الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) (18) تكملة لبعض أحكام عقد الأمان (9)

ما يجوز للمستأمن حمله في الرجوع إلى دار الحرب- الدخول إلى دار الإسلام بغير أمان- نِكَاحُ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْتَأْمِنَةِ...

(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) (18) تكملة لبعض أحكام عقد الأمان (9)
ياسر برهامي
السبت ٢١ أكتوبر ٢٠١٧ - ١١:١٩ ص
1187

(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) (18) تكملة لبعض أحكام عقد الأمان (9)

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ورد في الموسوعة الكويتية أيضًا (ص 179-181) تحت عنوان: "مستأمن":

"مَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْمِنِ حَمْلُهُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ:

34- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُمَكَّنُ الْمُسْتَأْمِنُ إِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ أَنْ يَحْمِل مَعَهُ سِلاَحًا اشْتَرَاهُ مِنْ دَارِ الإِسْلاَمِ، لأَنَّهُمْ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَجُوزُ إِعْطَاءُ الأَمَانِ لَهُ لِيَكْتَسِبَ بِهِ مَا يَكُونُ قُوَّةً لأَهْل الْحَرْبِ عَلَى قِتَال الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِالَّذِي دَخَل بِهِ. فَإِنْ بَاعَ سَيْفَهُ وَاشْتَرَى بِهِ قَوْسًا أَوْ نُشَّابًا أَوْ رُمْحًا مَثَلاً لاَ يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى سَيْفًا أَحَسَنَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْل الأَوَّل أَوْ دُونَهُ مُكِّنَ مِنْهُ) (انتهى).

(قلت: ويُلاحَظ في هذه المسألة أن كل ما يؤدي إلى إعانة الكفار على قتال المسلمين وتقويتهم بالسلاح يُمْنَع منه المستأمن، ومثله المعاهد، وأما ما يُمْكِن أن يُصنَع به سلاح وغيره -كمعدن الحديد- فإنه لا يُمنَع من حَمْله؛ لاحتمال استعماله في وُجوهٍ أُخَر، وإنما تعتبر المقاصد الظاهرة وليس المُحتَملة في هذا الباب).

"الدُّخُول إِلَى دَارِ الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ:

يَخْتَلِفُ حُكْمُ مَنْ دَخَل دَارَ الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ بِاخْتِلاَفِ الأَحْوَال عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أ- ادِّعَاءُ كَوْنِهِ رَسُولاً:

35- مَنْ دَخَل دَارَ الإِسْلاَمِ، وَقَال: أَنَا رَسُول الْمَلِكِ إِلَى الْخَلِيفَةِ، لَمْ يَصَدَّقْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلاَّ إِذَا أَخْرَجَ كِتَابًا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كِتَابَ مَلِكِهِمْ، فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَتَهُ وَيَرْجِعَ؛ لأَنَّ الرَّسُول آمِنٌ كَمَا جَرَى بِهِ الرَّسْمُ جَاهِلِيَّةً وَإِسْلاَمًا، وَلأَنَّ الْقِتَال أَوِ الصُّلْحَ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِالرُّسُل، فَلاَ بُدَّ مِنْ أَمَانِ الرَّسُول لِيُتَوَصَّل إِلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ كِتَابًا أَوْ أَخْرَجَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ، فَهُوَ وَمَا مَعَهُ فَيْءٌ؛ لأَنَّ الْكِتَابَ قَدْ يُفْتَعَل.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لاَ، وَلاَ يُتَعَرَّضُ لَهُ لاِحْتِمَال مَا يَدَّعِيهِ.

وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ تَفْصِيلاً فِي الرَّسُول فَقَال: وَمَا اشْتُهِرَ أَنَّ الرَّسُول آمِنٌ هُوَ فِي رِسَالَةٍ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ هُدْنَةٍ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ رَسُولاً فِي وَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ، فَلاَ أَمَانَ لَهُ، وَيَتَخَيَّرُ الإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَال الأَرْبَعِ كَأَسِيرٍ، أَيِ الْقَتْل، أَوِ الاِسْتِرْقَاقِ، أَوِ الْمَنِّ عَلَيْهِ، أَوِ الْمُفَادَاةِ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ، إِلاَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الأَوَّل" (انتهى).

(قلت: ويُلاحَظ أنه في واقعنا المعاصر: السُّفَراء و"الدبلوماسيون" لا يحتاجون إلى ادعاء رسالةٍ أو غيرها؛ فإن الأمر أصبح ظاهرًا بالتواصل بيْن الدُّوَل، وتَأمَّل أن الراجح عند الشافعية التصديق لمَن ادَّعى أنه رسولٌ؛ تغليبًا لجانب الحفاظ على الدماء ومنع سفكها بغير حق، وكذلك تأمل في ترجيحهم أن مَن حمل رسالة الوعيد والتهديد فهو داخل في معنى الرسول ويُبَلَّغ مأمنه، ليس كما فعل بعض الملوك -كما هو مشهور عن "قُطُز" من أنه قتل رسل التتار-؛ فإن أحكام الشريعة لا تؤخذ مِن تصرفات بعض الملوك مما لم يقره الشرع، وما ذكره الشافعية هو الصحيح؛ فإن رسائل التهديد يرسلها ملوكُ المسلمين ويستقبلونها أيضًا، وليس معنى ذلك حدوث الحرب بالضرورة، بل هذه الوسائل معروفة في الكَرِّ والفَرِّ، ومعروفة في الحرب المعنوية، ولا بد مِن تأمين الرسل -ومَن كان على شاكلتهم مِن "الدبلوماسيين"- لتوصيل هذه المعلومات بيْن بلاد المسلمين وبلاد الكفار).

"ب- ادِّعَاءُ كَوْنِهِ تَاجِرًا:

36- لَوْ دَخَل الْحَرْبِيُّ دَارَنَا وَقَال: إِنَّهُ تَاجِرٌ وَقَال: ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لاَ تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ، وَالْحَال أَنَّهُ تَاجِرٌ، فَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَل مِنْهُ، وَيُرَدّ إِلَى مَأْمَنِهِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا أخذَ بِأَرْضِهِمْ، أَوْ بَيْنَ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَرْضِنَا، وَادَّعَى التِّجَارَةَ، أَوْ قَال: جِئْتُ أَطْلُبُ الأَمَانَ، حَيْثُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: قَصْدُ التِّجَارَةِ لاَ يُفِيدُ الأَمَانَ، وَلَكِنْ لَوْ رَأَى الإِمَامُ مَصْلَحَةً فِي دُخُول التُّجَّارِ، فَقَال: مَنْ دَخَل تَاجِرًا فَهُوَ آمِنٌ، جَازَ، وَمِثْل هَذَا الأَمَانُ لاَ يَصِحُّ مِنَ الآْحَادِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَال: ظَنَنْتُ أَنَّ قَصْدَ التِّجَارَةِ يُفِيدُ الأَمَانَ فَلاَ أَثَرَ لِظَنِّهِ، وَلَوْ سَمِعَ مُسْلِمًا يَقُول: مَنْ دَخَل تَاجِرًا فَهُوَ آمِنٌ، فَدَخَل وَقَال: ظَنَنْتُ صِحَّتَهُ، فَالأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْبَل قَوْلُهُ، وَلاَ يُغْتَال.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ دَخَل وَادَّعَى أَنَّهُ تَاجِرٌ وَكَانَ مَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، قُبِل مِنْهُ، إِنْ صَدَّقْتَهُ عَادَةً، كَدُخُول تِجَارَتِهِمْ إِلَيْنَا وَنَحْوِهِ، لأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مُمْكِنٌ، فَيَكُونُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقَتْل، وَلأَنَّهُ يُتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَلاَ يُتَعَرَّضُ لَهُ، وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ مَجْرَى الشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، وَانْتَفَتِ الْعَادَةُ، لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ، لأَنَّ التِّجَارَةَ لاَ تَحْصُل بِغَيْرِ مَالٍ، وَيَجِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْعِصْمَةِ" (انتهى).

(قلتُ: الصحيح في هذه المسألة أن يُقبَل قولُه، وذلك لحديث توبة كعب بن مالك، حيث قال فيه: "وإذا نَبَطِيّ من أنباط الشام ممن جاء يبيع الطعام بالمدينة يقول: مَن يدل على كعب بن مالك؟... الحديث"؛ وهو ظاهر في أنه دخل المدينة بأمان التُجَّار، ولم يكن هناك خصوصية بأن قال له مُسْلِمٌ: "مَن دخل تاجرًا فهو آمن"، بل بمجرد وجود البضاعة التي تدل على تجارته فهو آمنٌ، كما نص عليه المالكية مِن أنه يُقبل قوله بذلك، ويرد إلى مَأمَنِه، ونظر الإمام في مصلحة المسلمين في هذا الباب لا يَلزَم منها اغتيالُه، بل إذا رأى المصلحة في غير بقائه رُدَّ إلى مأمنه، ولم يُقَرّ حتى يبيع ما جاء ببيعه، والله أعلم).

"ج- ادِّعَاءُ كَوْنِهِ مُؤَمَّنًا:

37- مَنْ دَخَل دَارَنَا وَقَال: أَمَّنَنِي مُسْلِمٌ، فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُصَدَّقُ؛ لأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ثَبَتَ فِيهِ حَيْنَ تَمَكَّنُوا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ ظَاهِرٍ لَهُ، فَلاَ يُصَدَّقُ فِي إِبْطَال حَقِّهِمْ، وَلَكِنْ إِنْ قَال مُسْلِمٌ: أَنَا أَمَّنْتُهُ قُبِل قَوْلُهُ؛ لأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ، فَقُبِل قَوْلُهُ فِيهِ كَالْحَاكِمِ إِذَا قَال: حَكَمْتُ لِفُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ إِلَى أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلاَ بَيِّنَةٍ، تَغْلِيبًا لِحَقْنِ دَمِهِ، فَلاَ يُتَعَرَّضُ لَهُ، لاِحْتِمَال كَوْنِهِ صَادِقًا فِيمَا يَدَّعِيهِ؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَدْخُل بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَفِي مُقَابِل الأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ لإِمْكَانِهَا غَالِبًا" (انتهى).

(قلتُ: وتأمل في الأصح مِن مذهب الشافعية والحنابلة في وجهٍ عندهم إلى أن مَن ادعى الأمان أنه يصدق بلا بينة؛ تغليبًا لحقن دمه، وهذا يَدُلّك على فقه علماء المسلمين في مسألة الدماء في الجملة).

"نِكَاحُ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْتَأْمِنَةِ:

38- صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْحَرْبِيَّةَ الْمُسْتَأْمِنَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَقَدْ تَوَطَّنَتْ وَصَارَتْ ذِمِّيَّةً.

مَا يَتَرَتَّبُ لَلْمُسْتَأْمِنَةِ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ حُقُوقٍ:

39- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمُسْتَأْمِنَةَ الْكِتَابِيَّةَ كَمُسْلِمَةٍ فِي نَفَقَةٍ، وَقَسْمٍ، وَطَلاَقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا؛ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ.

التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُسْتَأْمِنِ وَزَوْجَتِهِ لاِخْتِلاَفِ الدَّارِ:

40- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا خَرَجَ إِلَيْنَا مُسْتَأْمِنًا، أَوِ الْمُسْلِمَ إِذَا دَخَل دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لَمْ تَقَعِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ؛ لأَنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارِ عِبَارَةٌ عَنْ تَبَايُنِ الْوِلاَيَاتِ وَذَلِكَ لاَ يُوجِبُ ارْتِفَاعَ النِّكَاحِ، وَلأَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمِنَ مِنْ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنَّمَا دَخَل دَارَ الإِسْلاَمِ عَلَى سَبِيل الْعَارِيَةِ لِقَضَاءِ بَعْضِ حَاجَاتِهِ لاَ لِلتَّوَطُّنِ.

التَّوَارُثُ بَيْنَ الْمُسْتَأْمِنِينَ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ:

41- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مُسْتَأْمِنَيْنِ فِي دَارِنَا إِنْ كَانَا مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا يَثْبُتُ بَيْنَ مُسْتَأْمِنٍ فِي دَارِنَا وَحَرْبِيٍّ فِي دَارِهِمْ، لاِتِّحَادِ الدَّارِ بَيْنَهُمَا حُكْمًا، هَذَا فِي الْجُمْلَةِ.

الْمُعَامَلاَتُ الْمَالِيَّةُ لِلْمُسْتَأْمِنِ:

42- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْمِنَ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ كَالذِّمِّيِّ إِلاَّ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَعَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِ بِالْعُقُوبَاتِ غَيْرَ مَا فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ، وَفِي أَخْذِ الْعَاشِرِ مِنْهُ الْعُشْرَ، لأَنَّهُ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الإِسْلاَمِ أَوْ أُلْزِمَ بِهَا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِهِ، لإِمْكَانِ إِجْرَاءِ الأَحْكَامِ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ، فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الذِّمِّيَّ فِي مُعَامَلاَتِهِ مَعَ الآْخَرِينَ، وَعَلَى هَذَا فَلاَ يَحِل أَخْذُ مَالِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، بِخِلاَفِ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمِنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ لَهُ أَخْذُ مَالِهِمْ بِرِضَاهُمْ وَلَوْ بِرِبَا أَوْ قِمَارٍ؛ لأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ لَنَا إِلاَّ أَنَّ الْغَدْرَ حَرَامٌ، وَمَا أُخِذَ بِرِضَاهُمْ لَيْسَ غَدْرًا مِنَ الْمُسْتَأْمِنِ بِخِلاَفِ الْمُسْتَأْمِنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا؛ لأَنَّ دَارَنَا مَحَل إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، فَلاَ يَحِل لِمُسْلِمٍ فِي دَارِنَا أَنْ يَعْقِدَ مَعَ الْمُسْتَأْمِنِ إِلاَّ مَا يَحِل مِنَ الْعُقُودِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ لاَ يَلْزَمُهُ شَرْعًا وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ" (انتهى).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة