الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

المَطَر بين الضجر والفرح

لكوارث التي تصيب الناس تدور بين ابتلاء وعذاب

المَطَر بين الضجر والفرح
عصام حسنين
السبت ١٢ نوفمبر ٢٠١٦ - ١١:٣٨ ص
1413

المَطَر بين الضجر والفرح

كتبه/ عصام حسنين 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمما جُبل عليه الإنسان المِلال والضجر إن أصابته ضرّاء أو تأخرت عنه السرّاء، والمِلال من استمراره على عادة واحدة، وهذا يحمله على العَجَلة والطيش !!.

إلا أهل الإيمان واليقين الذين يشكرون في السراء ويصبرون في الضراء !

ومن أمثلة ذلك: المَطَر!؛ إن تأخر ضجر وإن نزل وكثر وخِيف منه الضرر مَلّه، وتمنى أن لو انقطع، بل ربما سَبّ الريح أو المطر إن آذاه !.

وهذا نراه ورأيناه -للأسف- من البعض عندما رأى السيول وما فعلته في "رأس غارب" وغيرها، وصار عنده خوف من نزول المطر، وإن توقع  أهل "الأرصاد" نزول المطر بما آتاهم الله من علم -بشرط تعليقِه على  مشيئة الله- ولم يقع يقول: الحمد لله.. مرّت بسلام.

وليس الأمر كما قال أو تمنى!.

* إنما الوسَط والعدل هو طريق الإيمان وأهله؛ فالمَطَر رحمة الله، وغياث يغيث به عباده من بعد ما قنطوا، وينشر رحمته في الجهة التي أنزله بها.

(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ? وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) الشورى 28.إن تأخر؛ دعا العبدُ ربَّه -تعالى- أن يُسقيه، كما دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم أغثنا" .. "اللهم اسق بلدك وبهيمك وانشر بركتك" .. "اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا طبقا واسعا، عاجلا غير آجل، نافعا غير ضار" .. "اللهم سُقيا رحمة لا سُقيا عذاب".

* وإن نزل؛ حمد الله -تعالى- ودعا ربَّه، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو عند نزول المطر: "اللهم صيّبًا نافعًا".

* ويتعرّض له؛ لأنه حديث عَهْدٍ بتكوين الله له، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل. عن أنس -رضي الله عنه- قال: "فحَسَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديثُ عهد بربِّه تعالى". رواه مُسلِم.

* وإن خاف من ضرره إذا كثر؛ دعا بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم حوالينا ولا علينا،اللهم على الآكام والظِّراب والأودية ومنابت الشجر".

(حوالينا) أي حوالي المدينة، (ولا علينا) أي ولا على المدينة التي خِيف أن تتهدم من كثرة الأمطار . (الآكام): جمع أَكمَة، وهي الأرض المرتفعة . (الظِّراب): جمع ظرب وهي الرابية الصغيرة.

* ولا يسبّ الريح، وإنما يسأل الله خيرَها، ويستعيذ بالله من شرِّها، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَلا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا، وَعُوذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا". رواه أبو داوود.

(روح): الرحمة، فلا تسبّوها؛ لأنها مأمورة. شرح أبي داوود لشمس أبادي  14/3

* وليعلم أن ماعند الله لا يأتي إلا بطاعته؛ فمع الطاعة الخيروالبركات، ومع المعصية القحط والجدب وأنواع العذاب. يقول الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) الأعراف 96- 99، وقال الله تعالى -عن نوح عليه السلام- وهويدعو قومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) نوح 10-12، وقال الله تعالى عن هود -عليه السلام-: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).

* وليعلم أن الكوارث التي تصيب الناس تدور بين ابتلاء وعذاب؛ فهي لأهل الإيمان والطاعة ابتلاء، إن صبروا عليها كانت كفّارة لذنوبهم ورفعة لدرجاتهم، ولأهل الكفر والفجور عذاب -عياذا بالله تعالى-.

* فطوبى للعبد المؤمن الذي يتفاعل مع آيات الله الكونية تفاعلا إيمانيا، طمعا في رحمته ورضوانه، وخوفا من عذابه! ..

"اللهم اسقنا غيثا مغيثا، هنيئا مريئا" .. اللهم ارفع عنا الجهد والعري، واكشف عنامن البلاء ما لا يكشفه غيرك .. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفّارا فأرسل السماء علينا مدرارا.

  موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً