الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)

كل مَن تلبس بهذه الصفات فقد تلبس بصفات المنافقين ما لم يتب إلى الله -تعالى-

(وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)
خالد آل رحيم
الجمعة ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧ - ٢١:٠٧ م
958

(وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) (التوبة:47)، في سورة عظيمة تتحدث عن غزوة عظيمة، أنزلت هذه الآية في سورة التوبة (الفاضحة)، تتحدث عن غزوة تبوك (العسرة).

وهذه السورة تحدثتْ عن بعض صفات النفاق المذمومة، والتي منها:

- اللمز في الصدقات.

- البخل بما آتاهم الله مِن فضله.

- اتخاذ المسجد الضرار.

- التربص بالمؤمنين.

- الاستهزاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.

- الحلف الكاذب.

- الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف.

وكلها صفات مذمومة قبْل بعثته -صلى الله عليه وسلم- وبعدها، وإلى قيام الساعة، فكل مَن تلبس بهذه الصفات فقد تلبس بصفات المنافقين ما لم يتب إلى الله -تعالى-، وتأمل أغلب هذه الصفات تنم على خبث الطوية وعلى إظهار ما يخالف الباطن، وهذا تعريف النفاق بعينه، فاللمز لمَن ينفق في سبيل الله واتهامه في نياته، والاستهزاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وبأصحابه وبمَن تبعه إلى قيام الساعة، وعلى رأس أولئك: "العلماء"، وتبديل المعروف منكرًا، وجعل المنكر معروفًا، واتخاذ مساجد الضرار (القنوات والصحف، ووسائل الإعلام الحديثة (social media) وغير ذلك...!).

ولكن ما أثار استغرابي ودهشتي هو مقطع مِن هذه الآية، وهو قوله -تعالى-: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ).

قال ابن عاشور -رحمه الله-: "وهذه الجملة اعتراض للتنبيه على أن بغيهم الفتنةَ أشدّ خطرًا على المسلمين؛ لأن في المسلمين فريقًا تنطلي عليهم حيلهم، وهؤلاء هم سذج المسلمين الذين يعجبون مِن أخبارهم ويتأثّرون، ولا يبلُغون إلى تمييز التمويهات والمكائد عن الصدق والحق، وجاء (سَمَّاعُونَ) بصيغة المبالغة؛ للدلالة على أنّ استماعهم تامّ، وهو الاستماع الذي يقارنه اعتقاد ما يُسمع!".

وقال قتادة -رحمه الله-: وفيكم مطيعون لهم، أي يستمعون كلامهم ويطيعونهم"، مع أن الله -تعالى- أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة  أن هؤلاء (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا).

قال القرطبي -رحمه الله-: "والخبال: الفساد والنميمة، وإيقاع الاختلاف والأراجيف".

(وَلَأَوْضَعُوا): أي لأسرعوا بوضع الفتنة بينكم، وأن ما يفعلونه هو الظلم والله -تعالى- عليم به، ومع ذلك أخبرهم -تعالى- أن فيهم -أي الصحابة- مَن يستمع إليهم مع كل هذه التحذيرات، فمن الطبيعي أن يتلبس المنافق بكل تلك الصفات؛ لأنه سلك هذا المسلك، ولكن مِن غير الطبيعي أن يكون مِن الفئة المؤمنة التي على الحق مَن يستمع لأولئك؛ فقوله -تعالى-: (سَمَّاعُونَ) للتأكيد؛ فكيف لمَن سلك طريق الحق والنهج القويم أن يستمع لمن يشكك في منهجه ودعوته التي بُنيتْ على أصولٍ: أعظمها الكتاب والسُّنة، وأفعال الصحابة، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؟!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة