السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (7)

(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (7)
أسامة شحادة
الثلاثاء ٢٠ فبراير ٢٠١٨ - ١٧:١٤ م
1223

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (7)

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "هذا أمرٌ منه -تعالى- للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبّت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبّر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعدٌ مِن كريمٍ صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، مِن الثبات وغيره" (انتهى).

فكيف يكون نصر الله -عز وجل- اليوم؟!  

7- (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ):

يحتاج المؤمنون لنصرة دين الله -عز وجل- ونزول نصر الله عليهم أن يكونوا مع صحة إيمانهم، وسلامة عباداتهم، وحسن أخلاقهم ورعايتهم للعلم، وقيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحكمةٍ، والدعوة إلى الله -عز وجل- بفقهٍ وفهمٍ - يحتاجون مع هذا كله للوعي السديد للأشياء والأحداث والأخبار، والفهم الصائب لما يجري مِن حولهم؛ وإلا وقعوا في فخاخ الأعداء أو تهور مضر وردات فعل سلبية.

ولنا في قصة الهدد مع سليمان -عليه السلام- عبْرة بالغة في ضرورة تحري الصدق في الأخبار والتثبت منها، فقال -تعالى- عن الهدد: (أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (النمل:22)، فكان الموقف النبوي الحكيم مِن سليمان -عليه السلام-: (قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، وكم يغيب هذا المنهج النبوي والقرآني عن كثيرٍ مِن الفضلاء والأخيار في التثبت مِن الأخبار، خاصة في زمننا الذي شعاره: "الكذب طريق النجاح!"، وكم ترتب على تصديق الأكاذيب مِن الأخيار، بل في تعمد بعض قادة الجماعات والحركات الكذب (لمصلحة الدعوة) في جلب الكوارث والمصائب على الإسلام والمسلمين، مِن خلال نشر وعي زائف ومضلل بيْن الجماهير بتأييد بعض الطواغيت أو تشريع ما لم يأذن به الله -عز وجل-.

ومِن الوعي المطلوب ترسيخه بيْن الجماهير: الثقة بمواقف العلماء الراسخين، ولو بدت غير سليمة عند العامة والدهماء، وقد أثبتت الأحداث العصرية المتكررة أن مواقف وأراء العلماء كانت أكثر صوابًا مِن خصومهم الذين خوَّنوهم وطعنوا فيهم ثم عادوا يسيرون على منهجهم دون اعتذارٍ أو اعترافٍ إلا مِن قلةٍ نادرة كما فعل د."القرضاوى"، ود."النفيسي" حين صرحا بخطأ موقفهم في الثقة والتعاون مع الشيعة في لعبة التقريب بيْن السُّنة والشيعة، وفي قصة موسى -عليه السلام- مع الخضر عبرة وعظة لكل عاقل أن العالِم الراسخ قد يقوم بعملٍ أو تصرف فيه نوع شر لمصلحةٍ راجحة أو لدفع مضرةٍ أشر، وقد نبَّه الخضر موسى -عليه السلام- أن هذا أمر شاق: (قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا . وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا) (الكهف:67-68).

ومِن هنا فإن على أهل العلم أن يحاولوا بقدر طاقتهم تفسير مواقفهم للعامة، وما هي المفاسد الضخمة التي يدفعونها، وما هو الخير الذي يستجلبونه؛ وإلا فإن الشيطان والدعاية الكاذبة ستملأ الفراغ، وتقود الناس للمهالك بالوقوع في المفاسد التي يخشاها العلماء، ويقطعون في أعراض العلماء ودينهم، وهذه كلها ذنوب تبعد نصرة الله -عز وجل- عن طالبها!

ونوع ثالث مِن الوعي يلزم استحضاره في أوقات الفتنة والمصاعب العصبية وهو الثبات على الحق الصراح، ولو انحرف بعض القدوات للباطل، وقد عبَّر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية يوم معركة "شقحب" مع التتار، فكان يدور على الجند والناس ويقول: "إذا رأيتموني وأنا في ذلك الجانب -أي مع التتار- وعلى رأسي المصحف فاقتلوني!".

الوعي منزلة زائدة عن سلامة الاعتقاد والمنهج والأخلاق، وهذا سبب ضلال كثير مِن العباد والناس، واتباعهم سبيل الفرق الضالة: "كالخوارج والشيعة" قديمًا، وخلف المستشرقين والعلمانيين حديثًا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً