الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالله -تعالى- أخبرنا أنه أخبر الملائكة بخلقه للإنسان في الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30).
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "(إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) أَيْ: إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ فِي خَلْقِ هَذَا الصِّنْفِ عَلَى الْمَفَاسِدِ الَّتِي ذَكَّرْتُمُوهَا مَا لَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ؛ فَإِنِّي سَأَجْعَلُ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءَ، وَأُرْسِلُ فِيهِمُ الرُّسُلَ، وَيُوجَدُ فِيهِمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ وَالْعُبَّادُ، وَالزُّهَّادُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَالْأَبْرَارُ وَالْمُقَرَّبُونَ، وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالْخَاشِعُونَ، وَالْمُحِبُّونَ لَهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْمُتَّبِعُونَ رُسُلَهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ" (تفسير ابن كثير).
فالله يحب أن يُعبد بأنواع العبودية كلها؛ عبودية الكائنات مِن السماوات والأرض والجبال التي لا تتحمل الأمانة والمسئولية، بل أتت طائعة وتسبح بحمده، وعبودية الملائكة التي لا تختار إلا الطاعة، وليس بينهم إلا مطيع، وعبودية المؤمنين مِن بني الإنسان ومِن مؤمني الجن الذين يعبدون الله وسط الشر والفساد وسفك الدماء، مع المدافعة والمنازعة والمراغمة مِن أنفسهم وممن حولهم، وهي أحب أنواع العبودية له.
ولا يحدث هذا إلا بوجود مَن يختار الشر والفساد والسوء، والكفر والنفاق وسفك الدماء؛ فيتخذ الله مِن المؤمنين شهداءً، وليجاهد المجاهدون، وليأمر الآمرون بالمعروف، ولينهى الناهون عن المنكر، ثم يُظهِر الله أثر حكمته وعدله بعذاب الكفار، وأثر فضله الواسع على عباده المؤمنين بنصره لهم وإعزازه لهم ثم مغفرته ورحمته لهم بإدخالهم الجنة.
وفي النهاية لا بد أن يَعرف العبد منزلته؛ فهو عبد مربوب لا يضع نفسه موضع الرب العليم الحكيم، والعبد محدود العقل في فهم الأمور، ومنها: "مسألة الحكمة"؛ فهو يطلع على شيء وتخفى عليه أشياء؛ فليرضَ وليسلم لله -سبحانه وتعالى-.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com