الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

التكامل والاستفادة من صواب الكل ذكاء وفطنة

الفرح والدعاء والنصح بالحكمة لكل عملِ خيرٍ من واجبات الوقت المُتَعَيّنَة للتصدي لموجة الضلال والفتن العاتية

التكامل والاستفادة من صواب الكل ذكاء وفطنة
أسامة شحادة
الاثنين ٢٧ مارس ٢٠١٧ - ١٢:٢٢ م
1049

التكامل والاستفادة من صواب الكل ذكاء وفطنة

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

مَن طَالَعَ تاريخَ أُمَّتِنا في العقود الماضية سيجد شهادات كثيرة على نُدرة الالتزام الديني بين الشباب، فقد كانت الصلاة والصيام والحجاب غائبة عن الحياة اليومية، إذ كان يؤمّ المساجدَ المُسِنّون فقط، والصيام والزكاة والحج لا يعرفها الكثير من المسلمين بسبب الجهل والتجهيل، أما الحجاب فهو للنساء القرويات وكبيرات السن.

وتُظْهِر الصورُ القديمةُ للجامعات في الخمسينيات غياب الحجاب عن الطالبات، وحتى الحرم المكي كان لا يعرف المُعتَمِرين إلا نادراً، وصلاة التراويح لم تكن تتجاوز بضعة صفوف حتى مطلع الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، بل كان صحن الكعبة غَالِبُه من الحصى وليس البلاط لعدم الحاجة لذلك!

ولكن اليوم تغيرت الأمور؛ فالحرم المكي لا يكاد يفرغ صحن الطواف فيه ليلًا أو نهارًا في أغلب أيام السنة، وأصبحت المساجد في طول وعرض العالم الإسلامي مليئة بالشباب والشابات، والحجاب أصبح سائدًا في كثير من الجامعات والطُرُقات، وحَفَظة القرآن الكريم في ازدياد وبأعداد ضخمة، وأصبح تحكيم الشريعة وتعظيم الدين مطلب الغالبية أو قسمٍ كبيرٍ جدًا من المسلمين.

وطبعًا هذه المكاسب الضخمة لم تقم بها جهة دون أخرى، أو بلد دون آخر، أو تيار محدد منفردًا، بل شارك في هذه الجهود الجليلة العديد من العلماء والدعاة والجماعات والمؤسسات الرسمية والشعبية عبر هذه السنين الطويلة، وعبر جغرافيا العالم كله، من مختلف المذاهب الفقهية والعقدية، وبمختلف اللغات والوسائل.

وقد كانت لهذه الجهود إيجابيات كبيرة جدا نشهدها في إيقاظ التدين في نفوس الشعوب المُسلِمة، وفي التزام الكثير بالشعائر والأحكام الإسلامية، وفي اعتناق المفاهيم والعقائد الإسلامية، وفي التخلق بالأخلاق الإسلامية والسلوكيات الشرعية، وفي اتباع السُنّة النبوية والشمائل المُحَمَّدية.

ووقعت مع ذلك أخطاء متعددة بخلط بعض هذه الإيجابيات بتقصير في جوانب أخرى من الإسلام كترويج بعض البدع والشركيات والخرافات، أو التأويل الخاطئ لأحكام الإسلام وعقائده، أو عدم التقيد بالسُنّة الصحيحة، وتَقَبُّل الموضوعات والأباطيل.

وقد قام العديد من العلماء والدعاة والجهات بالعمل على النُّصح والتذكير والتصحيح لهذه السلبيات بقدر الوسْع والطاقة، وكان لجهودهم قَبولٌ حَسَن، وتم تصحيح الكثير من هذه الأخطاء، ولكن بَقِيَت أخطاء أخرى قائمة بسبب تَصَلّب أهلها على الباطل من جهة، وبسبب الدعم الخارجي لها كما نرى اليوم من توصيات مراكز البحث الغربية كمؤسسة راند ومركز نيكسون ومركز كارنيجي من الدعوة الصريحة لدعم تيارات صوفية محدَّدة وجماعات منحرفة كالأحباش، وتأسيس فكر إسلامي تنويري = إسلام علماني، أو على غرار "مؤتمر سُنّة بوتين" في العاصمة الشيشانية والذي نظّمه بعض الصوفية والأشاعرة.

نعم، وقعت أخطاء من بعض من تصدى لتصحيح الأخطاء، إما بغِلظة الأسلوب أو بالمغالاة في الإنكار أو بخطأ الإنكار في مسائل الاختلاف، وقد تفاقمت هذه الأخطاء بظهور مجاميع مبعثرة تحتكر الحق والحقيقة في مسائل فرعية، توالي عليها وتعادي عليها، فكان شرّها أكثر من غيرها.

واليوم، وأُمَّتُنا تواجه تَحَدِّياتٍ ضخمة من الداخل والخارج، تستهدف محاربة الإسلام من الجذور، بتخريب المناهج التعليمية، من الكتاتيب القرآنية ومناهج التعليم الأساسية وصولًا إلى كليات الشريعة، وبتحريف الخطاب الإسلامي باسم تحديثه وتطويره؛ فالواجب على العقلاء وأهل الخير المحافظة على المكاسب ورأس المال من جهة، وذلك بالتكامل مع كل جهدٍ سليمٍ وفِعلٍ وقولٍ صواب في أي مجال، مهما كان مقداره، ومن أي جهة صدر؛ حتى نحافظ على الخير في أُمَّتِنا ونُعظِّم مواضع قوتها.

فلا يمكن لأي جهة كانت القيام بواجب الوقت من الدعوة إلى الله عزّ وجلّ والقيام بواجب التعليم والتربية والدفاع عن بيضة الإسلام، وهي محتاجة لكل قول وفعل مُصيبٍ مهما كان فاعِلُه؛ فجمعيات تحفيظ القرآن للأطفال يجب الحرص على بقائها ودعمها ولو كان عليها ملاحظات، والجمعيات النسوية الإسلامية لا بد من تشجيعها ونصحها باللطف لتبقى في وجه الطوفان، والأنشطة المحافظة في الجامعات لا بد من رعايتها وتوجيهها لأن البديل انحلال وفوضى، وهكذا.

الخلاصة؛ الفرح والدعاء والنصح بالحكمة لكل عملِ خيرٍ من واجبات الوقت المُتَعَيّنَة للتصدي لموجة الضلال والفتن العاتية، أما حروب الهدم للباطل والتي تهدم معها جهودًا خَيّرة، فهي حروب عبثية لا تفقه مقاصد الإسلام بالحرص على أعلى المصالح ودرء أعظم المفاسد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً