الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

لمحات من حياة قائد فذ

ما أحوجنا في زمننا هذا لمثل هذه النماذج الفريدة من القادة الأفذاذ !

لمحات من حياة قائد فذ
أم محمد سرحان
الأربعاء ٠٩ نوفمبر ٢٠١٦ - ١٣:٠٥ م
1218

لمحات من حياة قائد فذ

كتبته / أم محمد سرحان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

أما بعد ففي تاريخ الأمم العظيمة ملاحم وبطولات تبقى على مر الدهر علامات بارزة ونقاط تحولٍ في حياتها ، هذه الملاحم والبطولات صنعها قادة أفذاذ ورجال عظام ، فالملاحم والبطولات هي صناعة أمة عظيمة ، بصناعة قادة عظام من أبناء هذه الأمة .

إن الله تعالى قد من على المسلمين بتلك الدولة العظيمة التي استطاعت أن تجمع المسلمين تحت راية الخلافة بغض النظر عن بعض العيوب والأخطاء التي وقعت فيها تلك الدولة ، هذه الدولة هي دولة الخلافة العثمانية التي أسسها الأمير عثمان بن أرطغرل ، وخرج من هذه الدولة من حقق بشارة نبوية الكريمة .

من هذه الدولة خرج للدنيا ذلك القائد المظفر محمد الثاني بن السلطان مراد ، ذلك القائد المظفر الذي أراد أن يبر قسم والده السلطان مراد بفتح القسطنطينية .

فمن أقدار الله تعالى أن يسر سبل تولي القائد محمد الفاتح سلطنة الدولة العثمانية ، فقد كان للسلطان محمد الفاتح أخ يدعى علاء الدين فجع فيه السلطان مراد واشتد حزنه عليه وزهد في الدنيا والملك ، ونزل عن السلطنة لابنه محمد ، وكان في الرابعة عشرة من عمره .

ذلك القائد الذي حكم نيفًا وثلاثين عامًا .

هذا القائد الذي دخل القسطنطينية وهو يحثو التراب على رأسه تواضعًا لله ، ذلك القائد الذي كان يعرف حق السيف الذي يحمله ؛ فعندما كان ذاهبًا إلى طرابزون وقد صادفه في طريقه بعض الجبال العالية فترجل عن حصانه وتسلقها على يديه ورجليه كسائر الجند ، فانتهزت السيدة سارة خاتون - وكان يدعوها بأمه وهى أم أوزون حسن - هذه الفرصة لتصرفه عن طرابزون ، وقالت له : فيم تشقى يا بني ؟ تتكبد كل هذا العناء ، وهل تستحق طرابزون كل هذا ؟

فماذا كان جواب الفاتح ؟!

قال : يا أماه إن الله قد وضع هذا السيف في يدي لأجاهد به في سبيله ، فإذا أنا لم أتحمل هذه المتاعب وأؤد لهذا السيف حقه ؛ فلن أكون جديرًا بلقب الغازي الذي أحمله ، وكيف ألقى الله بعد ذلك يوم القيامة ؟

ما أحوجنا في هذه الأيام إلى مثل ذلك الرجل الذي دانت له آسيا الصغرى ومعظم أوربا .

ومن قوة شخصية ذلك الرجل الفذ وكمته أنه كان لا يعلم أحد وجهته إذا أراد الغزو ، ففي إحدى غزواته سأله أحد القضاة : إلى أين نتجه؟ فأجابه الفاتح : لو أن شعرة في لحيتي علمت بوجهتي لنتفتها وألقيت بها في النار.

هذا الرجل الذي لم يتوان عن معاقبة كل من يخطئ ، حتى لو كان المخطئ هو الصدر الأعظم ؛ فلقد عاقب كلًّا من الصدر الأعظم خليل باشا ومحمود باشا لأنه يعلم أن الوزير الصالح يكون عونا للسلطان على الحكم بالعدل .

ومما يحكى عنه أنه كان يجل القضاء والقضاة ويوسع للقضاة في الأرزاق ويحيطهم بمهابة عظيمة ، ويسمي القاضي بنائب الشريعة .

فقد حدث أن أحد غلمان الفاتح ظهر منه الفساد في أدرنة فأرسل له القاضي بعض الخدم لمنعه ، فلم يمتنع ، فركب القاضي إليه بنفسه فاعتدى عليه الغلام وضربه ضربًا شديدًا ، فما إن سمع الفاتح حتى أخذه الغضب واستطار به ، ثم جاء الغلام إلى القسطنطينية فأتى به الوزراء إلى السلطان محمد فأحضر السلطان عصا كبيرة ، وضربه بها ضربًا  شديدًا بنفسه حتى مرض الغلام أربعة أشهر ، فعالجوه حتى برئ ، ثم صار ذلك الغلام وزيرًا للسلطان بايزيد الثاني واسمه داود باشا ، وكان يدعو للفاتح ويقول : إن رشدي هذا ما حصل إلا من ضربه .

أين نحن من ذلك الحاكم العادل ، الذي لا يخشى في الله لومة لائم ؟

أين نحن من ذلك الحاكم ، الذي يعاقب كل مخطئ ولا يخشى بأسه؟

فما أحوجنا في زمننا هذا لمثل هذه النماذج الفريدة من القادة الأفذاذ !!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً