الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حوار د."ياسر برهامي" نائب رئيس الدعوة السلفية مع جريدة "الفتح" (2-3)

\"الدعوة السلفية\" تمثـِّل السلفية العاقلة

حوار د."ياسر برهامي" نائب رئيس الدعوة السلفية مع جريدة "الفتح" (2-3)
الأربعاء ٠٨ مارس ٢٠١٧ - ١١:١٨ ص
1540

حوار د."ياسر برهامي" نائب رئيس الدعوة السلفية مع جريدة "الفتح" (2-3)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنستكمل لقاء الدكتور "ياسر برهامي" -نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر-، حيث شدّد على أهمية دور "الأزهر الشريف"، بقيادة الدكتور "أحمد الطيب"، مشيدًا بحرصه على استيعاب الأمور وطريقة إدارته للأزمات.

وأكد "برهامي" أن أسباب الهجوم على الأزهر أن هناك مَن يرغب في إزالة آثار الصحوة الإسلامية بالكلية، وإزالة آثار التدين، ويحلم بالخمسينيات والستينيات مِن القرن الماضي التي كان بها الإلحاد والشيوعية والليبرالية المتحررة مِن كل المبادئ التي تدوس على الهُوية الإسلامية لأمتنا، فيحلم بأن تعود مرة أخرى!

وإلى نص الحوار:

- كيف ترى دور "الأزهر الشريف" في هذه المرحلة الحساسة؟

دور الأزهر في المرحلة الحالية خطير جدًّا وهائل، وهو كان كذلك عبْر القرون الماضية، ورسوخ هذه المؤسسة لا بد أن نحرص عليه، وأن تؤدي دورها الحقيقي، وأن تكون مُتسعة للاتجاهات المختلفة داخل الفقه الإسلامي.

وطريقة الشيخ الإمام "أحمد الطيب" -حفظه الله- في استيعاب الأمور والاختلافات ممتازة، نحرص على أن تبقى، ونحذر مِن مخالفتها لمحاولة التعصب ونشره؛ فهناك أشخاص أو أفراد أو توجه يريد أن يفرض مدرسة واحدة، ويُهاجم ويصادر الآراء الأخرى، وباسم الوسطية يصادر تياراتٍ وسطية أخرى يختلف معها! كما حدث في "مؤتمر جروزني" -على سبيل المثال-.

لذلك نقول: لا بد مِن رعاية ما قال شيخ الأزهر مِن استيعاب مصطلح أهل السُّنة عند مؤسسة الأزهر الاتجاهات المعتدلة مِن "السلفية"، والسلفية الصحيحة كلها معتدلة، مؤكدًا: "اسم السلفية" الذي ينتسب له البعض بالتزام غير حقيقي لا يعنينا ولا يمثلنا.

لكننا نريد أن يكون هناك دور مستوعب، وأن يُسمح لجميع أبناء التيار المعتدل بالوجود في كل مؤسسات الأزهر، ولا يُقصى أحد  لفكره، وطالما أنه يقيم الدليل على ما يقول ويسير في ركب عقيدة أهل السُّنة والجماعة، ويتجنب التكفير والصدام مع المجتمع ومع الدولة؛ فإن ذلك يقتضي اتساع الصدور لأنواعٍ مِن الاختلاف السائغ الذي يجب أن يكون مسموحًا به ومقبولاً، والتعصب لرأي واحد بالتأكيد يولِّد تعصبًا مضادًا.

- ما أسباب الهجوم على الأزهر؟

أسباب الهجوم على الأزهر أن هناك مَن يرغب في إزالة آثار الصحوة الإسلامية بالكلية؛ إزالة آثار التدين، ويحلم بالخمسينيات والستينيات مِن القرن الماضي التي كان بها الإلحاد والشيوعية والليبرالية المتحررة مِن كل المبادئ، التي تدوس على الهُوية الإسلامية لأمتنا، ويحلُم بأن تعود مرة أخرى.

وبحمد الله، وقف الأزهر أمام العلمانية وقفة ثابتة في الدستور الأول، وفي تعديلاته داخل "لجنة الخمسين" -جزاهم الله خيرًا-، وموقف الأزهر وشيخه مِن القضايا المجتمعية في إبداء الآراء الفقهية "خصوصًا مثلاً قضية الطلاق الشفهي مؤخرًا"، كان موقفًا مشرفًا وحريصًا على المجتمع، في نفس الوقت الذي يحرص فيه على إقامة الدين، والحقيقة التي لا شك فيها أن المجتمع لن يصلح حاله إلا بإقامة الدين فيه، وتعظيم حرمات الله -سبحانه وتعالى-.

المخالفون الراغبون في صرف الناس عن هذا الدين وعن التدين يهاجمون الأزهر مِن أجل قيامه بهذه المهمة، وهناك نوع آخر يهاجم الأزهر؛ لأن الأزهر موقفه واضح جدًّا في قضية التشيّع؛ لذلك يهاجمونه لأنه عقبة في طريق نشر التشيّع الذي يفضلونه ويريدونه، وهناك قضية التحلل والتسيب في الفتاوى، فالأزهر يقف لها بقوة؛ لذلك نشاهد هذا الهجوم الذي نرى أسبابه.

- ما تعليقك على الرسالة التي يبثها فيلم "مولانا" عن الأزهر الشريف؟

 فيلم "مولانا" يريد أن يتهم الأزهر بأنه هو والجماعات المنحرفة فكريًّا شيء واحد، بل والبعض يقول إن الأزهر مخترق مِن "الإخوان والسلفيين" -على حد زعمهم!-؛ وفي الحقيقة مَن تأمل المراكز البحثية الغربية يجد أنها تصنف الأزهر بأنه مِن ضمن الاتجاهات الأصولية؛ لا تستبعد إذًن أن ترى هذا الهجوم الساخر المستهزئ الذي يحاول أن يُبطل وجود هذه المؤسسة في المجتمع، ويحاول تحجيم أثرها على الناس، ولن يحدث ذلك -بإذن الله-.

- لماذا الهجوم على الدعوة السلفية؟

لأن "الدعوة السلفية" تمثـِّل السلفية العاقلة؛ فهي تحافظ على الثوابت، وعندها مِن المرونة في المواقف ما يجعلها لا تصطدم بالمجتمع، وهم لا يريدون ذلك.

وأعداء الأمة -ومَن يوالونهم في الداخل- يرون أن المحاربة الحقيقية للإسلام لن تُـثمر ثمارها مع وجود السلفية العاقلة؛ هم يريدون مَن ينتسب للسلفية أن يكون مصادمًا لمجتمعه، متحوصلاً ضده، أو -على الأقل- متحوصلاً خارج المجتمع؛ لينعدم أثره، والتجربة المريرة التي وقعت بعد الثورة مِن خلال نموذج "الإخوان المسلمين" أدت إلى انحسار الدعوة الإسلامية، والتحوصل ضد المجتمع لدى الكثيرين مِن شباب الحركة الإسلامية، وكذلك التحوصل خارج المجتمع عند مَن لا يقبل الصدام، لكن كلاهما خطر كبير.

فـ"الدعوة السلفية" تحافظ على الثوابت في قضية الشريعة، وتـُحقق قضية الولاء والبراء بتوازن مهم جدًّا؛ فنحن نتمسك بأن الإسلام له الحق دون ما سواه، ومع ذلك نرعى حقوق المعاهدين مِن غير المسلمين، ولا نعتدي عليهم؛ هذا الأمر الأعداء لا يريدونه، هم يريدون مَن يذبح الناس، ومَن يقتلهم ممن يتصدر باسم السلفية لكي يمكن القضاء عليه.

وما يحدث في سوريا، وفي ليبيا نموذجًا واضحًا لذلك، ولهذا نقول: "الدعوة السلفية" محافظة على الثوابت، وعلى قضية الشريعة بالأخص، وعلى محاربة الفكر الخرافي، ومَن يريد هدم الدين يعلم أن مِن أصعب ما يمكن، الوصول إلى هدف تدمير الهوية الإسلامية للبلاد مع بقاء هذه السلفية العاقلة الثابتة على الموقف.

نقول: لن يتمكن هؤلاء -بإذن الله- مِن القضاء على هذا الكيان الذي يحقق التوحيد والاتباع والتزكية دون غلو، وهو يتميز بالوطنية، ويتميز بالكفاءات العالية في مجالات مختلفة؛ ونقول: الظلم الذي يتعرض له هؤلاء الأبناء؛ لانتمائهم إلى هذا المنهج لن يزيدهم إلا صلابة على الحق وتضحية في سبيله، ونجزم بأن الظلم عاقبته إلى زوال.

- هل مِن تعليق على بيان "هيئة كبار العلماء" بشأن الطلاق الشفهي؟

ما قالته هيئة كبار العلماء في الأزهر نؤيده بشدة، والحمد لله الذي وفقنا في مقال سبق نشره قبل صدور هذا القرار، والبيان الرائع الذي أصدرته هيئة كبار العلماء قد ذكرنا معظم ما ذكر فيه في مقال نشرته جريدة "الفتح" على موقعها الإلكتروني وفي نسختها الورقية، بعنوان: "نظرات في مسألة الطلاق".

