أثر الشائعات على الأفراد والمجتمعات (موعظة الأسبوع)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما
بعد؛
الغرض مِن الموعظة:
التحذير مِن خطر الشائعات وأثرها على المجتمعات
والأفراد، ولا سيما بعد انتشار وسائل الإعلام الحديثة، واحتراف بعضها الإرجاف
والأخبار الكاذبة والملفقة حتى صار منهجًا لها.
المقدمة:
- التنبيه على خطر الشائعات، وكم أفسدت ودمرت على
جميع المستويات والمجالات: (صد عن سبيل الله - سقوط دول وكيانات - حروب وصراعات - شيوع الفوضى وإهدار
الدماء - تفكيك الأسر والعائلات وتقطيع الأرحام - اتهام وتشويه الصالحين والأبرياء
- وغير ذلك مِن الآثار المدمرة).
(1) حكم الشائعات في الإسلام:
- أهمية التعريف بالشائعات: الشائعة مصدر أشاع، وشاع الخبر في الناس شيوعًا، أي: انتشر وذاع وظهر.
والشائعة هي: الأخبار التي لا يُعلم مَن أذاعها، فلو سألتَ مَن ينقل الشائعة عن
مصدرها سيقول لك: قالوا! زعموا! والشائعة: نشر الأخبار التي ينبغي سترها؛ لأن فيها
إيذاءً للناس.
- الشائعات مِن أعظم أنواع الكذب والبهتان: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنَّ الْكَذِبَ
يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ
الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا) (متفق عليه).
- الشائعات إيذاء للأبرياء وإفساد للمجتمعات: قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب:58).
- ترويج الإشاعات إرجاف في مجتمعات المسلمين وهو
مِن أخلاق المنافقين: قال الله
-تعالى-: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ
وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ
بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا . مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا
ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا) (الأحزاب:60-61).
- ترويج الشائعات سلوك المجرمين في كل زمان: قال -تعالى-: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذاريات:52)، وقال
تعالى-: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ
رَيْبَ الْمَنُونِ) (الطور:30).
(2) أثر الشائعات في بعض المجالات:
- أثر الشائعات في الصدِّ عن سبيل الله وتشويه
الصالحين والحرب على الدعوات: (ينظر قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي، وأثر الحملة الإعلامية القرشية في
مواسم الحج).
- أثر الشائعات في إحداث الفوضى في المجتمعات: (ملخص خروج الثوار الفجار على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أمير الأبرار!).
- أثر الشائعات في انتهاك الأعراض وتفكيك الأسر
وتقطيع الأوصال والعلاقات: (ملخص قصة الإفك ومعاناة أشرف أسرة في الكون وخدش المقام النبوي والقيادة
العليا للمسلمين - تثاور الأوس والخزرج في المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- على
المنبر!).
- أثر الشائعات في أثناء الحروب في هدم
المعنويات: (إشاعة خبر
موت النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أُحد وأثره على سير المعركة - إرجاف المنافقين
في المدينة بالأخبار الكاذبة أيام الأحزاب).
(3) واجبنا في مواجهة الشائعات:
أولًا: استحضار مراقبة الله وإحصائه لأقوالنا
وأعمالنا، واستحضار عاقبة ترويج الإشاعات بيْن الناس: قال -تعالى-: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا
لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق:18)، وقال
-تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي
الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) (آل عمران:5)، وقال
-تعالى-: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي
الصُّدُورُ) (غافر:19)، وقال -تعالى-: (وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ
هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)
(الكهف:49)، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا
بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب:58).
ثانيًا: استشعار خطورة الكلمة التي ينطق بها: قال -تعالى-: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ
وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ
هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15)، (تَلَقَّوْنَهُ): لسان عن لسان بلا تثبت وتبين. وقال
النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الرَّجُلَ
لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ
خَرِيفًا فِي النَّارِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
ثالثًا: التثبت عند التلقي والسماع: قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ)
(الحجرات:6)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَفَى
بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
رابعًا: إرجاع الأمر لأهل الاختصاص، والتروي وعدم
التسرع في التفاعل مع الشائعة (لا سيما وسائل الإعلام الفاسدة ووسائل الاتصال
الحديثة، والتي صارت مِن أعظم أسباب انتشار الشائعات): انظر سبب نزول قول الله -تعالى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ
أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى
الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء:83).
نسأل الله أن يجنبنا شر الشائعات، وأن يحفظنا مِن
الوقوع في شرها والترويج لها، وأن يحفظ ألسنتنا وجوارحنا مِن الإعانة عليها.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com