أبو قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- يفوز بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم-
كتبه/ زين العابدين كامل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما
بعد؛
فلقد وردت بعض الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه
وسلم- تتضمن فوز الكثيرين مِن الصحابة -رضي الله عنهم- بدعائه -صلى الله عليه
وسلم- لهم، ومِن هؤلاء السعداء: أبو قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-، فقد روى
الإمام مسلم في صحيحه عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: (إِنَّكُمْ
تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ الْمَاءَ -إِنْ شَاءَ
اللهُ- غَدًا)، فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ،
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَسِيرُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ -أي انتصف-، وَأَنَا إِلَى
جَنْبِهِ، قَالَ: فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،
فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَأَتَيْتُهُ، فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ
حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى تَهَوَّرَ
اللَّيْلُ -أي ذهب أكثره- مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، قَالَ: فَدَعَمْتُهُ مِنْ
غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ سَارَ
حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ، مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ
الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ، فَأَتَيْتُهُ
فَدَعَمْتُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: (مَنْ هَذَا؟)
قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ: (مَتَى كَانَ هَذَا
مَسِيرَكَ مِنِّي؟) قُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ،
قَالَ: (حَفِظَكَ اللهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ)
(رواه مسلم).
فتخيل كيف بات أبو قتادة -رضي الله عنه- ساهرًا
لحماية النبي -صلى الله عليه وسلم- وراحته؟! ففي الحديث دلالة واضحة على قدر محبة أبي قتادة -رضي الله عنه- للرسول -صلى
الله عليه وسلم- ويظهر ذلك جليًّا في قوله -رضي الله عنه-: "فَدَعَمْتُهُ
مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ" أي: برفق ولين!
ومِن دلالات الحديث أيضًا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحفظ المعروف، ويكافئ عليه، ويدعو لصاحبه؛
لذا كافأ النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا قتادة على حُسن صنيعه، فدعا له هذه
الدعوة المباركة، وقد أمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بمكافأة مَن صنع إلينا
معروفًا، فقال: (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا
فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى
تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com