الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تأملات في حجة الوداع (3)

الواجب أن نكون كالصحابة في القبول والتسليم للكتاب والسُّنة، والتعلم منهما، والتحكيم لهما

تأملات في حجة الوداع (3)
ياسر برهامي
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٨ - ٢٠:٢٨ م
1548

تأملات في حجة الوداع (3)

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال جابر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ؛ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي".

"ذو الحليفة": ميقات أهل المدينة، وادٍ داخل حرم المدينة، له جاذبية خاصة بقلوب المؤمنين عبْر العصور، وفيه سكينة مُضاعَفة؛ كيف لا وقد شهد البدء المبارك لحجة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحو مِائَة ألفٍ، بل أكثر مِن أصحابه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وزاد العدد حين كان في مكة إلى نحو مائة وأربعين ألفًا؛ جاءوا مِن الأقطار المختلفة، أدركوا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الطريق، أكبر تجمع بشري شهدته الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ إلى هذا اليوم.

فكيف نستغرب السكينة العجيبة والجاذبية الخاصة له؟!

إذ إن أعمال الناس تؤثر على المكان، كما أن المكان المبارك يؤثر في قلوبهم حبًّا لله وشوقًا إليه وإلى عبادته، ثم قبْل ذلك البركة الذي جعلها الله فيه؛ فهو الوادي المبارك، الذي أرسل الله -عَزَّ وَجَلَّ- جبريل -عليه السلام- للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة إحرامه، وهي ليلة الأحد السادس والعشرين مِن ذي القعدة؛ إذ قد خرج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن المدينة بعد أن صلى الظهر أربعًا في مسجده مِن يوم السبت لخَمسٍ بقين مِن ذي القعدة، وصلى بذي الحليفة ركعتين.

ومِن أسماء هذا الوادي: وادي العقيق، والوادي المبارك، وهو المشهور عندنا نحن المصريين بـ"أبيار علي"؛ نسبة إلى سلطان إفريقي يقال له: "علي"، حَفَر بها أبيارًا للحجيج، وليس بعلي بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

صَلَّى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بها -بذي الحليفة- العصر ركعتين، والمغرب، والعشاء ركعتين، والصبح، والظهر مِن يوم الأحد، وأحرم بعد الظهر، وفي تلك الليلة أتاه آتٍ مِن ربه فقال: (صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ) (رواه البخاري)، وهو دليل صريح أن إحرام النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قِرانًا منذ بداية حجه.

وبيات النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذي الحليفة وبقاؤه هذه المدة للصلاة في هذا المكان المبارك، ولعل ذلك أيضًا لكي يلحقه مَن أتى المدينة يريد أن يحج معه مِن المسلمين؛ فلا يفوتَنَّك أخي الحاج والمعتمر أن تصلي في هذا الوادي المبارك.

ومِن السنن المهجورة: الصلاة بالمسجد في ذي الحليفة قبْل دخول المدينة المنورة للقادم مِن مكة أو غيرها؛ روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج مِن مكة المكرمة يصلي في مسجد الشجرة، وهو مسجد ذي الحليفة، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح، وسمي مسجد الشجرة؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينزل تحتها عنده.

وحديث أنس في الصحيح: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ" (متفق عليه)، أوضح دليل على عدم جواز القصر ولا الجمع، ولا الترخص برُخَص السفر -كالفطر في رمضان- لمَن كان على أهبة السفر وهو لم يغادر الحضر؛ خلافًا للمذهب الشاذ الذي انتشر عند بعض المتأخرين خلافًا للسُنَّة الصحيحة الصريحة، ولعامة أهل العلم، قال ابن عبد البر -في الفطر في الحضر لمَن هو على أهبة السفر-: "الفطر في الحضر ليس له حظ مِن نظر ولا أثر!" (انتهى). وكذلك الجمع والقصر.

وقد اشتبه عليهم حديث أنس -رضي الله عنه-؛ فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَرًا، وَقَدْ رُحِلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ، وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ، فَقُلْتُ لَهُ: سُنَّةٌ؟ قَالَ: "سُنَّةٌ" ثُمَّ رَكِبَ -أي مسافرًا-. (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وليس في الحديث أن ذلك كان في الحضر، بل أهبة السفر كانت ولم تزل تكون خارج البلد، ومَن خرج مِن البلد وغادر بيوتها كان له الفطر والقصر والجمع -ولو كان يرى البيوت-؛ لأنه شرع في السفر، والمطار يكون غالبًا خارج البلد، وكذا الميناء، أما داخل البلد فلا يجوز القصر ولا الجمع، ولا الفطر حتى يضرب في الأرض كما هو ظاهر الكتاب والسُّنة.

وفي خروج أسماء بنت عميس -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- وهي إذ ذاك زوجة أبي بكر الصديق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وهي حاملٌ مُتِمٌّ على وشك الولادة -إذ إنها وضعت محمد بن أبي بكر في ذي الحليفة- دليلٌ على الهِمَّة العالية للصحابة والصحابيات -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- في الحرص على ملازمة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما أمكنهم، مع صعوبة الطرق، وطول المسافة، وكثرة الزحام، وصعوبة الركوب على الدواب بالنسبة إلى وسائلنا المعاصرة، وعدم تمهُّد المناسك وقتها كما تمهَّدت في زماننا.  

ومع كل هذا خرجت ولم تعبأ بعدم وجود تجهيزات الولادة في الطريق، ولم يكونوا يعبأون بأمر الطعام والشراب والمبيت، بل ينزلون كل ليلة في الصحراء وينامون فيها؛ فلينظر النساء في زماننا -بل والرجال- إلى هِمَّة أسماء بنت عُمَيس العالية، وتوكلها على الله، وتوكل زوجها الصديق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إذ اصطحبها وهي حاملٌ مُتِمٌّ، ولم يقل لها: "استريحي هذا العام فأنت معذورة!"؛ لعل هِمَمَنا أن ترتفع لتلحق بساقة هممهم ومؤخرها -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-.

ثم لننظر لأسماء بنت عميس -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-؛ كانت زوجة جعفر بن أبي طالب، فلما استشهد في مؤتة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- تزوجها أبو بكر الصديق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فلما مات عنها بعد خلافته تزوجها علي بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ هذا يدلنا على سعة الأمر ويسره عندهم، أن تتزوج المرأة بعد زوجها، وكانت مُحِبَّةً له؛ ولم يتهمها أحد بخيانته وعدم الوفاء له وعدم الحب له، بل أزواجها كلهم مِن أهل الجنة.

وهذا أيضًا يبيِّن لنا أمرًا هامًا مِن أمور التكافل في المجتمع المسلم؛ فأهل مَن يُقتل أو يموت لا يُترَكون ولا يُضيَّعون، بل بسرعة يوجد مَن يكفلهم ويكفيهم أمرَهم، وأحسن ذلك بالزواج والتعدد؛ وهذه مِن أعظم فوائد التعدد وحِكَمه، وأما مجتمعاتنا فترى سرعة زواج المرأة نقيصة فظيعة، كما ترى النساءُ التعددَ عمومًا كأنه نهاية العالم بالنسبة للمرأة، وكأنه أمر غير مطاق! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي الحديث: أن النفساء -ومثلها الحائض- يصح إحرامها، ويستحب أن تغتسل عند الإحرام كسائر المحرمين، وإن كان لا يرفع الغسل حدثها؛ فبالأولى غير الحائض والنفساء؛ فالسًّنة للجميع أن يغتسلوا قبْل الإحرام مع الترجُّل والادِّهان.

وقد تجرد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واغتسل، وكان قد خرج مِن المدينة بعد ما ترَجَّل وادَّهَن ولبس إزاره ورداءه؛ وهذا أفضل مِن لبسهما في ذي الحليفة، بل مِن مكان نزوله بالمدينة، لكن لا يُحرم إلا في ذي الحليفة مِن حيث أحرم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وفيه: أن الحائض والنفساء تفعل كل ما يفعل الحاج، وكذا في العمرة، غير أنها لا تطوف البيت حتى تطهر، ولو انتظرت ما انتظرت، ويلزم زوجها ووَلِيّها ومَحْرَمها الانتظار حتى تطهر؛ فلا يجوز أن يتركها أو يلزمها بالطواف وهي حائض أو نفساء ترخصًا بفتوى ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- المُخالِفة لنص الحديث الصحيح: (غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي) (متفق عليه)؛ فكيف نترك النص الصريح لاجتهادٍ مخالفٍ له؟! مع أنه كان يُجَوِّز ذلك -رَحِمَهُ اللهُ- فقط لمَن تضيع في الطريق، وليس حال بلاد المسلمين اليوم كذلك؛ بل لو تركوها لتمَكَّنَت مِن العودة آمنة سالمة ولا خوف عليها مع حصول الأمن -والحمد لله-.

