الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) .. والأئمة المضلون

أجمع العلماء على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة إلى جميع الثقلين ومن لم يؤمن به ويتبع ما جاء له فهو كافر من أهل النار

(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) .. والأئمة المضلون
علي حاتم
الجمعة ٢١ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٧:٥٤ ص
1181

(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) .. والأئمة المضلون

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا يزال مسلسل سلخ الناس من دينهم مستمرا، وآخر ما سمعناه من أحد أئمة الضلال والذي يدعو الناس إلى حرية اختيار دينهم سواء كان اليهودية أو النصرانية محتجا ببعض الآيات التي وصفت أتباع الرسالات السابقة على بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم بأنهم مسلمون، وذلك مثل قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون}، وغير ذلك من الآيات.

فلما سأله سائل قائلا: فما معنى قول الله عز وجل: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَام}؟، أجاب قائلا: إن معنى الإسلام هو الاستسلام والخضوع لله. وسكت، أي أنه في إجابته اقتصر على الشق المتعلق بكون الإسلام عقيدة وأهمل كونه شريعة أيضا.

حقا إن الإسلام هو إخلاص الدين لله بتوحيده والاستسلام له بعبادته وحده، وهو دين الأنبياء جميعا حيث وجب على كل أتباع الرسل السابقين اتباعه، فمن آمن بموسى -لما بُعث- واتبعه من قومه فهو مسلم وله الجنة، ومن آمن بعيسى واتبعه لما بُعث فهو مسلم وله الجنة، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم لم يَسَع اليهود والنصارى إلا اتباعه. ولقد وجب على الخلق جميعا من يوم أن وصلتهم دعوته أن يؤمنوا به ويتركوا ما كانوا عليه، فإن الله تعالى لن يقبل إلا الإسلام عقيدة وشريعة، ولقد قال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»، رواه مسلم.

وهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه -كما قال السدّي-: بينما هو يحدث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أصحابه فقال: كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون به ويشهدون أنك ستبعث نبيا، فلما فرغ من ثنائه عليهم قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا سلمان هو من أهل النار»، فاشتد ذلك على سلمان، فأنزل الله هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، فكل من اتبع رسوله في زمانه فهو على هُدى ونجاة وهو مسلم، فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس كافة وجب على جميع الخلق الإيمان به واتباعه وطرح ما كانوا عليه من شرائع سابقة.

وبقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أن الركن الأول من أركان الإسلام في الحديث المشهور: «بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ» هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، كما أجاب صلى الله عليه وسلم بنفس الإجابة على سؤال جبريل له عن معنى الإسلام بادئا بذكر الشهادتين معا.

لا بد من التأكيد على أنه لا يجوز للمسلم تبديل دينه، فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بَدَّلَ دِينَه فاقتلوه».

كما ينبغي التأكيد على أن الإسلام نسخ جميع الأديان وأبطل العمل بأحكامها، قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}، وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقال نبيُّه صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي» وذكر منها: «وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً».

ولقد أجمع العلماء على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة إلى جميع الثقلين ومن لم يؤمن به ويتبع ما جاء له فهو كافر من أهل النار جِنيًّا كان أو إنسيًّا، يهوديا كان أو نصرانيا، أعجميا كان أو عربيا.

ولقد صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين حذرنا من الأئمة المضلين فقال في الحديث الذي رواه ثوبان وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: «إنما أخافُ على أمتي الأئمة المضلين». عليهم من الله ما يستحقون، وكفى المسلمين شرورهم وضلالهم.

وهذا الحديث في معنى «المغضوب عليهم والضالين» في سورة الفاتحة التي يقرؤها كل مسلم في صلاته على الأقل 17 مرة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: «الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ، وَالضَّالُّونَ: النَّصَارَى».

وإني أيها الضال المضل أدعوك إلى التوبة إلى الله والإنابة إليه حتى لا تكون مصدرا لفتنة عوام المسلمين والتلبيس على الناس في أمر دينهم، فهذا قطعا من تلبيس إبليس لعنه الله.

والله وحده المستعان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة