الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فيتبعون أحسنه (2)

أي عقل عند إنسان يدرك أن مصلحته ومنفعته في أمرٍ ثم لا يفعله؟!

فيتبعون أحسنه (2)
أحمد شكري
الأحد ١٤ يناير ٢٠١٨ - ١٠:٤٧ ص
1345

فيتبعون أحسنه (2)

كتبه/ أحمد شكري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى- في سورة "الزمر": (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ . الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:17-18).

فبيَّن -سبحانه- أن وظيفة العقل ليستْ فقط التمييز بيْن الحسن والقبيح، بل فوق ذلك إيجاد العزيمة على اتباع الحسن، والقيام به وتطبيقه؛ فأولو الألباب هم مَن يتبعون الأحسن، وليس فقط يدركونه مجرد إدراك ذهني، بعيد عن الحركة والتطبيق.

وأي عقل عند إنسان يدرك أن مصلحته ومنفعته في أمرٍ ثم لا يفعله؟!

لقد ضرب القرآن الكريم لأولئك الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه أسوأ المثل؛ حيث قال -تعالى-: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ) (الجمعة:5)، وقال -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف:175-176).

سبحان الله!

ما أسوأ هذا الحال أن يكون مثل العبد، كمثل الحمار أو كمثل الكلب!

وهو لم يصل إلى هذه الحال بسبب عجزه عن التمييز النظري بيْن الحسن والقبيح، بل بسبب تركه للعمل بالأحسن!

فلا يستحق العبد أن يُمدح بكونه مِن أولي الألباب بمجرد قدرته على التنظير والتأصيل، والتحليل والنقد، بل لا يستحق هذا المدح إلا أن يظهر ذلك في عمله وسلوكه.

ومَن تدبر فيما نتداوله على مواقع التواصل، وما نعيد نشره مِن المواعظ والحكم والوصايا يجد فيها فعلًا ما بلغ الغاية في البلاغة والنفع، لكن عندما نرى أحوالنا، وما نحن عليه مِن تقصير؛ يجد البون واسعًا، والفرق كبيرًا.

وقد قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- لذلك الذي يسمع الموعظة ولا يعمل بها: "إذا كنتَ كلما أخذتَ لقمة ألقيتها خلف ظهرك؛ فمتى تشبع؟!".

نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا ممَن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً