الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ولنا أمل... بداية مِن نوع جديد!

إن الأمر يُقضى في السماء عند الله، وليس مِن ها هنا

ولنا أمل... بداية مِن نوع جديد!
رجب أبو بسيسة
الأربعاء ١٨ يناير ٢٠١٧ - ١٢:١٠ م
1342

ولنا أمل... بداية مِن نوع جديد!

كتبه/ رجب أبو بسيسة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فغلام الأخدود قصة خلـَّد الله في القرآن ذكرها في سورة مِن سور، وقصها على المؤمنين تسلية لهم، وحكاها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه ليعتبروا بها ولتطمأن قلوبهم، ولتكون لهم دافعًا للعمل، وحافزًا للأمل.

قصة غلام الأخدود تقول باختصار:

ما تظنه نهاية قد يحمل في طياته بداية مِن نوعٍ جديد، ومهما كانت العقبات والتحديات؛ فإن الصعاب إلى انقشاع، وتحكم الباطل وسيطرته إلى زوال... ولنا أمل.

نتعرض لفصلٍ مِن فصول القصة، ولكن قبْل عرضه، أريد منك أن تقرأه هذه المرة بنفس نفسية الصحابة عندما سمعوه لأول مرة، ولم يكونوا يعرفون نهايتها، وكيف تكون العاقبة؟

السورة مكية، يعني استضعاف وتنكيل، ومكر وكيد، وتحديات، وعقبات كبيرة ومتنوعة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: "كان فيمن كان قبلكم ملك، وله ساحر" ثم تتوالى فصول القصة، ويشتد الصراع بيْن الحق والباطل حتى نصل إلى فصل لنا معه وقفة.

الراهب وجليس الملك والغلام، الآن الثلاثة في قبضة الملِك الظالم!

والذي يسمع -أو يقرأ الآن بنفس نفسية الصحابة عندما سمعوا القصة لأول مرة- يقول الدعوة كلها في قبضة الملك!

فهل تكون النهاية؟

هل ضاع الأمل؟

هل نفسية: "إنا لمدركون" تسيطر على الموقف؟

هل المصير أصبح محتومًا؟

تابع الأحداث... !

يُقتل الراهب المتسبب في إيمان الغلام، والذي بدأ الدعوة، وتزداد المخاطر، ثم يُقتل جليس الملك في ثباتٍ عجيبٍ على الحق.

يا تُرى... ما الذي كان يجيش في نفوس الصحابة حينئذٍ، وكل مَن ينظر أو يسمع لأول مرة يقول: الدعوة إلى أين؟!

تمكُّن للباطل مخيف، ومصير محتوم، وهزيمة محققة، ثم الدور على الغلام ليُقتل، بل وتزداد حيرة الصحابة؛ فالغلام يدل الملك على طريقة قتله، الملك يضع السهم في كبد القوس ويشد الوتر: "بسم الله رب الغلام" وينطلق السهم، القلوب ترتجف، والباطل يزهو، ونهاية الدعوة والدعاة أصبحت وشيكة، والصحابة يحبسون الأنفاس.

قُتل الغلام... ومات الداعية:

الناظر يقول: انتصر الباطل، وضاع الأمل، وسيطر الإحباط، لكن يأتي صوت الناس ليخرق الآذان، ويبدد الظلام ويعيد الأمل: "آمنا برب الغلام!".

وصدق مَن قال: "أنوار الرجاء تبدد ظلمات اليأس!".

هنا انتهى فصل مِن فصول القصة، ولكن لم تنتهِ العِبَر والعظات...

الدعوة إلى الله لن تموت، وهي باقية إلى قيام الساعة -بإذن الله-؛ فأحسِن الظن بربك ومولاك.

أيها الداعية...

ما أضيق الدنيا وأقلها في عين مَن يقلِّب بصره في ملكوت السموات والأرض.

أيها الداعية...

النصر الحقيقي ليس هنا فحسب، بل يوم يقوم الأشهاد لرب العالمين -سبحانه وتعالى-.

أيها الداعية...

مَن يريد العمل بدون معوقات وعقبات وتحديات، نقول له: "إن كان هذا عقلك؛ فقد استرحتَ!".

أيها الداعية...

الطريق طويل، ومَن فتح صفحات التاريخ أخذ العبرة والعظة، وصدق مَن قال: "التاريخ خميرة المستقبل".

أيها الداعية...

النصر في تاريخ الأمم دائمًا حليف أصبر الفريقين وأتقى الجندين.

أيها الداعية...

يكيد الباطل كما يريد، ويمكر كما يروق له، لكن عندما تتأمل هذه الآية تعلم أن التحدي بينك وبيْن نفسك، قال الله -تعالى-: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران:120).

أيها الداعية...

أدِّ ما عليك ولا عليك، والمطلوب منك الصبر والتقوى (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).

أيها الداعية...

حقق الشرط وانتظر الفرج.

 يا شباب... إن الأمر يُقضى في السماء عند الله، وليس مِن ها هنا.

ولنا أمل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً