الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

بَيَانٌ من "الدعوة السلفية" حول أُسس التعامل مع غير المسلمين

لم تكن دراسة المسلمين لعقائدهم سببًا في أي عدوان أو تعدٍ أو ظلم لغير المسلمين بأي صورة من الصور كما يزعم الزاعمون

بَيَانٌ من "الدعوة السلفية" حول أُسس التعامل مع غير المسلمين
الدعوة السلفية
الأربعاء ١٧ مايو ٢٠١٧ - ١١:٢١ ص
5068

بَيَانٌ مِن "الدعوة السلفية" حول أُسس التعامل مع غير المسلمين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- القرآن كتاب نور وهداية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) (النساء:174)، وهو المصدر الأول مِن مصادر التشريع الإسلامي، وإليه يُرجع في معرفة حكم الله في التعامل بيْن المسلمين بعضهم البعض، والتعامل بينهم وبيْن غيرهم.

2- يجب على المسلم أن يؤمن به كله، وأن يعمل به كله؛ وإلا دخل تحت طائلة قوله -تعالى-: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85).

3- أَمرَ القرآنُ الكريم بالدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، فقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125).

4- مع هذا الأمر بالجدال بالتي هي أحسن فقد نهى القرآنُ عن المُدَاهَنَةِ في الدين فقال: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (القلم:9).

5- بُعِثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي العالم ديانات أهل الكتاب بالإضافة إلى الوثنيين والمجوس وغيرهم؛ فخاطبَ الجميع بقوله -تعالى-: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19)، وقوله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)، وخصّ أهل الكتاب في مواطن متعددة مثل قوله -تعالى-: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ . رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً) (البينة:1-2)، وقال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (المائدة:15).

6- مما سبق يتضح أن: هذا "الوضوح" في العقيدة لا يخالِف الجدال بالتي هي أحسن، ويجمعُ بيْن الأمرين التطبيقُ العملي لسُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما أحسن وفادة وفد نصارى نجران، ولكنه ناظرهم، بل أمره الله أن يباهلهم في شأن عقيدتهم في عيسى -عليه السلام-، فقال -تعالى-: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ . فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران:59-61).

7- مِن المعلوم للقاصي والداني أن ركن الإسلام الأعظم وباب الدخول إلى الإسلام هو: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"، والملل الأخرى تخالف الإسلام في أصل شهادة "أن لا إله إلا الله"، قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المائدة:73)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (المائدة:72).

كما تخالف الإسلام في شهادة "أن محمدًا رسول الله"؛ وإلا لصاروا مسلمين، والقرآن يقرر كفر مَن أنكر نبوة نبيٍّ مِن الأنبياء؛ فكيف بمَن أنكر نبوة خاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم-؟!

قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا . أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) (النساء:150-151)؛ ولذلك أجمع المسلمون عبْر العصور على "كفر كل الملل غير ملة الإسلام".

قال ابن حزم -رحمه الله- في "مراتب الإجماع": "واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارًا"، وكذلك قاله القاضي عياض -رحمه الله- في "الشفا ببيان حقوق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-".

8- يعتقد المسلمون صحة إيمان أتباع جميع الأنبياء، ولكن إيمان مَن ينتسب إلى الأنبياء لا يكون صحيحًا إذا خالـَف أصل شهادة "أن لا إله إلا الله"، أو كذّب بنبيّ مِن الأنبياء "لا سيما محمد -صلى الله عليه وسلم-".

وبالتالي: "فكل ما وردَ في القرآن مِن إثبات الإيمان لليهود أو النصارى أو غيرهما إنما هو إثبات لإيمان أتباع الأنبياء قبْل بعثة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-"، ومِن ذلك قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (المائدة:69).

وأما مَن أدرك رسالة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-؛ فلم يثبُت الإيمان إلا لمَن آمن بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- في مثل قوله -تعالى-: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82).

ومِن الخطأ البيِّن أن يتلو البعض هذه الآية دون أن يلحقها بالآية التي بعدها، والتي تبيِّنُ سببَ إثبات الإيمان لهؤلاء مِن قوله -تعالى-: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)، فإنما "أثبت الله لهم الإيمان؛ لإيمانهم بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- ودخولهم في دينه".

قال الدكتور "محمد سيد طنطاوي"، شيخ الأزهر السابق -رحمه الله- في كتابه (التفسير الوسيط): "قال ابن جرير بعد أن ساق روايات أخرى في سبب نزول هذه الآيات: والصواب في ذلك مِن القول عندي، أن الله -تعالى- وصف صفة قومٍ قالوا: "إنا نصارى"، وأن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يجدهم أقرب الناس مودة لأهل الإيمان بالله ورسوله، ولم يسمّ لنا أسماءهم، وقد يجوز أن يكون أريد بذلك أصحاب النجاشيّ، ويجوز أن يكون أريد به قوم كانوا على شريعة عيسى فأدركهم الإسلام، فأسلموا لما سمعوا القرآن وعرفوا أنه الحق، ولم يستكبروا عنه".

9- وإذا كانت الآيات التي استعرضناها في النقاط السابقة قد بيَّنت أمر العقيدة، فهناك آيات أخرى قد بيَّنت أسس التعايش بيْن المسلمين وبيْن غيرهم، والتي يحكمها قوله -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)، وهذه الآية وغيرها تشرع حقوقًا لغير المسلمين على المسلمين -وجوبًا أو استحبابًا-.

ومما يثير العجب والدهشة: أن يعتبر البعض أن إثبات هذا الأمر يجعله يبدو في صورة المنّة، وليس في صورة الحق! ومِن ثَمَّ يريد أن يأخذ "المسيحي المصري" حقه مِن "الدستور"، وفي الواقع فإن "الدستور" يستند إلى مصادر، وأعلى هذه المصادر وأكثرها رسوخًا ما كان نابعًا مِن التزامٍ ديني كما هو حال التزام المسلم تجاه شركائه في الوطن، ثم يعبر عن هذا في الدستور، فهو حق شرعي أولًا، ودستوري ثانيًا، ولا تعارض بيْن الأمرين.

10- وأما ما يطالب به البعض مِن أن يبين علماء كل دين عقيدتهم دون التطرق لعقائد الآخرين؛ فغير ممكن عقلاً؛ وإلا فهل يُعقل ألّا يُدرس في عقائد المسيحيين موقفهم مِن نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، أو حتى موقفهم مِن الخلاف التاريخي بيْن الكنائس؟!

وأما الإسلام فلا تتم عقيدة التوحيد إلا بترك ما يضاده، وكما يُعلِّمُ المسلمون صغارَهم عقيدة الإسلام مِن خلال قوله -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الصمد)، وغيرها مِن السور والآيات كثير.

11- وأخطر مِن هذا: ما ينادي به البعض مِن منع تدريس آياتٍ مِن القرآن الكريم في المدارس، أو حتى منع تفسيرها في برامج تليفزيونية دينية، يعلم الجميع مسبقًا أنها موجهة للمسلمين؛ مما ينفي عنها أي شبهة إساءة لغيرهم.

12- إن بناء الميثاق الاجتماعي على نوعٍ مِن الخداع والتضليل يجعله هشـًّا يوشك على الانهيار؛ فالإرهابيّون الذين يريدون تفجير الكنائس سيسهل عليهم جدًّا أن يقولوا: "إن ما يُقال لكم في هذا الموضوع برمته مصادم للقرآن الذي وصف المسيحيين وغيرهم بالكفر!"، وفي هذه الحالة سيكون هذا كافيًا عند مَن يعرف هذه الحقيقة القرآنية لأول مرة عن طريقهم -وسيعرفها حتمًا مبتورة عن الآيات التي تقرر المعاملة بالبر والإقساط- أن يُقدِم على هذه الجرائم، بخلاف مَن تعلّم الحقيقة كاملة؛ فإنه لا يمكن أن يتورط في هذا؛ لأنه يعلمُ أن الذي بيّن له تلك العقائد هو الذي أمره بالبر والإحسان مع مَن خالفها.

بل وكم رأينا خلافًا تجاريًّا أو حياتيًّا بيْن مسلم ومسيحي ممن لا ينتمون إلى جماعاتٍ إرهابية؛ يتحول إلى فتنةٍ طائفية؛ لعدم وجود الطرح المتوازن والإدراك التام للقضية مِن جميع أبعادها، مما يبين مدى هشاشة هذا البناء الذي يستسهله البعض.

13- وبصفةٍ عامة: فإن علاج وجود تفسير خاطئ لآياتٍ قرآنية هو نشر التفسير الصحيح لا منع نشر الآية ذاتها، وإلا كان هذا بمثابة ترك المجال لأصحاب التفسير الخاطئ أن ينفردوا بالآية وبتفسيرها، كما أن علاج وجود اجتزاء في عرض قضية معينة لا يعني إغلاق هذه القضية؛ بل يعني نشر الوعي بالقضية متكاملة.

14- وإذا كان لا بد مِن وضع قيود؛ فلتكن على برامج "التوك شو" التي تُقحم هذه الموضوعات كثيرًا، وبطريقةٍ مثيرة، ثم تشتكي مِن أنها تفرق بيْن أبناء الوطن؛ وإلا فعند تناول مسائل العقيدة في برامج دينية -يعلم المشاهد مسبقًا حالها- فإن الأمر لم يكن يسبب فتنة، وما أحاديث الشيخ الشعراوي عنّا ببعيد، ورغم تفسيره للقرآن -في التلفزيون المصري- بكل ما جاء فيه مِن مجادلة لأهل الكتاب، فقد كان -رحمه الله- أحد الذين يُطفئون الفتنة الطائفية، ومواقفه في ذلك مشهورة، وهي مواقف كانت محل تقدير وإجلال مِن كثيرٍ مِن القيادات المسيحية والكنسيّة.

15- تؤكد "الدعوة السلفية" على أن: سلوك أبنائها في ثورة "25 يناير"، وحماية الأقباط في فترة الانفلات الأمني -وهو ما شهد به الجميع وقتها-؛ يؤكد أن: "الجمع بيْن الوضوح العقدي والتعايش السلمي أمر مُشاهد وممكن التطبيق".

- الخلاصة:

نؤكِّد على أن المسائل الشرعية بصفةٍ عامة -ومنها مسألة علاقة المسلمين بغيرهم- لا يجوز أن تُعرض بطريقة الاجتزاء، أو أخذ طرف مِن القضية وترك الطرف الآخر.

وقضية علاقة المسلمين بغيرهم لها شقّان:

الأول: يتعلق بالعقيدة.

والثاني: يتعلق بالمعاملة.

فأما العقيدة: فقال الله -تعالى- في شأنها: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19)، وقال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المائدة:73)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (المائدة:72).

أمّا الشق الثاني الخاص بالمعاملة: فقال -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)، وكان هذا الجمع الدقيق بيْن هذين الشقين هو منهاج النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام وجموع المسلمين عبْر أربعة عشر قرنًا مِن الزمان؛ لم يشذ عن ذلك إلا الخوارج الذين يظلمون المسلمين أكثر مِن ظلمهم لغيرهم، ومنهم الجماعات الإرهابية في زماننا مثل "داعش"، ومَن على شاكلتها.

ولم تكن دراسة المسلمين لعقائدهم سببًا في أي عدوان أو تعدٍ أو ظلم لغير المسلمين بأي صورةٍ مِن الصور -كما يزعم الزاعمون!-.

وقد وفقَ اللهُ "الدعوةَ السلفية" بالتطبيق العملي لهذا الفهم في مناسباتٍ عديدة، مِن أبرزها: "حماية الاقباط في فترة الانفلات الأمني أثناء ثورة يناير".

نَسألُ اللهَ أَنْ يُلْهمنا رُشدَنا، وأن يُوفِقَنا إلى سواء السبيل، وأن يَحْفظَ مصرَ وأهْلَها مِنْ كُل مكروهٍ وسوء.

الأربعاء 20 مِن شعبان 1438هـ

17 مايو 2017م

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com