ثم هو أيضًا رخَّص -رَحِمَهُ اللهُ- في ذلك لمَن تعجز عن العودة؛ أما إذا كانت يمكنها العودة -ولو بعد حين- فهو لا يُرَخِّص لها؛ وقد تَوَسَّع الناس في ذلك توسعًا غير محمود، ومخالِفًا لأصل فتوى ابن تيمية تساهلًا في مخالفة السُّنة؛ بل المَحرم والزوج تحبسه زوجته الحائض والنفساء، كما في الصحيحين أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما سمع أن صفية بنت حيي -رضي الله عنها- قد حاضت قال: (عَقْرَى حَلْقَى مَا أُرَاهَا، إِلَّا حَابِسَتَنَا) (رواه البخاري ومسلم، وابن ماجه واللفظ له)، ظنًّا أنها لم تكن طافت طواف الإفاضة يوم النحر؛ فعزم على أن يُحبس هو ومَن معه ممَن كان مُلَازِمًا له حتى تطهر صفية ثم تطوف بالبيت، فقيل له: "إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ -يوم النحر- وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ"، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَلْتَنْفِرْ) (متفق عليه)؛ لأن طواف الوداع يسقط عن الحائض؛ فوطنوا أنفسكم على اتباع السُّنة يُيسر لكم أمركم.  

قال جابر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ؛ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ؛ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ".

وهذا أكبر تجمع للصحابة في التاريخ، وكل مَن لقي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مؤمنًا مِن هؤلاء فهو صحابي، ولو كان مولودًا أثناء الرحلة المباركة، كمحمد بن أبي بكر.

ولنتذكر يوم خروج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن مكة مع صاحِبِه مهاجرًا يطاردهما المشركون، قال -تعالى-: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).

تذكر كيف كان عدد المسلمين المستجيبين لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم بَارَك الله في هذه الدعوة بعد أن كانوا عشراتٍ فقط مِن المهاجرين وعشراتٍ مِن الأنصار؛ كانوا يوم بيعة العقبة الثانية اثنين وسبعين، تضاعفوا إلى هذا العدد الهائل -قُدِّر بنحو أربعين ألفًا-؛ فبالصدق والإخلاص، والصبر واليقين يبارك الله في الدعوة القائمة على الوحي.

وتأمل في قول جابر -رضي الله عنه-: "وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ"؛ لتعرف منزلة السُّنة مِن القرآن؛ فهي المُوافِقة له المُفَسِّرة المبينة -والتأويل: التفسير في هذا الموضع-، ثم بعد ذلك علينا الالتزام الصادق بعمل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما قال: "وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ"، دون سؤال هل هذا مِن الوحي بالقرآن أم علم علَّمَه الله إياه مِن الحكمة التي هي السُنَّة، كما يحاول زنادقة زماننا نصب الخلاف والعداوة بيْن النصوص مِن الكتاب والسُّنة؛ بل الكل واجب التسليم والقبول، والسُنَّة تفصيل القرآن وبيانه، قال -تعالى-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر:7)؛ فقد أحالَنَا القرآن على طاعة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وامتثال أمره واجتناب نهيه؛ فكيف يحيلنا على مجهولٍ لا يمكن الوصول إليه، أو يمكن أن يختلط بالباطل اختلاطًا لا يمكن تمييز الحق مِن الباطل فيه؟! نعوذ بالله مِن الضلال.

فالواجب أن نكون كالصحابة في القبول والتسليم للكتاب والسُّنة، والتعلم منهما، والتحكيم لهما، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65)، وهذا واجب في العقيدة والعمل والعبادة والمعاملة والسلوك والأخلاق ونظم حياة المجتمع والدولة وفي جميع الأشياء، "وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ؛ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ".

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة