الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

سمات العمل المؤسسي -1

المؤسسات الناجحة لا تعتمد على المبادرات والتحركات الفردية -برغم أهميتها-

سمات العمل المؤسسي -1
أحمد عبد الحميد عنوز
الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦ - ١١:٥٥ ص
1867

سمات العمل المؤسسي (1)

كتبه/ أحمد عبد الحميد عنوز

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

من سمات العمل المؤسسي:

1. وحدة الرؤية والأهداف ووضوحها لكافة أعضاء المؤسسة: وهذا العنصر فرع على أصل ضروري وهو أن تملك المؤسسة ككل رؤية واضحة لعملها بما يتناسب مع رسالتها والأهداف التي أُنشِأَت من أجلها، وغياب هذه الرؤية وعدم توحيدها يدفع المؤسسات في طريق التخبط الدائم والنزاع والانقسام ومن ثم الفشل المحقق، وتكوين الرؤية ينبغي أن يصاحب بداية تكوين المؤسسة ثم يتم تطوير هذه الرؤية باستمرار، بحيث تراعي المستجدات الداخلية للمؤسسة والخارجة عنها في بيئة عملها، وكذلك تراعي الواقعية في التحرك نحو الأهداف المستقبلية الطموحة، فإذا تحددت الرؤية وجب على قيادات المؤسسة أن تعمل على إيضاحها بصورة تامة لأعضائها، وتوحيدها على مستوى القيادات والأعضاء بحيث يتحرك الجميع في إطار واحد منظم يجمع الجهود وينسّقها ويحمي المؤسسة من الفشل.

إن الانتماء العاطفي العام للمؤسسات والجهد الوفير في خدمتها لا يكفيان إطلاقاً في تحقيق أهدافها إذا تشتت الرؤية وصار كل فرد يعمل بما (يتصوره) - بطريقته الشخصية- رؤية وأهدافاً للمؤسسة التي ينتمي إليها.

2. وحدة الثقافة التنظيمية ومنظومة القيم: وهذا من أهم عناصر صلابة المؤسسة وتماسكها، والثقافة التنظيمية شئ مختلف عن البناء التنظيمي أو الهيكلي -على ما سيأتي إيضاحه في مقالات لاحقة إن شاء الله-، فمن الضروري لكل مؤسسة توحيد الثقافة والمفاهيم الإدارية داخلها، خاصة فيما يتعلق بالبنية التنظيمية المعتمدة والعلاقات البينية داخل المؤسسة، وكيفية إيجاد وإدارة الأنشطة وتقييمها ومعايير التقييم، وآلية اتخاذ القرار، ولوازم الانتماء للمؤسسة، وطريقة اختيار القيادات أو ترقيتهم أو إعفائهم، وكيفية حل النزاعات وإدارة الخلاف، وكذلك المعايير الأخلاقية المُلزِمة للمؤسسة في تحديد أهدافها ووسائلها، ومعايير اختيار أعضائها وقياداتها، والعلاقات بين أبنائها، وعلاقتها بالمخالفين لها على درجات اختلافهم.

إن منظومة القيم الأخلاقية تتفاوت بين المؤسسات؛ إلا أن أي مؤسسة تنتمي إلى العمل الإسلامي بصفة عامة ينبغي أن تستمد مرجعيتها الأخلاقية من القرآن والسنة وآدابهما، وهذه الآداب مبثوثة في كتب الأحكام الشرعية، وكتب وأبواب الآداب والسلوك الشخصي والجماعي المستفادة من هدي وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيرة الأنبياء والصحابة والخلفاء الراشدين ومن سار على هديهم، وبقدر الالتزام بالثقافة التنظيمية الرشيدة، والمعايير الأخلاقية الشرعية والعرفية المعتبرة؛ يكون نجاح المؤسسة في تحقيق أهدافها النبيلة، وبقاؤها على طريق التوفيق والرشاد.

3. الانتماء للمجموع وليس للأفراد: تتكون الولاءات داخل أي تجمع بشري لأسباب متباينة، وهناك أنواع من الولاء داعمة لمصلحة المؤسسات الدعوية؛ كتقدير أهل العلم والديانة، واحترام القيادات، وأصحاب التأثيرالإيجابي، وأصحاب الفضل والسبق، وينبغي على المؤسسة الناجحة إيجاد هذه الولاءات الإيجابية وتنميتها والاستفادة منها، بل واحترام والاستفادة من الولاءات المبنية على النسب، و التجاور المكاني، والانتماء القبلي والعائلي، والانتماء الوظيفي، والعلاقات الاجتماعية والشخصية؛ إلا أن هذه الولاءات والانتماءات جميعاً لا ينبغي أن تتعارض مع الانتماء للمؤسسة و مصالحها العامة وقراراتها، وإدارتها لمهامها ومواقفها المختلفة، وإلا كان ذلك باباً للفرقة والهدم والتفتت.

إن المؤسسات الدعوية ينبغي أن تحكمها معايير الولاء والبراء الشرعية حيث أُخوّة الإيمان فوق كل أُخوّة، وغياب مفاهيم الانتماء الرشيد، وقيمها الشرعية يعرض المؤسسات الدعوية لأمراض مضاعفة جعلت الكثيرين ينفرون من العمل الجماعي الدعوي، كما أن المؤسسة التي يغلب عليها القيادة عن طريق الرمزية أو الوجاهة هي مؤسسة معرضة دائماً للتوقف والتفتت بحسب ميول هذه الرموز والوجاهات، وما يعرض لهم من ظروف كالمرض أو الموت، أو تغيرات نفسية أو منهجية تجعلهم يخرجون عن رؤية وأهداف المؤسسة التي ينتمون إليها.

4. تنفيذ المهام من خلال مجموعات عمل: فالمؤسسات إنما تكونت لتتجاوز الفردية وسلبياتها، والتي من أبرزها محدودية الإنتاج الفردي، وهذا لا يتم إلا بتكوين فرق عمل فعّالة ومتخصصة؛ لتحقيق الأهداف المطلوبة.

إن أي مؤسسة تعتبر في مجموعها فريق عمل، وداخل هذا الفريق الكبير ينبغي تكوين فِرَقٍ أصغر؛ للقيام بالمهام المتخصصة التي تحتاج إلى كفاءات خاصة ووفرة عددية وتنوع مهاري، ونجاح أي مؤسسة يعتمد على قدرتها على تكوين وإدارة فرق العمل المناسبة من حيث التخصص والكفاءة والعدد والتوزيع الجغرافي وتنوع الأنشطة، بالإضافة إلى العمل على تطوير هذه الفرق وأفرادها وتنسيق جهودها.

إن المؤسسات الناجحة لا تعتمد على المبادرات والتحركات الفردية -برغم أهميتها- واستمرار اعتماد المؤسسة عليها فقط يعني أن (مؤسسيتها) مجرد ادعاء.

وللحديث بقية إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

ربما يهمك أيضاً

سمات العمل المؤسسي (8)
1195 ٠٥ مارس ٢٠١٧
سمات العمل المؤسسي (8)
1208 ٢٥ فبراير ٢٠١٧
سمات العمل المؤسسي (7)
1308 ١٨ فبراير ٢٠١٧
سمات العمل المؤسسي (6)
1266 ١١ فبراير ٢٠١٧
سمات العمل المؤسسي (5)
1275 ٣٠ يناير ٢٠١٧
سمات العمل المؤسسي (4)
1140 ٢٩ ديسمبر ٢٠١٦