- هل مِن حل لمشكلة الإرهاب في سيناء؟

 نحن لنا رؤية قديمة، وجوانب متعددة في قضية الإرهاب في سيناء، كنا قد بدأنا فيها بالفعل، لكن للأسف لم يتم الأخذ بها في الوقت المناسب، وأوقفت في عهد الدكتور "مرسي"، ثم بعد ما تفاقمت الأمور بعد 30/ 6 و3/ 7، والأحوال في المنطقة ككل، مُعضِدة لاستمرار المأساة الحالية، التي تحتاج -كما ذكرنا مِن قبْل- إلى رؤية فكرية دعوية، ورؤية أمنية، ورؤية اقتصادية، ورؤية مجتمعية؛ إذا لم يتم ذلك فستظل المأساة مستمرة للأسف الشديد.

التعامل بجزءٍ واحدٍ فقط "وهو الرؤية الأمنية" لن يغير الواقع الأليم، بل ربما يضاعفه؛ لذلك أنا أقول لا بد مِن رؤية دعوية تعليمية تقوم على نشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل، والتمكين له دون عقبات؛ لأنه هو العلاج الوحيد للفكر المنحرف، وإن كان أبناؤه يتعرضون إلى الخطر، كما حدث مع الأخ الدكتور "مصطفى عبد الرحمن" -رحمه الله، ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء-؛ إلا أن أبناء هذه الدعوة الوسطية "الدعوة السلفية" مستعدون لبذل أرواحهم في سبيل الله -عز وجل-؛ لإعلاء دينه مِن خلال منهج أهل السُّنة الحقيقي، ومحاربة فكر التكفير والتفجير والأفكار الصدامية التي تستحل الدماء والأعراض والأموال.

لا بد مِن نشر التعليم في ربوع سيناء بطرق نمطية وغير نمطية؛ لأن الجهل بالقراءة والكتابة يؤدي إلى انتشار الأفكار المنحرفة، خصوصًا مع الشباب الصغير الذي ربما يقوم بالعمليات الفظيعة التي تقع، وهو لا يحسن أن يقرأ أو يكتب، بل ورأينا شيوخًا كبارًا يمارسون عمليات القتل، وأظنهم لا يحسنون شيئًا ولا يعرفون حقيقة الإيمان، ولا الكفر، ولا غير ذلك؛ لأنهم لا يقرأون أصلاً، فهذه مأساة عظيمة، ونشر القراءة والكتابة، ونشر العملية التعليمية مِن أهم الأمور.

أما بالنسبة للناحية الاقتصادية؛ فتجب رعاية أبناء سيناء جميعًا في هذا الجانب، وتحقيق الاندماج في المجتمع المصري كله، وعدم السماح بنشر العصبية الجاهلية، التي تقسِّم المجتمع السيناوي إلى القادمين مِن الوادي والسكان الأصليين كأنها دولة أخرى.

وبخصوص الرؤية الأمنية: فلا بد مِن الحذر الشديد جدًّا مِن الاعتداء على بريء؛ ذلك لأنه ذريعة مقبولة -بسرعة الصاروخ- في قلوب الناس للتطرف والإرهاب ولو كان "بريئًا واحدًا"؛ فكيف إذا كان هذا الأمر مع أبرياء كُـثر يعاملون بالشبهة؟!

وأسلوب الحدة والغلظة والتعدي مِن البعض على حرمات الناس، نتوقع منه بالتأكيد أن يُجنِّد -مِن حيث يشعر البعض أو لا يشعر- جنودًا متضاعفة للفكر الإرهابي، والمؤتمر الأخير الذي عقدته القبائل والعائلات في سيناء -بعد الأحداث الأخيرة- لا بد مِن النظر إليه بعين الاعتبار؛ لتنفيذ المطالب المشروعة والعادلة التي ترغب بها هذه العائلات.

والقضية والرؤية المجتمعية -كما ذكرتُ- لا بد منها؛ لا بد مِن دمج الوافدين مِن الوادي مع القبائل العربية، وهم أصلاً أصحاب ثقافة واحدة، وأبناء دين واحد، وأبناء وطن واحد، وأبناء لغة واحدة؛ فكل عوامل الدمج ممكنة، وبالتالي فلا بد مِن بذل مجهودٍ بسيطٍ يؤدي إلى اندماجهم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة