الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ما بين الهجرة والفتح .. ابتلاء ونصر

من سار في الطريق لابد أن يعلم طبيعته ومنتهاه، وإن تصدقوا الله يصدقكم

ما بين الهجرة والفتح .. ابتلاء ونصر
خالد آل رحيم
الأحد ٠٩ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٩:٥٥ ص
948

ما بين الهجرة والفتح .. ابتلاء ونصر

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

عندما تواجه الدعوة بعض العقبات والابتلاءات؛ نجد البعض ممن ينتمي إليها يتضجر ويتململ مما يحدث، فتضعف عزيمته، ويتكاسل عن الدعوة بدعوى الإحباط والحزن عما آلت إليه الأمور، وما كان هذا منهج الأنبياء ولا ورثتهم من العلماء؛ لأنهم  يضعون نصب أعينهم قول الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).

وفي هذه الأيام مرت بنا ذكرى هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- فتأملت هذا المشهد، فوجدته تطبيقًا عمليًا للآية السابقة؛ فقد هاجر -صلى الله عليه وسلم- مطاردًا، وفي بضع سنين عاد فاتحًا، فبدأت هجرته -صلى الله عليه وسلم- بالابتلاء وانتهت بنصر وفتح مبين.

خرج -صلى الله عليه وسلم- مطارَدًا حزينًا، قد تشرد أصحابه في البلدان، بل لا يأمن على نفسه، وقد اجتمعوا على قَتلِه؛ فخرج بأمر من الله إلى الغار، فلحقوا به ووقفوا على بابِه، وهو يطمئِن صاحِبَه: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) فنجَا مرّة أخرى؛ فطاردوه ووضعوا الأموال الطائلة مقابل  رأسه -حيا أو ميتا- فنجاه الله.

ووصل -صلى الله عليه وسلم- المدينة؛ فلحقوا به وقاتلوه في "أُحُد" فقتلوا خيرة أصحابه، وعلى رأسهم عمّه المقرَّب إليه حمزة -رضي الله عنه- فلم يثنِه ذلك عن الطريق، ثم عادوا إليه مرة أخرى وحَزَّبوا "الأحزاب" وحاصروه، قال تعالى: (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا). ثم جاء النصر  وانقلبت الأحزاب مهزومة.

ثم كانت "الحديبية" وما فيها من صلح اعترض عليه عُمَر -رضي الله عنه- وعند  رجوعه -صلى الله عليه وسلم- على أبواب المدينة أُنْزِل قولُه تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)؛ فقال عُمَر: أوَفَتْحٌ هو؟ قال: نعم.

ثم كان أعظم فتح في التاريخ "فتح مكة" وهذا كله في بضع سنين.

فلماذا الإحباط والاستكانة والنكوص؟؛ فمن سار في الطريق لابد أن يعلم طبيعته ومنتهاه، وإن تصدقوا الله يصدقكم. " نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة