الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

منازل الإيمان... (منزلة الرضا) (4)

الرضا روح الدين وحياته

منازل الإيمان... (منزلة الرضا) (4)
إبراهيم بركات
الأحد ٠٧ يناير ٢٠١٨ - ١٨:٥٢ م
1238

منازل الإيمان... (منزلة الرضا) (4)

كتبه/ إبراهيم بركات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تتمة أسباب الترقي والوصول للرضا عن الله -عز وجل- في كل مقدور:

1- العبد يرضى مع اليقين، فإن لم يستطع يصبر، فإن لم يوفـَّق وقع في السخط والخسران.

2- الرضا مال النبيين والصديقين.

3- الرضا روح الدين وحياته؛ فهو روح التوكل واليقين، والمحبة والشكر، والرضا حمد الله بالقلب فإن رضي وشكر؛ يظهر أثر ذلك على الجوارح والأحوال.

4- الرضا يثمِر حياة القلب التي يغنيه عن كثير مِن عبوديات الجوارح، فمَن توكل على الله ورضي بقدر الله؛ فقد أقام الإيمان، وفرَّغ يديه ورجليه لكسب الخير، وأقام الأخلاق الصالحة التي تصلِح للعبد أمره.

5- الرضا يفتح باب حسن الخُلُق مع الله -تعالى- ومع الناس، فإن حسن الخلق مِن الرضا، وسوء الخلق مِن السخط، وحسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وسوء الخلق يأكل الحسنات كما تأكل النار الخطب.

6- الرضا يثمِر سرور القلب، وطيب النفس وخشوعها، وطمأنينة القلب عند كل مفزع مهلع، ويثمر القناعة والاغتباط بقسمه مِن ربه، وفرحه بقيام مولاه عليه، واستسلامه لمولاه في كل شيء، ورضاه منه بما يجريه عليه، وتسليمه له كل قضاياه وأحكامه، واليقين بحسن تدبيره وكمال حكمته، وينقيه ويذهب عنه شكوى ربه إلى غيره، وتبرمه بقضائه؛ فهو حَسَن الخلق مع ربه؛ لا يعترض ولا يتسخط، ولا يطلق لسانه على أقدار الله، فالرضا يثمِر ذهاب الهم والغم والحزن عن صاحبه.

7- حظ الخَلْق مِن اليقين على قدر حظهم مِن الرضا، وحظهم مِن الرضا على قدر رغبتهم في الله.

8- الرضا يثمر الحياء مِن الله، وإمساك اللسان إلا عن خير.

9- النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل الله الرضا بالقضاء، فسؤال الرضا قبل البلاء شيء وهو عزم على الرضا، وتحقيقه بعده هو المراد.

10- الرضا بالقدر يخلِّص العبد مِن إرضاء الناس بسخط الله، وأن يذمهم على ما لم يؤته الله أو يحمدهم على ما هو عين فضل الله، وشكر الناس مأمور به شريطة اليقين أن ذلك بتيسير الله وحده، وأن الناس ما همْ إلا وسائل.

11- الرضا ترك الاختيار وسرور القلب بمُر القضاء، وإسقاط التدبير مِن النفس حتى يحكم الله لها أو عليها، وكان مِن دعاء عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "اللهم رضني بقضائك، وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته، ولا تأخير شيء عجلته!".

12- عدم الرضا يوقع العبد في لوم المقادير، والحق لو قضى الله شيئًا مِن الخير للعبد لكان، ولو قضى زوال مكروه للعبد يؤلمه لكان، ولكن ليس مِن الإمكان أفضل مما كان مِن اختيار الرب الديان للعبد المسكين الحيران.

13- الرضا بما رضية الرحيم الودود المنان لعبده الجاهل الظلوم فيستوي عنده الأمران.

14- عدم التقدم بيْن يدي الله ورسوله في حكمه الديني الشرعي، والرضا به وعنه، وكذلك عدم التقدم في حكمه الكوني القدري إلا بأمره الكوني والديني، أي الصبر والرضا على المقدور؛ وإلا فقد تقدم بيْن يدي الله ورسوله، وهو عين الخسران، وحبوط الأجر والأعمال.

15- الله -عز وجل- شكور، يشكر على قليل العمل وكثيره، ومتى كان العمل مستكملًا للشرائط منتفيًّا عن الموانع، محققًا للإيمان والإخلاص؛ فلا بد أن يَظهر ذلك على ظاهر العبد وباطنه، فمعاملة العبد ربه لو كانت صحيحة سليمة لا عله فيها ولا غش؛ لا بد أن تثمِر الأنس والرضا، والمحبة والسعادة، وعدم رؤية العمل أثمرتْ كل خير متوالد يتكاثر ولا يتوقف، فإن الرب -تعالى- شكور إذا وصل إليه عمل عبده وصعد إلى السماء متخطيًا الموانع والعقبات التي بيْن القلب وبيْن الرب، وبعد أن تخطى العلائق والعوائد والعوائق التي بيْن النفس والقلب؛ فالله يجمّل به ظاهر العبد وباطنه، ويتبين عليه مِن حقائق المعرفة والإيمان بحسب عمله، فحيث إن لم يوجد أثر في القلب وهجمت النفس عليه فطغت به، وراءتْ وتكبرت، ورأى صاحب العمل عمله؛ فقد حبط علمه، وليس له مِن بركات الإيمان شيء يَظهر عليه، ويتحقق فيه.  

16- الله -سبحانه وتعالى- يَنظر إلى القلوب والهمم والعزائم؛ لا إلى صور الأعمال، وقيمة العبد همته وإرادته، وما في قلبه، وأعمال القلوب ليس لها حد في تضعيفها كحال الجوارح التي لها حد تنتهي إليه وتقف عنده؛ فأهل الجنة يدخلون الجنة فضلًا مِن الله ونعمة، ويتفاضلون في الدرجات بأعمالهم، ويخلدون في النعيم بأعمال قلوبهم ونياتهم؛ حيث أنهم لم يريدوا غير الإيمان بديلًا، والإسلام دينًا، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا، وهذا هو الرضا؛ فكأن الرضا ذروة سنام الأمر، ومفتاح الخلود في روح وريحان، وصحبة الأخيار في الجنان.

17- حد الرضا: الرضا عن الله في كل شيء.

وحد الورع: التورع في كل شيء (ترك ما لا ينفع).

وحد الزهد: مَن زهد في غير الله (ترك ما يضر).

والراضي يرضى بما يختاره مولاه؛ إن شاء أحياه، وإن شاء أماته، فإن مَن أحب البقاء للخدمة والعبودية والتقرب والبذل؛ فهو محب لمراد الله منه؛ لم يشبع منه، ولم يقضِ منه وطرًا، وأدناها مَن حب الموت شوقًا إلى الله ولقائه فهو محب لحظه مِن الله، ومَن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه.

فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وارضى عنا، وارزقنا الرضا عنك.

وصلِّ اللهم وسلم على محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com