهاتهم" أي شرائعهم مختلفة أي تفاصيل بعض أحكام الفروع مختلفة ، أما الأصل والعقيدة فواحدة لا اختلاف فيها ، والأدلة كثيرة جدًا:

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا دخل النار).

لابد أن يعرف كل مسلم هذه الحقائق ،ويتعلم هذه العقيدة الصحيحة ، خاصة الشباب ،ويكون الاهتمام بهم ، علميًا واقتصاديًا، واجتماعيًا، بدل إغراقهم في الشهوات ، والقروض الربوية ، وإثقال كاهلهم  بالديون المحرمة ، - ارحموا الشباب  يرحمْكم الله – لا بدَّ أن يكون هناك مجالات للعمل والكسب الحلال ، وفرص عمل شريف،وإعطاء فرصة للفضلاء منهم المتفوقين، وإلا سنرى جيلًا من الشباب مقلدًا لأعداء الله، متشبهًا بهم، معجبًا بأطروحاتهم وأفكارهم، متبعًا لهم، مسلمًا بما جاء من عندهم؛ حتى وصل الحال ببعضهم بازدراء أحكام الإسلام، والتخوُّف من الحكم الإسلامي،

وظهر جيل آخر من الشباب متشبه بأعداء الله في الظاهر أو المظاهر، فيتسمى بأسمائهم، ويقلدهم في لباسهم، ويتشبَّه بهم في تصرفاتهم وحركاتهم وقصَّاتهم، ويعظم صور لاعبيهم وسفهائهم، وكأنهم لم يسمعوا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ومن تشبه بقوم فهو منهم".

وظهر جيلٌ آخر من الشباب شباب مترفون، عابثون ساهون لاهون، تافهون تائهون، يهدرون أوقاتهم في سفاهات، ويضيعون شبابهم في شهوات وملذات، حياتهم حياة بهيمية،

يظنون أن الرجولة في تصفيف الشعر وتنسيق الثياب، والوقوف طويلًا أمام المرآة للظهور بمظهر جذَّاب.

يظنون أن الرجولة في التبجح بالحديث عن المغامرات والمعاكسات، وملاحقة الساقطين والساقطات، ويروون قصصهم في ذلك بكل جفاء وقلة حياء.

وآخرون يظنون أن الرجولة في سماع الأغاني ورفع الصوت بها في السيارة ،

إنهم جيل القنوات الفضائية، والقصَّات الغربية، والرقصات الهستيرية، والتكسر في المشية.

  وفريقٌ آخر من الشباب تجد قِبلته هي الكرة؛ فهي شغله الشاغل وهمه الأول؛ فتراه دائم المتابعة لأخبارها، مدمن المشاهدة لأدوارها، شديد اللهفة لها، على حساب صلاته وواجباته، وحاجات أهله وبيته.

ولو سألته عن جدول المباريات لأجابك بكل تطويل وتفصيل، ولو سألته عن اللاعب الفلاني لأجابك بملء فمه إجابة العارف عن اسمه وجنسيته وفريقه وكل تفاصيله، ثم لو سألته عن سورة من قصار السور لوجدت أنه لا يحفظها، بل ربما لا يحسن قراءتها، ولو سألته عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  لتخبَّط ذات اليمين وذات الشمال ولم يعطك جوابًا.

أما الصلاة؛ فحدِّث ولا حرج عن تضييعها وإهمالها، لاسيما صلاة الفجر؛ فكثيرٌ من الشباب قد أضاعها وأهملها وفرَّط فيها، ونام عنها .

أيها الشباب عودوا إلى خير الهدي ، ارحموا أنفسكم  يرحمكم الله .

والحمد لله رب العالمين

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً

نطهر صيامنا (2)
59 ١٢ مارس ٢٠٢٤
نطهر صيامنا (1)
60 ٠٤ مارس ٢٠٢٤
إنما الحلم بالتحلم (1)
40 ٣١ يناير ٢٠٢٤
لا تحمل همًّا!
91 ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣
محطات تطهير!
94 ١٩ يونيو ٢٠٢٣