الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الرؤية الشاملة والواسعة ضرورة

للأسف لا يزال الكثير منا يكرر هذه الثقة في غير محلّها من الشيعة وإيران والماركسيين واليساريين والعلمانيين

الرؤية الشاملة والواسعة ضرورة
أسامة شحادة
الثلاثاء ٠٣ يناير ٢٠١٧ - ١٣:٤٧ م
960

الرؤية الشاملة والواسعة ضرورة

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

نحن نعيش في عالم كبير من جهة، وصغير من جهة أخرى، بسبب تشابك وسهولة المواصلات والاتصالات حتى سُمي "القرية الكونية"، ولذلك حتى تكتمل دائرة الفهم المتمثلة بسلامة المنهج ودقة المعلومة وحسن التحليل ومعرفة الخصوم ومكائدهم يلزم توسيع دائرة النظر في التاريخ والجغرافيا والعلاقات لأي أمر ندرسه.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- وجّه أصحابه لخارج الجزيرة العربية -نحو الحبشة- حين ضاقت بهم بطاح مكة، وبرّر ذلك بقوله: "إن فيها ملكا لا يُظلم عنده أحد"، وفي هذا دلالة واضحة على مدى اتساع دائرة الرؤية التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمتلكها عن واقعه، برغم صعوبة المواصلات والاتصالات في عصره.

واليوم كم سبَّبَ ضيق الرؤية من مصائب وكوارث؛ حيث لا ينتبه أولو الأمر من العلماء والأمراء لما يجري في حدائقهم الخلفية من قِبَل الأعداء، وبرغم تكرار هذه المكائد إلا أن اليقظة والمعالجة دون المأمول في أفضل الأحوال!؛ فقد سبق لدولة اليهود أن اخترقت دول أفريقيا -وحتى الإسلامية منها- عبر المساعدات التقنية وتبادل المعرفة لتكسب نفوذًا سياسيًا في الأمم المتحدة وتكسب من خيراتها الكثيرة، وعلى درب اليهود سار "ملالي الشيعة" في طهران، فتسللوا إلى أفريقيا وآسيا باسم المساعدات والاقتصاد، وتكررت زيارات رؤسائهم للقارة الأفريقية، وتزايدت سفاراتهم فيها ومؤسساتهم الشيعية التبشيرية، بينما تقلصت السفارات والمؤسسات الدعوية السُنِّيّة، وغابت القيادات السُنّية عن زيارة أفريقيا، مما زاد نفوذ اليهود والشيعة وإيران في أفريقيا على حساب المسلمين والسنة!

من مشاكل غياب الرؤية الواسعة والشاملة عدم الاستفادة من التجارب السابقة، والبقاء في دائرة تكرار تجارب الفشل دون التقدم لخطوة إضافية أو تغيير طريقة التعاطي مع الأحداث؛ اليوم ومع توجع القلب لما حدث في حَلَب من فشل، يجعلنا نستذكر مآل ثورات سابقة في تونس والمغرب وليبيا والجزائر ضد الاستعمار، وكيف أن ما يحدث في سوريا اليوم يشبه كثيرًا ما سبق أن حدث، من إطالة أمد الصراع وبثّ الفرقة في صفوف الشعب وتعارض مصالح الدول المتنفذة مع مصلحة الشعب والعمل على صناعة بديل من الثورة يقبل بمراعاة مصالح الدول الخارجية وعند ذلك تنجح الثورة!

ولنا في تجربة د. توفيق الشاوي الطويلة، والتي دوّنها في كتابه الضخم "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي 1945-1995" بيان عملي لكل تلك الخطوات في ثورات تحرر دول شمال أفريقيا.

كما فيها عبرة هامة لخطورة خلل الفكر السياسي الإسلامي الموروث لدى الحركات الإسلامية المعاصرة -كما ظهر في الربيع العربي- والتي عبّر عنها الشاوي بقوله: "إن التيار الإسلامي لا يطفو على السطح، ولم يستطع أن يحافظ على مركزه القيادي في مرحلة الكفاح الوطني بالأساليب السياسية، لأنه لا يتقنها، ولكن عندما يفتح باب المجابهة بالقوة وتلجأ الحركة الوطنية إلى اقتحام ميدان الفداء والاستشهاد ففي هذه الحالة يتقدم الإسلاميون الصفوف" صفحة 316، والدكتور الشاوي كان عضوًا في قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1937م وتولى متابعة ودعم الثورات التحريرية لدول شمال أفريقيا، لكنه افتتح مذكراته بقوله: "أعتذر لكثير من إخواني الذين طالما عابوا عليّ التعاون مع من كانوا يعتبرونهم غير جديرين بالثقة التي أوليتها لهم.. وكنت أقنع نفسي أن الوطنية تكفي لكي تجمعني بهم في ساحة الكفاح الوطني.. الآن اكتشفت أن هذا النقد الذي وجّه إلي كان صحيحًا، وأن كثيرًا من الوطنيين الذين وثقت فيهم لم يكونوا جديرين بهذه الثقة"، وللأسف لا يزال الكثير منا يكرر هذه الثقة في غير محلّها من الشيعة وإيران والماركسيين واليساريين والعلمانيين الذين انقلبوا لشبّيحة يؤيدون الطائفية والاستبداد والدموية برغم علمانيتهم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً