الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أين الطريق؟ وماذا نحن فاعلون؟! (1)

القضية كلها الآن فيمن بقي حيًّا؛ هل نأمن أن يصيبنا ما أصاب غيرنا؟!

أين الطريق؟ وماذا نحن فاعلون؟! (1)
صبري سليم
الأحد ٠١ أبريل ٢٠١٨ - ١٨:١١ م
1724

أين الطريق؟ وماذا نحن فاعلون؟! (1)

كتبه/ صبري سليم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أيها الحبيب: اعلم أن كثيرًا ممَن ينتسبون إلى أمة الإسلام يعيشون حياة الغفلة والانصراف، والجهل التام بشريعة الإسلام، فإذا لحق بالأمة خطب مفاجئ أو أزمة مقلقة؛ قاموا يقولون: ماذا نفعل؟! وما المخرج؟! وأين الطريق؟!

بل ربما تعجل بعضهم، وقال: نفعل كذا، وينبغي أن يكون كذا... وينطلق لحماسه متعجلًا ليدعو إلى أي شيء أو ليفعل أي شيء مِن غير رؤية ولا نظر، ولا رجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا استرشاد واستنارة بتوجيه أهل العلم والنظر، والله -تعالى- يقول: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء:83).

فأهل العلم وأهل الدين والخبرة هم القادرون -بإذن الله- في خضم الفتن على إرشاد المسلمين وتوجيههم في معالجة الأحداث توجيهًا سليمًا، يستند إلي شرع الله.

الابتلاء وأنواعه:

والابتلاء سنة في الناس عامة، وفي المؤمنين خاصة، قال الله -تعالى-: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2)، وقال -تعالى-: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (آل عمران:186)، وقد يبتلي الله -سبحانه وتعالى- المسلمين بتقصيرٍ حدث مِن بعضهم، كما حدث ذلك في غزوة "أُحد" لما خالف الرماة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم النزول مِن على الجبل في حال النصر أو الهزيمة، فلما خالفوا عند رؤيتهم الغنائم فنسوا أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونزلوا؛ انقلب النصر هزيمة، وقُتل مِن المسلمين سبعون رجلًا؛ قال الله -تعالى- لهم في ذلك: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:165).

فما أكثر العلل التي تشتكي منها الأمة، وما أقل الدواء!

وما يحاك بالأمة الآن دلَّ عليه قوله -تعالى-: (وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (النساء:79)، وقوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (الشورى:30).

هكذا حال المسلمين اليوم! فهل يعي المفرِّطون مِن المسلمين في العالم الإسلامي اليوم أن كل بلاء يحل بالأمة هو بتفريطهم وبما كسبت أيديهم؟!

أليس قد أخبر نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا)، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ)، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)؟!

فهل يليق بنا نحن المسلمين أن يكون حالنا هكذا مثل غثاء السيل الذي يحمل كل بلاء؟!

ثم بيَّن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن الأمة بهذا الوصف، سينزع الله -تعالى- مِن قلوب أعدائها المهابة منهم؛ فلا يخافوننا ولا يهابوننا، ولا يعملون لكياننا أدنى اعتبار، بعد أن كان المسلمون يُنصرون بالرعب الذي يلقيه الله في قلوب أعدائهم؛ وسبب هذا كله كما بيَّن الرسول في نهاية الحديث أنه يُلقى في قلوب المسلمين الوهن الذي هو حب الدنيا وكراهية الموت! وأكثر ما نرى ذلك في زماننا هذا مِن طغيان الماديات، والانكباب على الدنيا على حساب الآخرة!

فتن يتبع بعضها بعضًا:

إن الناظر في واقع الأرض الآن؛ يجد الفتن على أشكالها وصنوفها يرقق بعضها بعضًا، منها: فتن القتل والتشريد التي يقع منها على المسلمين الحظ الأوفر في بقعٍ كثيرةٍ مِن بقاع الأرض.

فلا يكاد يمر يومًا حتى نرى دماءً تسيل، وجراحات تنزف، وأطفالًا تُيتم، ونساءً تُرمل، وكل لوعة وألم، وطرد وتشريد، ونرجو الله أن يرحم المستضعفين في جميع بقاع الأرض، كما نرجوه -سبحانه- أن يجعل كل مِن قُتل دون ماله وعرضه شهيدًا.

فإذا صلحت النية، وكان العمل في سبيل الله فهم كذلك، وقد فازو -إن شاء الله-، وغدًا مصيرهم أفضل مِن الحي الذي لا تُؤمن عليه الفتنة، فالقضية كلها الآن فيمن بقي حيًّا؛ هل نأمن أن يصيبنا ما أصاب غيرنا؟! (فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا) (غافر:29).

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة