الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وماذا بعد؟!

الحل الناجح هو التوازن الشديد في الحفاظ على المكونات الأساسية الصلبة

وماذا بعد؟!
محمد سعد الأزهري
السبت ١٧ ديسمبر ٢٠١٦ - ١٩:٢٢ م
1175

وماذا بعد؟!

كتبه/ محمد سعد الأزهري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الإصلاح الاقتصادى لا يبدأ عن طريق "مرْهَمة" (تمييع وتنعيم) العقيدة، لأن هذا معناه أن صراعك لن يكون بين حق وباطل، بل بين مغيّب وآخر مدعوم!

وبناءً على رصدي لمقالات وتصريحات من يتولون الترويج للإصلاح الاقتصادى عبر شروط -أو توجيهات!- صندوق النقد الدولى فإنهم بكل وضوح يرسمون للبرلمان والحكومة دائرة التحركات خلال الفترة القادمة؛ وذلك من خلال استخدام تفجير الكنيسة البطرسية في تغيير المناهج التعليمية والسياسة الإعلامية، وتنعيم الخطاب الديني، وتحجيم الخطاب المتّزن، ووأد الخطاب الذي يعتني بعقيدة الولاء والبراء وذلك بحجة أن الإرهاب بدأ من هناك!

وبناءً عليه سيخرج لنا جيل لا يرى لنفسه ميزة على غيره إلا إذا كان دخله السنوي يتعدى 20 ألف دولار!

أو أنه لا قيمة له فى الحياة إلا إذا استطاع تصنيع الصاروخ والسيطرة على الفضاء!

وأنه لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بامتلاك الدخل الشهري المناسب!

وأن الدين عند الله هو حرية الإنسان وحلاوة الإنسان وجمال الإنسان!

وأن امتلاكك للتقنية الحديثة هو السبيل الوحيد لتقدمك حتى ولو كنت بلا قيم ولا هوية!

فانحرافك الشخصي وفكرك المعوجّ مع التزامك القوي بالقوانين سيجعلك قرينًا للياباني والصيني والسنغافوري والأوروبي والأمريكي بغض النظر عن هويتك وتدينك، المهم أن تجعل الدنيا منتهى أملك ومبلغ علمك!

ولابد كذلك أن ينبهوك ليل نهار أن دينك بل وتدينك هو سبب تأخرك وتموضعك عند مؤخرة الركب!

لذلك يجب على العقلاء فى الدولة أن يدركوا أن التجهيل الشديد لأجيال الشباب نحو عقيدتهم وهويتهم لهو من أكبر الأسباب على صناعة البيئة الخصبة التي تنتشر من خلالها كل أفكار العنف والتكفير!!

وأن من يظن أن التوازنات العالمية ستتيح له خنق المناهج المتصلبة -من وجهة نظره- والتي تختلف مع توجهات الدولة -بل والعالم الغربي كذلك- بحجة أنها عقبة في طريق الإصلاح الاقتصادي؛ فعليه أن ينتبه إلى أن الغرب سيُغمض عينيه لمزيد من الاحتقان الداخلي لإعادة الكرّة مرة أخرى نحو إيجاد صراع حضاري وآخر اقتصادي بينهما أزمات مصطنعة؛ وذلك استعدادًا لمباراة جديدة لصناعة الفوضى القادمة، والتي قد تكون أكبر من طاقة الجميع!

بل وعليه أن يدرك أيضاً أن الغرب لا يريد بحال لدولنا أن تنجح  اقتصاديًا ولا سياسيًا ولا اجتماعيًا إلا في حالة التبعية الكاملة؛ وحينها سيكون نجاحًا ضئيلًا للغاية، لا يمنع من السقوط عند أول بادرة عصيان!

نعم، أنا أدرك جيدًا أن هناك مناهج منحرفة وضالة خاصة ببعض الأشخاص الذين ينتمون ظاهرًا للتيار الإسلامي، ولكنها لا تصل بحال إلى أي عمق داخل الحالة المصرية أو العربية، بل وهذه المناهج موجودة عبر التاريخ فليست جديدة علينا، بل وأي قاريء جيد للتاريخ سيدرك ذلك بسهولة، وهناك كذلك مناهج أشد ضلالًا وانحرافًا في علمانيتها وماركسيتها؛ لو أتيح لها الوقت اللازم مع العدد المناسب المنتمي لها لوجدنا محاكم التفتيش تُرسم على كل شبر من الوطن، ولوجدنا الرقاب معلّقة فوق الكنائس قبل المآذن!

لذلك أكرر التنبيه والبيان بأن الغرب وذيوله في الداخل -ممن يريدون تغيير المناهج التعليمية خصوصًا- هدفهم هو صناعة مجتمع يسهل ذوبانه داخل بوتقة العولمة؛ وبالتالي تصبح عقيدة الشباب هي الحفاظ على النظام العالمي الجديد، لا الدفاع عن الهوية الإسلامية للبلاد، بحجة تطرفها وعصيانها على الانصهار داخل الحلقات المُعَدّة بعناية لأن نكون عبيدًا لا أسيادًا!

والحل الناجح هو التوازن الشديد في الحفاظ على المكونات الأساسية الصلبة، والتي تمنع المجتمع من السقوط فى بئر "الما بَعدية" والذي يُعد لبلادنا من جميع الأطراف!

اللهم قد بلّغت، اللهم فاشهد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة