الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

القرآنيون والنسخ (2)

وبذلك لا تبقى حجة لمنكر النسخ أن ينكره

القرآنيون والنسخ (2)
إيهاب شاهين
الخميس ١٩ يناير ٢٠١٧ - ١١:٠٢ ص
1097

القرآنيون والنسخ (2)

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.

ذكرنا في المقال السابق أن القرآنيين ينكرون وقوع النسخ بأنواعه الثلاثة، وقالوا إن المعنى المألوف للنسخ هو الكتابة والإثبات وليس الحذف والإلغاء، وللرد عليهم نقول إن كلمة نسخ جاءت بمعنى "محا وأزال"، وأن الأصل المعجمي اللغوي في مادة (ن  س خ) هو المحو والإزالة؛ لأن عملية المحو (النسخ) هي إجراء يلزم فيه صفحة، وقلم، ومنهج مكتوب، وكاتب، فإذا أراد الإثبات فقط بغير الإشارة إلى معنى "المحو والإزالة"، جاء التوجيه بلفظ (كَتَبَ) أي أثبت وعدته القلم، ويكون المقصود هنا القلم وما يخط، وإذا أراد الإثبات بمعنى المحو جاء التوجيه بلفظ (استنسخ) أي محو وإزالة حال الصفحة بما يكتب فيها، والإشارة هنا للصفحة وليس للقلم، وإليك تأكيد ذلك:

أولًا: في معنى الإثبات والكتابة -وعُدتُه القلم لا اللوح- تستخدم كلمة: (كتب ومشتقاتها) ولا تستخدم قط كلمة نسخ ولا مشتقاتها كما يزعمون، قال تعالى: {وكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}.

أما لفظة: نستنسخ فلا تعني نكتب، إنما تعني: نزيل ونمحو فراغ صحائفكم البيضاء بسواد ما يخطه القلم عليها من أعمالكم، والدليل قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}، وكذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، وهو هنا ذات المعنى أي: فيمحو الله ما يلقي الشيطان في أمنية الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم يثبت -سبحانه- آياته، فقد جاء في الأولى بمدلول المحو (فينسخ)، وفي الثانية بمدلول الإثبات "ثم يحكم".

وبذلك فلا تثبت لهؤلاء القرآنيين قدم في دعواهم، وزد على ما ذُكر أن العقل نفسه يدرك أمر النسخ بجلاء، فقد كان في شريعة آدم -عليه السلام- زواج الأخت من أخيها؛ لحكمة بقاء النسل، ثم نسخ بعد ذلك، وقد جاء عيسى -عليه السلام- بنسخ أمور مما كان في شريعة موسى -عليه السلام-  كما قال تعالى: {وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}، وبذلك لا تبقى حجة لمنكر النسخ أن ينكره، والحمد لله رب العالمين.                                                          

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً