الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حتى نفوز برمضان (8)

رمضـان... شهر القرآن الكريم تلاوة وتدبرًا

حتى نفوز برمضان (8)
جمال متولي
الخميس ٣١ مايو ٢٠١٨ - ١٠:١٠ ص
844

حتى نفوز برمضان (8)

رمضـان... شهر القرآن الكريم تلاوة وتدبرًا

كتبه/ جمال متولي  

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة:185).

شاء الله -تعالى- أن ينزل القرآن الكريم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان المبارك، وكان لهذا التنزيل المبارك في هذا التوقيت الفضيل عناية خاصة عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذا عند السلف الصالح -رضي الله عنهم-؛ وذلك لينتبه المسلمون إلى الارتباط الوثيق بيْن الصيام والعناية بالقرآن الكريم تلاوةً وفهمًا وتدبرًا.

فإن كان النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهو المنزّل عليه كتاب الله -تعالى- العزيز، له عناية ودراسة خاصة به في شهر رمضان المبارك كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ" (متفق عليه)؛ فمِن باب أولى بنا نحن، أن نترك كل شواغلنا -غير الملحة بالطبع- مِن أجل القرآن الكريم؛ فلا صحف، ولا قنوات تلفازية، ولا تضييع للأوقات مع الحواسب أو صفحات اجتماعية، إلخ، ما لم يكن في ذلك كسبًا للأجر الأخروي أو منفعة عملية دنيوية ضرورية؛ تأسيـًّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن ناحية.

ومِن ناحية أخرى: الفوز بشفاعة الصيام والقرآن الكريم معًا، وهما متلازمان؛ جعلهما الله -تعالى- سببًا مِن أهم أسباب فك العقبات الكؤود في الآخرة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ, مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ, فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ, فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

ومما لا شك فيه أن هذه الشفاعة لن تكون مِن نصيب مَن كان القرآن الكريم في يومه ليس أكثر مِن بضع آيات قصار يتلوها تلاوة مرور الكرام؛ فإن الأجر المنصوص عليه مِن نصيب مَن صاحب القرآن الكريم صُحبة حقيقية، صُحبـة تلازم وارتباط وثيـق، صُحـبة استئنـاس وسعادة، صُحـبة فرح وسرور وانشراح صدر، وانفتاح الوعي والقلب لآياته الكريمات، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

فتلاوة القرآن الكريم مع تدبره مع عبادة الصيام والصلوات والقربات مِن آكد ما يؤجر به العبد، ويفوز به مِن رب العالمين، كما قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر:29-30)؛ لذلك كان السلف الصالح وأئمة العلم أنفسهم كالشافعي ومالك وغيرهم -رحمهم الله- كانوا في شهر رمضان يتركون طلب العلم وبذله، وينشغلون بالقرآن الكريم لا غيره.

نسأل الله -عز وجل- أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا. اللهم آمين.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة